يبدأ القضاء اللبناني استجواب حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة منتصف الشهر الحالي بعد الادعاء عليه بعدة جرائم، من بينها اختلاس وتبييض أموال على هامش تحقيقات أوروبية حول ثروته.
وفتح القضاء اللبناني في أبريل 2021 تحقيقًا محليًا بشأن ثروة سلامة ومصدرها، بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا، ولاحقًا في دول أوروبية أخرى، للاشتباه بضلوعه وشقيقه رجا في قضايا اختلاس أكثر من 300 مليون دولار.
وفي 23 فبراير، ادّعى المحامي العام الاستئنافي في بيروت على سلامة وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك، بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ومخالفة القانون الضريبي.
وهذا الادّعاء، هو الأول الذي يطال سلامة في إطار التحقيق المحلي على خلفية تحقيقات أوروبية، لكنّه ليس أول ادعاء محلي ضده على خلفية قضايا أخرى تتعلق بالإثراء غير المشروع وتهريب أموال إلى الخارج.
وقد أصدرت قاضية قرارًا بمنعه من السفر في وقت سابق.
وبحسب مصادر قضائية، نقلت عنها وكالة فرانس برس، حدد “قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، 15 مارس موعدًا لاستجواب سلامة وشقيقه والحويك، وأرسل مذكرات لإبلاغهم بذلك.
تركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشياتس”، المسجلة في الجزر العذراء، ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة.
ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب، جرى تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.
وفي 28 مارس 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية “يوروجاست” أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو (127.9 مليون دولار) من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة و4 من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و”اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو (5.3 مليون دولار) على التوالي، بين 2002 و2021.
يتراوح جزء كبير من مبلغ بين 300 و500 مليون دولار، اتُّهم سلامة باختلاسه، أودع في حسابات في 12 مصرفًا سويسريًا، وفق ما ذكرت صحيفة زونتاغستسايتونغ الأسبوعية السويسرية، الشهر الماضي.
ومنذ يوليو 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجه بداية ديسمبر، اتهامات لامرأة أوكرانية مقربة منه، بينها غسل أموال واحتيال ضريبي.
تحقيق أوروبي
ومن المتوقّع أن يعود محقّقون أوروبيون إلى لبنان هذا الشهر لمتابعة تحقيقاتهم في ملفات مفتوحة لدى القضاء في 6 دول أوروبيّة. وكان محققون من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ استمعوا الشهر الماضي في بيروت إلى شهادات مديري المصارف والموظفين الحاليين والسابقين في المصرف المركزي.
وتفيد مصادر حقوقيّة في لبنان أن الادعاء المحلي على سلامة قد يعرقل مهمة المحققين الأوروبيين، إذ قد يُسمح لهم بحضور جلسات الاستجواب في إطار التحقيق المحلي، بدلًا من عقد جلسات منفصلة.
نفى سلامة طويلًا الاتهامات الموجهة إليه، معتبرًا أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية “لتشويه” صورته.
ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدًا في العالم، ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو 2023.
يعيش لبنان أزمة صنّفها البنك الدولي بين أشد 10 أزمات ماليّة عالميّة منذ منتصف القرن التاسع عشر في أكتوبر 2019، بدأت بعد توقف المصارف عن العمل لفترة 3 أسابيع، وامتناعها بعد ذلك عن إعادة أموال المودعين المحجوزة منذ ذلك التاريخ، وهي تعادل تقريبًا 100 مليار دولار.