على الرغم من اعتماد الحكومة المصرية على مناشئ عديدة لاستيراد القمح، إلا أن سيطرة روسيا وأوكرانيا على نحو 80% من الواردات خلق حالة من القلق على احتياطي القمح إذا استمرت الأزمة الروسية الأوكرانية مدة طويلة، فما حدود الأزمة؟.
تستهلك مصر حوالى 22 مليون طنًا من القمح سنويًا، تنتج منهم 10 ملايين طن، وتستورد ما يقرب من 12 مليون طن، حسب تقديرات وزارة التموين.
قال مصدر حكومي لـ”كابيتال” إن أزمة القمح لن نلمس آثارها أغلب أشهر العام الحالي، خاصة أن احتياطي القمح يكفي 4 أشهر بحد أدنى، غير أن موسم حصاد القمح المحلي يبدأ من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو، ما يعني أن القمح سيكفي حتى نهاية العام.
وأضاف أن الحكومة لديها سيناريوهات لتعويض أي نقص في توريدات القمح الروسي والأوكراني عبر أسواق بديلة من بينها رومانيا وفرنسا وأمريكا وألمانيا.
وبحسب المصدر، تتوافق الأسواق الأربعة مع المواصفات المصرية لإستيراد القمح خاصة ما يتعلق بدرجة الرطوبة.
وأوضح المصدر أن اعتماد مصر على الأقماح الروسية والأوكرانية بشكل رئيسي لم يمنعها من تنويع مناشئ الاستيراد عبر نحو 8 أسواق بديلة كإجراء تحوطي ضد أي مخاطر مستقبلية.
وفقًا للمصدر، تستورد مصر 20% من واردات القمح من دول رومانيا وأستراليا وفرنسا وليتوانيا والمالديف وكندا والصين وكوريا الجنوبية.
وأشار إلى أن مصر عملت الفترة الماضية على تعديل مواصفات استيراد القمح من فرنسا رغبة في تنويع مصادر القمح.
وأوضح: تم تعديل درجة الرطوبة في المواصفات المصرية إلى 13.5% حتى تتمكن الشركات الفرنسية من المشاركة في المناقصات، لكن ظلت مشكلة أخرى في زيادة الواردات من فرنسا وهي ارتفاع تكاليف الشحن.
حدود تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على مصر
قال علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية، إن مصر تمتلك احتياطي استراتيجي من القمح يكفي مع الإنتاج المحلي (الذي سيبدأ توريده في أبريل المقبل) حتى نهاية العام.
وتوقع “عز” عدم تأثر مصر بشكل كبير من الأزمة الروسية الأوكرانية خاصة أن العقوبات المفروضة على روسيا لن تمنعها من توريد القمح لمصر.
وأضاف: “الاتحاد الأوروبي وأمريكا قاموا بفرض عقوبات سابقة على روسيا بعد ضم جزيرة القرم، ولم تتأثر واردات مصر منها”.
وبحسب “عز” فإن واردات القمح من أوكرانيا لمصر ستتأثر مؤقتًا بسبب إغلاق الموانئ، لكن هذا التأثير لن يكون كبيرًا بسبب توافر الاحتياطي والإنتاج المحلي حتى نهاية العام، بالإضافة إلى استحالة استمرار الحرب لمدة عام كامل.
ويرى أمين اتحاد الغرف التجارية، أن مصر لن تواجه أية مشاكل في واردات القمح، خاصة مع توفر مصادر متعددة للاستيراد.
الفرص البديلة
وقالت الدكتورة عالية المهدى، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقًا، إن روسيا وأوكرانيا أول دولتين تعتمد عليهما مصر فى استيراد القمح، ومع اندلاع الحرب بين البلدين ستتأثر التوريدات بالتأكيد وسترتفع أسعار القمح العالمية.
وأوضحت المهدي أن مصر لديها احتياطيات ذاتية كافية لتغطية متطلباتها من القمح حتى نهاية العام الحالي، لكن استمرار الحرب سيكون له تابعات سلبية على مصر، وبالتالي يجب البحث عن أسواق بديلة للاستيراد.
وحددت المهدى، أمريكا والبرازيل كأسواق بديلة لروسيا وأوكرانيا، لكنها قالت “مشكلة الاستيراد من تلك الأسواق تكمن في ارتفاع أسعار القمح وزيادة تكاليف الشحن نتيجه بعد المسافات”.
وتوقعت الخبيرة الاقتصادية انتهاء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل انتهاء المخزون الاستراتيجى المصري من القمح والاستعانة بالأسواق البديلة.
من أين تأتي وارادت القمح لمصر؟
استوردت مصر 6.1 مليون طن قمح في أول 11 شهرا من 2021، مقابل 11.8 مليون طن خلال نفس الفترة من عام 2020، بتراجع 48.4%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وتصدرت روسيا قائمة مصدري القمح لمصر خلال الفترة المذكورة بإجمالي صادرات 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن (تعادل 69.4% من إجمالي واردات مصر من القمح).
وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649,4 مليون دولار، وبكمية 651,4 ألف طن (تعادل 10,7% من الإجمالي).
وفقًا للجهاز حلت رومانيا في المرتبة الثالثة بقيمة صادرات 407,7 مليون دولار، وبكمية 387,2 ألف طن (تعادل 6,2% من الإجمالي).
وفي المركز الرابع جاءت أستراليا بقيمة صادرات 105,5 مليون دولار، وبكمية 190,2 ألف طن (تعادل 3,1% من الإجمالي).
وحلت فرنسا في المركز الخامس بقيمة صادرات 63,8 مليون دولار، وبكمية 63 ألف طن (تعادل 1%)، متفوقة بنسبة طفيفة على ليتوانيا صاحبة المركز السادس بقيمة صادرات 16,9 مليون دولار، وبكمية 61 ألف طن (تعادل 1%).
وجاءت المالديف في المركز السابع بقيمة 3,6 مليون دولار وبكمية 20 ألف طن، ثم كندا بقيمة 1,8 مليون دولار، وبكمية 17 ألف طن ، ثم الصين 843,2 ألف دولار، وبكمية 3 آلاف طن وكوريا الجنوبية 280,6 ألف دولار، وبكمية 100 طن.
مساعي لزيادة الاعتماد على القمح المحلي
تسعى الحكومة لشراء 4 ملايين طن من القمح المحلي في الموسم الحالي بزيادة 11% عن العام الماضي الذي اشترت فيه 3.6 مليون طن من الفلاحين، بحسب تصريحات سابقة للدكتور ابرهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين.
ويبدأ موسم زراعة القمح في مصر منتصف شهر نوفمبر حتى نهاية شهر يناير، في حين يبدأ موسم الحصاد من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو.
ورفعت الحكومة سعر توريد “أردب” القمح المحلي 14% إلى 820 جنيهًا في 2022.
خطط زيادة المساحة المزروعة بالقمح
قال الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن مصر تخطط لزيادة المساحة المزروعة بالقمح مليون فدان خلال 3 سنوات.
وأوضح مصيلحي في تصريحات تلفزيونية، أن مصر رفعت المساحة المزروعة بالقمح العام الحالي ربع مليون فدان ، وتستهدف زيادتها نصف مليون فدان العام المقبل.
وزرعت مصر 3.62 مليون فدان من القمح في الموسم الحالي 2022، وهي المساحة الأكبر في تاريخها، بحسب الوزير.