كيف يؤثر التضخم على اتجاهات أسعار الفائدة فى مصر خلال 2022؟

تترقب الأسواق العالمية ارتفاعات متوالية فى أسعار الفائدة، مدفوعة بموجة التضخم التى تضرب الأسواق العالمية منذ أشهر، والمتوقع أن تبلغ ذروتها فى 2022، قبل أن تنحسر تدريجياً فى 2023.

ويتوقع صندوق النقد الدولى أن يستمر التضخم طوال عام 2022، مع استمرار اضطرابات سلاسل العرض، وارتفاع أسعار الطاقة.

تشير توقعات الصندوق إلى بلوغ التضخم 3.9% فى المتوسط بالاقتصادات المتقدمة، و5.9% بالأسواق الناشئة والنامية خلال عام 2022.

يعد رفع أسعار الفائدة أبرز أسلحة القائمين على السياسات النقدية بالبنوك المركزية؛ للسيطرة على الزيادات المتوقعة فى الأسعار.

ويرى محللون تحدثت «كابيتال» معهم، أن مستويات الزيادة فى أسعار الفائدة بمصر تتوقف على متوسط التضخم وقرارات البنوك المركزية العالمية، وخاصة الفيدرالى الأمريكى المتوقع أن يحرك الفائدة فى مارس المقبل.

وحافظ البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة عند المستويات نفسها خلال  العام الماضى دون أى تحريك، لتستقر عند 8.25% للإيداع، و9.25% للإقراض.

ويتوقع المحللون أن يبقى البنك المركزى على أسعار الفائدة دون تغيير حتى النصف الثانى من عام 2022، خاصة أن معدلات التضخم فى مصر لا تزال ضمن نطاق مستهدفات البنك المركزى (7% ±2).

«هيرميس» تتوقع ارتفاع التضخم لـ7% فى المتوسط.. وزيادة الفائدة1% النصف الثانى

توقع محمد أبوباشا، كبير الاقتصاديين بالمجموعة المالية (هيرميس)، أن يرتفع التضخم فى المتوسط لـ7%، مقارنة بـ5.9% العام الماضى.

وأوضح «أبوباشا»، أنَّ هذه الزيادة المتوقعة بسيطة، ولا تستدعى تحركات سريعة من السياسة النقدية لرفع أسعار الفائدة.

أشار إلى أنه فى حال تجاوز معدلات التضخم العام الحالى 7%، نتوقع بنسبة تتراوح بين 20 و30% رفع الفائدة بنسبة 1% خلال النصف الثانى من العام الحالى.

واستبعد «أبوباشا» الحاجة لوجود منتجات ادخار مرتفعة العائد، كما شهدنا من قبل لجذب السيولة، موضحاً أن الفائدة على الشهادة الثلاثية التى تمنح عائداً سنوياً 11% مازالت تحقق فائدة إيجابية للعملاء فى ظل مستويات التضخم الحالية، والمتوقع زيادتها بنحو 2% العام الحالى.

وعن مدى تأثر أسعار بعض السلع خاصة المستوردة، أشار «أبوباشا» إلى أن التأثر غير مركز ومرتبط بقدرة الشركات على رفع الأسعار.

وقال إنَّ كثيراً من الدول الناشئة والحكومات تجد صعوبة فى زيادة الأسعار، خاصة مع عدم ارتفاع الطلب نسبياً، مقارنة بالطلب فى أمريكا وإنجلترا.

واستبعد «أبوباشا» تعرض الاقتصاد المصرى لمعدلات تضخم قياسية، كما شهدنا قبل سنوات قليلة.

وأوضح أن عدم تحريك قيمة العملة وقدرتها على التماسك يعززان الاستقرار النسبى لمعدلات التضخم، بالإضافة إلى حفاظ الدولة على دعم السلع الأساسية كالخبز والسلع الغذائية الأساسية، ما يسهم أيضاً فى استقرار الأسعار، خلال العام الحالى، بالرغم من التحركات فى العالم.

يأتى ذلك فيما توقع عدد من المحللين أن يتخد الفيدرالى الأمريكى قرارات متوالية برفع سعر الفائدة 1% فى 4 اجتماعات لاحقة بواقع 0.25% بكل اجتماع.

«المهدى»: ارتفاع التضخم مؤقت وسيتراجع سبتمبر المقبل

قالت الدكتورة عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إنَّ الاقتصاد العالمى فى حالة تضخم لم تحدث قبل 10 أعوام.

وتوقعت «المهدى» أن تكون معدلات التضخم المرتفعة مؤقتة،  وناتجة عن قصور فى الإنتاج؛ بسبب جائحة كورونا.

وأضافت: «بعد تحسن أوضاع السوق، وعودة الإنتاج، وقدرته على استيعاب الطلبات فى السوق ستتلاشى معدلات التضخم المرتفعة مرة أخرى.. أتوقع أن يحدث ذلك مع بداية الربع الرابع من العام الحالى».

