(شينخوا) حولت شركة ((بتروتشاينا)) الأراضي القاحلة بحقل الحلفاية النفطي بمحافظة ميسان جنوبي العراق إلى مدينة صغيرة تنبض بالحياة وتساهم بزيادة إنتاج النفط والغاز وتحسين الوضع الاقتصادي للعراق كون اقتصاده يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط الخام، والتي تمثل أكثر من 90 % من عائدات الدولة.
وتبلغ مساحة الحقل 288 كيلومترا مربعا ويحتوي على أكثر من 300 بئر نفطي، وثلاث وحدات معالجة مركزية للنفط الخام، ومحطتين لتوليد الكهرباء، ومحطة معالجة للمياه، ومطار مدني، وبنايات للمكاتب والمعيشة، ومحطة معالجة للغاز قيد الإنشاء حاليا.
مساعدة العراق
ساهمت الشركة الصينية بشكل كبير برفع الإنتاج النفطي للعراق والاستفادة من الغاز الطبيعي وتوفير فرص عمل للعاطلين.
وقال فانغ جيا تشونغ رئيس مشروع الحلفاية في ((بتروتشاينا)) لوكالة أنباء ((شينخوا)) “باعتبارها واحدة من أولى الشركات الصينية المشاركة بإعادة إعمار العراق بعد الحرب، لم تكتف ((بتروتشاينا)) بخلق ثروة اقتصادية ضخمة للعراق على مدى السنوات العشر الماضية فحسب”، بل “شاركت شركتنا أيضا بنشاط في مشاريع الرفاهية الاجتماعية والصناعية المحلية، وبناء رياض الأطفال وتوفير المياه والكهرباء والطرق وغيرها من البنى التحتية والتدريب”.
وأكد فانغ أن الشركة وفرت العديد من فرص العمل للعراقيين وشجعت الشركات الصينية على دخول السوق العراقية، التي وضعت أساسا جيدا للتعاون الودي بإنتاج الطاقة بين الصين والعراق وبناء مبادرة الحزام والطريق.
بدوره، قال خه يان هوي نائب المدير العام لإدارة الاستكشاف والإنتاج إن “حقل الحلفاية هو أكبر مشروع تديره شركة بتروتشاينا وتكون مشرفا عليه في الخارج”.
وأضاف “حتى الآن وبعد المراحل الأولى والثانية والثالثة لبناء الطاقة الإنتاجية، حققنا نتيجة كبيرة لحقل نفط كبير وحديث تبلغ قدرة إنتاجه السنوي 20 مليون طن”.
وأوضح أن وزارة النفط العراقية أشادت بدور ((بتروتشاينا)) المهم في تعزيز قدرة العراق على إنتاج النفط ودفع التنمية الاقتصادية.
كما تقوم الشركة بإنشاء محطة لمعالجة الغاز الطبيعي في حقل الحلفاية النفطي ما يساعد العراق على الاستفادة من الغاز الذي كان يحرق في الجو ويلوث البيئة، حيث من المتوقع أن يتم إنجازها نهاية العام المقبل.
وقال أو يانغ ون مدير إدارة الجودة والصحة والسلامة وحماية البيئة بالمشروع “بعد التشغيل سيتم تحويل الغاز المصاحب للحقل إلى غاز طبيعي ومنتجات أخرى يمكن استخدامها بشكل مباشر، والتي لا تقتصر فائدتها فقط على تحسين معيشة الناس، بل تحمي البيئة أيضا”.
أما دو بو نائب مدير إدارة الهندسة والبناء بالمشروع فقال “يمكنني القول إنه منذ عام 2010 حتى الوقت الحاضر، قمنا ببناء مدينة صغيرة على هذه الأرض القاحلة، بما في ذلك النفط والغاز والطاقة والماء والاتصالات والطرق”.
وأضاف أن “هذه كلها أشياء عملنا عليها ببطء بيد واحدة وقدم واحدة .. إنها حقا ليست سهلة”.
الحفاظ على البيئة
تعتبر حماية البيئة العراقية من أولويات ((بتروتشاينا)) التي تلتزم بالقوانين العراقية وتتبع كافة الأساليب العالمية للحفاظ على البيئة بأفضل الطرق المتوفرة.
وقال أو يانغ ون “إننا استثمرنا أكثر من مليار دولار أمريكي لبناء محطة لمعالجة الغاز الطبيعي، والذي يحول الغاز المصاحب لحقول النفط إلى غاز طبيعي قابل للاستخدام، والغاز الطبيعي المسال، والكبريت وغيرها من المنتجات، ولم يعد يحترق عبثا، ويقلل من النفايات ومن انبعاثات الكربون ويحمي البيئة”.
وأضاف “أننا نقوم ببناء حقول النفط الخضراء فضلا عن القيام بإجراءات لتحسين البيئة أثناء البناء”.
وتتخذ ((بتروتشاينا)) إجراءات متنوعة لحماية البيئة ومراقبة بيانات انبعاثات كبريتيد الهواء لمعرفة ما إذا كانت ضارة بالمنطقة المحيطة.
ويتم تصريف مياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية من حقل النفط بحفرة تجميع وضعت في أسفلها منصات من الأسمنت والمطاط، لمنع تغلغل مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية.
