دفعت الأزمة الروسية الأوكرانية وزارة السياحة والآثار المصرية، لاتخاذ خطوات جادة لجذب أسواق بديلة؛ لتعويض توقف الوفود السياحية من روسيا وأوكرانيا، منذ اندلاع الحرب بينهما نهاية فبراير الماضي.
وتمثل الوفود السياحية الروسية والأوكرانية نسبة تتراوح بين 30 و 35% من إجمالي السياح الوافدين إلى مصر، بحسب التقديرات الحكومية.
وكلّف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، قبل أيام، خالد العناني وزير السياحة والآثار، بالبحث عن أسواق بديلة للأسواق التقليدية، واستقطاب شرائح متنوعة من السائحين تتلاءم وحركة التنمية السياحية الشاملة التي تبنتها الدولة خلال السنوات الماضية.
كامل أبو على:
الأسواق البديلة تتطلب وقتًا طويلًا لجذب عملاء جدد
تنشيط الأسواق المتاحة أفضل للسياحة المصرية مع العمل على زيادة الوافدين منها
ضرورة تكثيف الحملات الترويجية في ألمانيا وبولندا وإيرلندا
الأسواق البديلة
بدأت وزارة السياحة والآثار، البحث عن أسواق بديلة لروسيا وأوكرانيا منذ مارس الماضي، في محاولة لتحجيم الخسائر المتوقعة جراء فقد أهم سوقين للسياحة المصرية.
وعلى الرغم من عدم إعلان وزارة السياحة عن الأسواق التي تتطلع لاستقطاب وفود بديلة منها للسياح الروس والأوكران، إلا إن بعض التصريحات الصحفية لوزيري السياحة والمالية وعدد من مسؤولي وزارة السياحة، ألمحت إلى أن الأسواق البديلة ستشمل دول الخليج وبريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
وفي وقتٍ سابق، قال الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، إن وزارته بدأت بعد اندلاع أزمة روسيا وأوكرانيا، بالبحث عن أسواق بديلة؛ لذا توجهت إلى لندن، خاصةً أن السوق البريطاني يعد من الأسواق السياحية الرئيسية المصدرة للسياحة إلى مصر.
فيما قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الدولة المصرية تحاول تعويض فقدان الروس والأوكران بجذب المزيد من السائحين من دول ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.
وأشار محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بوزارة السياحة، قبل شهر، إن حملات وزارة السياحة تستهدف عددًا من الأسواق الرائجة، من بينها المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة، وبعض دول الخليج العربي.
وأشار عثمان في تصريحات صحفية، إلى أن أزمة انفجار الطائرة الروسية عام 2015 دفعت مصر لتفعيل الأسواق البديلة لتعويض كساد توقف السياحة الروسية 6 سنوات متواصلة”.
ويرى رجل الأعمال كامل أبو علي، رئيس مجلس إدارة مجموعة بيك الباتروس، أن البحث عن أسواق جديدة للسياحة الوافدة إلى مصر قد يستغرق وقتًا طويلًا، ما يستلزم تكثيف العمل من العاملين بالقطاع السياحي لتنشيط الأسواق المتاحة والبحث عن عملاء جدد فيها لتعويض التراجع الكبير في السياح الروس والأوكران.
وقال «أبو علي» لـ«كابيتال»، إن الأسواق التي ينبغي تكثيف العمل فيها تشمل أوروبا الغربية، وبولندا، وألمانيا، وأيرلندا.
وأشار رجل الأعمال إلى ضرورة تقديم شركات السياحة المصرية عروضا وامتيازات لاستقطاب سياح جدد خلال الفترة المقبلة، لحين تحسن الأوضاع.
ورجح أبو علي خفض أسعار الغرف الفندقية حال تراجع الطلب، وقال “الأمر مرتبط بالعرض والطلب.. بناءً على العرض والطلب نقدر نزود الأسعار أو نثبتها أو نخفضها”.
وحول إمكانية تعويض السياحة الروسية والأوكرانية عبر التوسع في برامج السياحة الداخلية، قال أبو علي “لا يمكن أن تعوض السياحة الداخلية التدفقات الدولارية”.
إجراءات حكومية لزيادة الوافدين
قال مصدر حكومي إن الحكومة تعمل على تنفيذ حزمة إجراءات لتعويض التراجع في الحركة السياحية الوافدة لمصر نتيجة توقف قدوم السياح الأوكران والروس، تتضمن تيسير إجراءات دخول السائحين من أكبر عدد من دول العالم، وتحفيز منظمي الرحلات الأجانب، وتكثيف الأنشطة الترويجية بالأسواق الرئيسية، وتشجيع السياحة الداخلية.