وتوقعت «المهدى» رفع بعض البنوك المركزية فى العالم أسعار الفائدة بين 2 و4%.

واستبعدت «المهدى» عودة معدلات التضخم فى مصر إلى المستويات القياسية التى بلغتها فى بداية جائحة كورونا، وبالتالى فإنَّ رفع الفائدة سيكون محدوداً؛ تجنباً لرفع تكلفة الدين العام، وما يخلفه من آثار على الموازنة العامة.

كما توقعت «المهدى» ارتفاعاً طفيفاً فى أسعار الفائدة المحلية فى اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل فى أول فبراير أو اجتماع منتصف مارس على أقصى تقدير.

«برايم» تتوقع ارتفاع التضخم إلى 8.3% خلال 2022

قالت منى بدير، كبير المحللين الاقتصاديين، فى بنك الاستثمار برايم، إنَّ العامل الأساسى المؤثر فى توقعات التضخم فى 2022 هو عدم اليقين المتعلق بسلاسل التوريد، وارتفاع أسعار السلع العالمية، خاصة المواد الغذائية، وقدرتها على التأثير على التضخم المحلى.

وأضافت «بدير»: نتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط، وأن تواصل لجنة تسعير الطاقة رفع أسعار الوقود فى 2022، وهو أحد العوامل المغذية للتضخم.

وتابعت أن من العوامل الخارجية التى ستؤثر على التضخم محلياً أيضاً الاضطرابات النقدية، وظروف التشديد النقدى المرتفعة، وآثار ارتفاع التضخم ورفع الفائدة فى الدول المتقدمة، ومدى تأثيرها على البنوك المركزية التى ستتجه فى الأغلب لرفع معدلات الفائدة، وهو ما سيؤثر بشكل أو بآخر على التضخم المحلى من خلال تأثيرها على شهية استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية، وهو ما سيشكل ضغطاً على سعر الصرف الذى تمتع بالاستقرار طوال الفترة الماضية.

وقالت: نتوقع تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة 2- 3% خلال 2022، وهو ما سيغذى التضخم؛ حيث إنَّ تقلبات سعر الصرف تؤثر بشكل كبير على التضخم فى مصر؛ لأنه لا توجد مرونة كافية لامتصاص تلك التقلبات، وبالتالى سيكون جزء كبير من تغيرات التضخم مرتبطاً بضغوط على سعر الصرف.

وأضافت أن سعر الصرف سيتأثر، أيضاً، بالنمو الذى نتوقع أن يصل إلى 5.1%، خلال 2022، وهو ما يصعب تخيله من دون نمو الطلب على الواردات، وهو ما سيؤدى فى ظل ارتفاع أسعار السلع العالمية إلى اتساع عجز الميزان التجارى الذى تضرر بالفعل خلال 2021، وكل هذا يضغط على سعر الصرف.

وتابعت: نتوقع أن يصل التضخم إلى 8.3%، خلال 2022، وفى بعض الشهور قد يتجاوز التضخم مستوى 8%؛ بسبب التأثير غير المواتى لسنة الأساس، ورغم ذلك سيستقر التضخم فى نطاق مستهدف المركزى ما لم تغذِ الضغوط العالمية التضخم المحلى أكثر من ذلك، لذلك سيكون موقف السياسة النقدية شديد الحذر فى المواءمة بين الإبقاء على التضخم تحت السيطرة، وتحفيز النمو الاقتصادى ليرتد إلى معدلات ما قبل الجائحة.

واستكملت: وفى ضوء التوقعات بأن يمنح المركزى التضخم أولوية، فمن المرجح أن نرى احتمالاً كبيراً برفع الفائدة بما لا يتعدى 100 نقطة أساس فى 2022، وسيكون مرهوناً على الأغلب بمسار السياسة النقدية فى الدول المتقدمة.

«متولى»: الزيادة فى سعر الفائدة تتوقف على تحركات التضخم فى العالم

توقع طارق متولى، نائب العضو المنتدب، رئيس قطاع الخزانة ببنك بلوم- مصر سابقاً، إمكانية وجود قرار استباقى لاحتواء التضخم، يتمثل فى طرح منتجات ادخار مرتفعة العائد تجذب السيولة.

وقال «متولى»: دائماً ما يستبق البنك المركزى بخطوة لاستبعاب التأثيرات السلبية المتوقعة؛ نتيجة التحركات فى الاقتصادات العالمية.

وقال «متولى»، إنَّ قيمة الزيادة فى الفائدة تتوقف على تحركات التضخم فى الخارج، والتى سيكون لها تأثير قوى على الأسعار فى مصر.

وتوقع «متولى» رفع الفيدرالى الأمريكى الفائدة أربع مرات، خلال العام الحالى، بواقع 0.25% بكل اجتماع.