وتابع يقول “يتم تجفيف النفايات في الشمس ويتم جمعها ومعالجتها من قبل شركة محلية محترفة وإعادة التدوير، كما قمنا أيضا ببناء مركز لإعادة تدوير النفايات لمعالجة براميل النفط وخردة الحديد ونفايات البطاريات”.
كما قامت الشركة بزراعة آلاف الأشجار وإنشاء العديد من البحيرات الاصطناعية لتحسين الأجواء والحفاظ على البيئة.
صعوبات العمل
لا يوجد عمل بدون صعوبات ومعوقات، لكن ((بتروتشاينا)) ذللت كل ذلك ووجدت له الحل لاستمرار العمل بشكل صحيح.
يعمل موظفو الشركة 10 ساعات على الأقل يوميا حتى أيام العطل بمن فيهم كبار المدراء والكوادر، يبدأون عملهم باجتماع في الساعة السابعة صباحا لتلخيص ما تم إنجازه باليوم السابق وتلافي المعوقات التي قد تحدث وبيان الإدارات التي تحتاج إلي دعم وتعاون متبادلين، وفقا لما ذكره دو بو نائب مدير قسم الهندسة والبناء بالمشروع.
ويواصل موظفو الشركة عملهم رغم ارتفاع درجات الحرارة التي تصل في شهري يوليو وأغسطس إلى 55 درجة مئوية ولتجنب هذه الصعوبة يبدأون العمل الساعة الرابعة فجرا.
ويعاني الموظفون من بعدهم عن أسرهم ومسقط رأسهم وعدم تمكنهم من رعاية كبار السن والأطفال، فضلا عن الفارق الزمني البالغ خمس ساعات بين الصين والعراق ما يؤدي إلى قلة التواصل مع أسرهم.
كما يواجه الموظفون مشكلة أمنية عندما تحصل نزاعات تستخدم فيها الأسلحة ما يشكل خطرا عليهم.
ومن المشاكل الأخرى وجود قرى وحقول زراعية غير خاضعة للرقابة والإدارة، ليس لدى سكانها معرفة بسلامة حقول النفط ما قد يتسبب بمشاكل مختلفة ومخاطر أمنية فضلا عن وجود بعض الألغام من مخلفات الحرب العراقية- الإيرانية.
التدريب واكتساب الخبرة
تنفذ ((بتروتشاينا)) العديد من البرامج التدريبية للعاملين العراقيين فيها لتزويدهم بالخبرات لتأهيلهم للقيام بواجباتهم بأفضل طريقة.
وقال أوس هيثم مسؤول شعبة التدريب بالشركة، والذي باشر العمل منذ عام 2010 وواكب العمل بجميع مراحله، “بدأنا بتوظيف عراقيين وإقامة برامج تأهيلية لهم وتدريبهم ودمجهم بالعمل”.
ويتم توظيف العراقيين بطريقتين الأولى تتعلق بالذين لديهم خبرات حيث يتم دمجهم بالعمل وفقا لمؤهلاتهم، والثانية باختيار خريجي الكليات وإدخالهم بدورات تدريبية وتأهليهم وتوزيعهم على الوظائف.
وأكد أن هؤلاء وبعد خمس سنوات من التدريب أصبح لديهم خبرة جيدة وهم يديرون العمل بأنفسهم.
وقال “إننا نحن فخورون ببرامج التدريب التي قمنا بها لأن أغلب العاملين بمواقع المشروع هم نتيجة لهذه البرامج”، مبينا أن أكثر من 1600 عراقي يعملون في الشركة حاليا.
ووصف ((بتروتشاينا)) بأنها مدرسة للتعلم، مؤكدا أنه اكتسب خبرات واسعة من خلال العمل معها، مشيدا بتعامل زملائه الصينيين الذي وصفه بأنه ممتاز وسلس.
ولزيادة الخبرة لدى جميع الموظفين يتم إدخالهم بدورات تدريبية وتقييم أدائهم لمعرفة النقص لديهم وتزويدهم بالخبرات التي تنقصهم.
ومن هؤلاء الذين تم تعيينهم في الشركة المهندس محمد صادق جعفر، الذي يشرف على مخازن ((بتروتشاينا)) بحقل الحلفاية، والذي بدأ العمل بالشركة منذ عام 2012 وتدرج بالوظائف نتيجة للبرنامج التطويري الذي وضعته الشركة من دورات تطوير وتدريب واكتساب المهارات من الجانب الصيني.
وقال جعفر “إنني أشرف حاليا على 11 مخزنا للمواد النفطية ومواد الحفر وأربعة مخازن للمواد الكيمياوية وأربع ساحات لأنابيب الحفر”.
وأضاف “أنني اكتسبت الكثير من الخبرات نتيجة العمل مع بتروتشينا بعد إرسالي إلى معاهد متخصصة وإدخالي بدورات متعددة للسلامة والصحة وكذلك دورات خاصة بنظام المستودعات والأنظمة المتخصصة والحديثة والمتطورة”.
وأكد أن عمله مع ((بتروتشاينا)) أدى إلى تحسن وضعه الاجتماعي والمادي والأسري مثل الكثير من العاملين بالشركة.
واختتم بقوله إنه”بعد العمل مع بتروتشاينا، تطورت من الناحية الاجتماعية وتزوجت وأملك بيتا وسيارة وحالتي الاجتماعية أصبحت جيدة”