عمرو صدقي:
الأزمة الحالية تستلزم التوسع في أنماط بديلة للسياحة الأثرية والشاطئية
السياحة الاستشفائية تضمن لمصر عوائد سنوية تصل 7 مليارات دولار
فرص كبرى لاستقطاب “كبار السن” من أوروبا مع تزايد المخاوف من نقص “غاز التدفئة” في الشتاء
حلول بديلة
يرى عمرو صدقى، رئيس لجنة السياحة السابق بمجلس النواب، أن الأزمات المتعاقبة التي أثرت بشكل سلبي على السياحة المصرية خلال السنوات الماضية، تتطلب سرعة العمل وفق خطة طويلة المدى تعيد ترتيب “البيت من الداخل”، وتضمن تنوع أنماط السياحة، بحيث لا تقتصر فقط على السياحة الأثرية والشاطئية.
وقال صدقي لـ«كابيتال»، إن مصر لديها فرص كبرى لتنويع أنماط السياحة وجذب شرائح جديدة من العملاء، خاصةً بأنشطة السياحة الدينية والصحية والميسرة (التي تشمل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة).
ووصف صدقي السياحة الدينية والصحية والميسرة بالأقل تأثرًا بالأزمات الاقتصادية، مقارنةً بالسياحة الترفيهية، التي يضعها المواطن في آخر أولويات إنفاقه في مثل تلك الظروف، في حين تحفز بعض الأزمات الوبائية -كما كان الحال وقت انتشار فيروس كورونا- السياحة العلاجية والدينية.
وذكر أن مصر تمتلك مقومات جذب السياحة الروحانية والدينية لأضرحة آل البيت، ومسار العائلة المقدسة، ودير سانت كاترين، كما تمتلك عناصر استقطاب السياحة الصحية سواء الاستشفائية أو العلاجية أو الميسرة، بما تمتلكه من مواقع استشفاء تتخطى 1356 موقعا، ومستشفيات ومراكز طبية ومنتجعات تأهيل ورعاية لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار صدقي إلى أن السياحة الاستشفائية تستطيع أن تدر عوائد تتخطى 7 مليارات دولار لمصر سنويًا، إذا ما تم العمل عليها والترويج لها بشكل جيد، خاصةً أن إنفاق السائح الوافد للعلاج أعلى بنسبة تصل إلى الضعف مقارنة بالسائح العادي، نظرًا لإقامته لمدة تصل إلى 3 أسابيع على الأقل، في حين لا تتجاوز فترة إقامة السائح العادي 7 أيام.
وقال “صدقي” إن الأزمة الروسية الأوكرانية تعد “مِنحة” للسياحة المصرية بقدر ما تسببه من “مِحنة”، شريطة أن يتم التعامل معها بفكر مغاير، فمثلًا يمكن الاستفادة من أزمة نقص الغاز في أوروبا التي ستؤثر بشكل مباشر على التدفئة في فصل الشتاء، في استقطاب شريحة كبار السن للإقامة مدة طويلة في منتجعات مصر.
كيف ستتأثر عوائد مصر السياحية بغياب الروس والأوكران؟
توقع كامل أبو علي، رئيس مجموعة بيك الباتروس، فقدان 35% من العوائد السياحية لمصر العام الحالي مع توقف الوافدين الروس والأوكران.
تأتي توقعات “أبو علي” بالتزامن مع توقعات الدكتور محمد معيط، وزير المالية، ببلوغ إيرادات مصر السياحية ما يتراوح بين 10 و12 مليار دولار بنهاية العام المالى الحالى.
وفي وقت سابق، أعلنت نائبة وزير السياحة والآثار غادة شلبي، ارتفاع عوائد مصر السياحية بنسبة أعلى من 225% خلال عام 2021، لتتجاوز 13 مليار دولار.
وكانت وزارة السياحة تتوقع أن تتجاوز عوائد العام الجاري إيرادات 2021 في ظل المشروعات السياحية العملاقة التي تنفذها الدولة وتستهدف نمو القطاع السياحي، لكن الأزمة الروسية ستؤثر بشكل رئيسي على بلوغ تلك المستهدفات.
وحققت السياحة المصرية إيرادات تلامس 90 مليار دولار خلال الفترة من 2010 وحتى 2020، بحسب بيانات أعدها اتحاد الغرف السياحية.
وكان عام 2019 هو الأعلى فى تاريخ السياحة المصرية إذا بلغت إيراداته 13.03 مليار دولار، قبل السقوط الكبير فى 2020؛ بسبب جائحة كورونا.
خسائر السياحة العالمية بسبب الحرب الروسية والأوكرانية
توقعت شركة يورومونيتور إنترناشيونال، أن تكبِّد الأزمة الروسية الأوكرانية السياحة الداخلية العالمية خسارة قيمتها 6.9 مليار دولار عام 2022، وترجح الشركة أن تكون الدول الناشئة أكثر المتأثرين بالأزمة.
الاستراتيجية القومية للسياحة المصرية
يأتي ذلك، فيما تستعد وزارة السياحة للإعلان عن الاستراتيجية القومية للسياحة المصرية، والتي تم اعدادها بواسطة خبراء عالميين، لتوضيح نقاط القوة والضعف، وآليات التحرك المطلوبة، وتوصيات الخبراء في مختلف المجالات ذات الصلة.