وزيرة التخطيط: مصر تستهدف مُعدّل نمو اقتصادي في حدود 4.5% خلال العام المالي المقبل

رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة الـمُستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النوّاب، بمُشاركة أحمد كجوك، وزير المالية، لمناقشة مشروع الموازنة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل.
وألقت الدكتورة رانيا المشاط، كلمة ردًا على استفسارات السادة النواب حول مشروع خطة التنمية للعام المالي 2025/2026، موضحة  أن الحكومة قد أعدت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل 2025/2026 وسط ظروف دقيقة، لكن الوضع حاليًا أصبح أكثر تعقيدًا في ظل التطورات الإقليمية المحيطة والمتسارعة، والتي تزيد من حالة عدم اليقين، وتفرض اتباع نهج تخطيطي مرن ومُتابعة مُستمرة لـمُستهدفات الخطة بحسب تطوّر الـمُستجدات.. لذا فإن الحكومة تراقب الموقف باستمرار، وقد يقتضي الأمر مراجعة المؤشرات حالة استمرار هذه الأوضاع وتفاقمها.
وأشارت إلى أصدار رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرارا بتشكيل «لجنة أزمات» برئاسته لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأية مستجدات بمختلف القطاعات، كما تستند الحكومة على الإصلاحات الجادة التي نفذتها لتعزيز مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التأقلم مع المتغيرات.
وأوضحت انه في هذا الإطار تستهدف خطة عام 25/2026 تحقيق مُعدّل نمو اقتصادي في حدود 4.5%، وهو مُعدّل مُرتفع نسبيًا قياسًا بالـمُعدّل الـمُتواضع الذي سجّل 2.4% في عام 23/2024، كما أن استهداف هذا الـمُعدّل يعكس توجّهًا لـمُواصلة التعافي للاقتصاد، مع الحرص في الوقت ذاته على متابعة تداعيات التطورات الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وما تفرضه من حالة عدم اليقين، وفي ذلك الوقت فإن المؤشرات الأولية للتسعة أشهر الأولى من العام المالي الجاري 2024/2025 تُشير إلى تحسن معدلات النمو الاقتصادي.
تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية
وأكدت على إن الضمان الوحيد الضمان الحقيقي لتفادي التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري في ظل هذا الظرف الدولي الدقيق، هو مواصلة الحكومة في تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية: ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي بما يعزز قدرته على الصمود في مواجهة المتغيرات الخارجية، وذلك من خلال عدد من الآليات من بينها حوكمة الاستثمارات العامة، إلى جانب تحسين التنافسية وبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، ودفع التحول الأخضر لزيادة استثمارات القطاع الخاص.
تابعت: واتصالا بذلك كان لدينا يوم الأحد الماضي جولة إيجابية ومؤتمر هام بمشاركة القطاع الخاص وشركاء التنمية الدوليين، ولقاء بين السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس مؤسسة التمويل الدولية، وقد لمسنا ثقة كبيرة وإشادات دولية متتالية من رؤساء مؤسسات التمويل الدولية، وشركائنا من الاتحاد الأوروبي، والقطاع الخاص، بما تقوم به الدولة من إصلاحات للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. وإن تلك الرسائل تعني لنا الكثير في هذا الوقت، وتؤكد أن مصر رغم ما يحيط بها من توترات عازمة على المضي قدمًا في مسيرة التنمية والإصلاح.
وفي هذا الصدد فقد أقر مجلسكم الموقر مواد قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تُساهم فيها، والذي يُمثل أهمية كبيرة في إطار الجهود التي تقوم بها الدولة لتمكين القطاع الخاص وحوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتأكيد عزمها على التخارج من بعض المساهمات، حيث يعد القانون نتاج توصيات اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار في شهر مايو 2023، وكذلك نتاج مناقشات مستمرة وبناءة بين وزارات المجموعة الاقتصادية، وتنفيذًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة.

تنفيذ الإصلاحات الهيكلية

تواصل الدولة تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكليّة والذي يستند إلى عدد من المحاور الرئيسة من شأنها تعزيز النمو الشامل والـمُستدام، وزيادة الإنتاجيّة ويتم بمُوجبه تنفيذ عدد من السياسات والإجراءات والتي تعكس أولويّات الدولة، وفي ضوء ذلك، تقوم وزارة التخطيط والتنمية الاقتصاديّة والتعاون الدولي بصياغة ومتابعة تنفيذ سياسات وإجراءات الإصلاح الهيكلي تحت كل محور بالتنسيق مع الوزارات والجهات الوطنيّة اتساقًا مع الاستراتيجيّات الوطنيّة القطاعيّة، وبالإضافة إلى ذلك، تتفاوض الوزارة مع شركاء التنمية مُتعدّدي الأطراف والثنائيين علي تمويلات ميسرة لدعم الـمُوازنة لـمُساندة تنفيذ تلك الإصلاحات الهيكليّة وخلق حيز مالي لدعم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مصر، والتي من شأنها فتح آفاق للاقتصاد الـمصري تعزيز استقراره.

 إعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية

عكفت الدولة خلال الشهور الأخيرة على تكثيف العمل لتحقيق تقدم في هذا الملف خصوصا وأنه يتسق مع جهود الإصلاحات الهيكلية، وذلك استنادًا إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3994 لسنة 2022 بتشكيل اللجنة العليا للهيئات الاقتصادية، وفي ضوء الاجتماعات التي عُقدت برئاسة دولة رئيس الوزراء، تم تشكيل أمانة فنية تابعة للجنة العليا، حيث تتولى جميع مهام ودراسات إعادة الهيكلة وتعرض النتائج على اللجنة العليا ثم على مجلس الوزراء وذلك على مرحلتين:
– تضمنت المرحلة الأولى فحص ودراسة موقف الهيئات الاقتصادية (59 هيئة) بغرض تحديد مصير كل هيئة وفقاً للبدائل المناسبة سواء بقاء الهيئة اقتصادية أو التحويل إلى هيئة عامة، أو دمج هيئات معاً، أو تصفية وإلغاء الهيئة.
– وبناءً على ذلك تمت دراسة ملفات جميع الهيئات، وعُقِدَت اجتماعات مُكثفة مع المسئولين عن الهيئات الاقتصادية بوزارة المالية لإجراء التحليل التفصيلي لموقف كل هيئة، ويتم عرض النتائج على الأمانة الفنية للهيئات الاقتصادية ثم العرض على اللجنة العليا للهيئات الاقتصادية لتحديد خطوات العمل للمرحلة الثانية والتي تشمل إعادة هيكلة فعلية تفصيلية لكل هيئة في وضعها الجديد بالشكل الذي يؤدي إلى رفع معدلات الكفاءة والفاعلية وزيادة مساهمة الهيئة في الناتج المحلي الإجمالي.
– وقد تم عرض مختلف تلك التطورات في اجتماعات لجنة الخطة والموازنة واللجنة الاقتصادية بمجلسكم الموقر، وأجرينا نقاشًا ثريًا، وعرض أعضاء اللجان خلال تلك الاجتماعات ملاحظات ونقاشات قيمة.

سقف الاستثمارات العامة وجهود حوكمة الاستثمارات

فقد راعى مشروع الخطة مواصلة الالتزام بالسقف الـمُقرّر للاستثمارات العامة في إطار جهود ترشيد وحوكمة الإنفاق العام، باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وحشد مصادر التمويل الأخرى سواء من خلال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وعقد الشراكات الاستثمارية الكبرى العربية والإقليمية، وتعزيز توجه الدولة لإفساح المجال لمشاركة القطاع الخاص في الجهود الإنمائيّة.
وفي هذا الإطار قامت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي باتخاذ خطوات جادة لرفع كفاءة إدارة تلك الاستثمارات، ووفقًا لذلك تقوم وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بإعداد تقارير دورية ربع سنوية للاستثمارات العامة متضمنة الاستثمارات المنفذة للشركات العامة حيث قامت الوزارة بحصر ما يزيد عن 270 شركة، وتم تدريب الوزارات والجهات المعنية على إدخال بيانات تلك الاستثمارات على المنظومة الإلكترونية المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة بالوزارة، ويتم تحديث تلك البيانات وتدقيقها بشكل مستمر مع الجهات المعنية، بما يسهم في رفع كفاءة الإنفاق الاستثماري بالدولة والالتزام بسقف الاستثمارات العامة الذي تم تحديده.
وفي ضوء ذلك فقد تم تخصيص استثمارات عامة قدرُها نحو 1.158 تريليون جنيه مُستهدفة بخطة عام 25/2026، مُقابل استثمارات مُتوقّعة عام 24/2025 في حدود تريليون جنيه.

إعطاء أولوية لاستثمارات التنمية البشرية

فعلى الرغم من سقف الاستثمارات العامة وجهود حوكمتها، إلا أن الوزارة تحرص على توجيه مزيد من الاستثمارات لقطاعات التنمية البشرية، حيث وجّهت خطة التنمية لعام 25/2026 استثمارات عامة قدرُها نحو 327 مليار جنيه لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي والخدمات الأخرى، تُمثل ما يزيد عن 28% من جملة الاستثمارات العامة. مع مُساهمة الـمُوازنة العامة للدولة في التمويل بما يُقارب 219 مليار جنيه، بما يُعادل ثُلثي الاستثمارات العامة الـمُوجّهة لهذه القطاعات الثلاثة تأكيدًا لأهمية الاستثمار في تنمية رأس الـمال البشري كقوة دافعة للارتقاء بالإنسان الـمصري وتعزيز فاعليته للمشاركة في جهود التنمية.
وقد حرصت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على عقد اجتماعات مكثفة مع مختلف الوزارات لمناقشة احتياجاتها من الاستثمارات العامة. وأخذاً في الاعتبار الأولويات الاستراتيجية لقطاع الصحة فقد تمت الاستجابة لكافة متطلبات وزارة الصحة والسكان، حرصاً على استكمال التغطية الصحية الشاملة ورفع جودة الخدمات الصحية وضمان الحياة الصحية للمواطنين، وتحسين مستوى المعيشة والإسهام في تحقيق مستقبل مستدام.
كما قامت الوزارة بالتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي من خلال عقد اجتماعات مشتركة لدراسة المشكلات الطارئة وايجاد الحلول وتم بالفعل معالجة معظم المشكلات وتدبير التمويل اللازم لها.
ونتيجة لتلك الاجتماعات فقد تم توجيه نحو 85.6 مليار جنيه كاستثمارات عامة لقطاع الصحّة وحرصنا على تلبية كافة الاحتياجات المطلوبة للقطاع في العام المالي المقبل، كما تم توجيه 63.4 مليار جنيه لقطاع الخدمات التعليميّة، ونحو 178 مليار جنيه للخدمات الاجتماعيّة الأخرى، وقد سبق استعراض مستهدفات تلك القطاعات تفصيلاً سواء ببيان الخطة الذى تم عرضه على مجلسكم الموقر، وكذا وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فنؤكد هنا أن أحد التوجهات والمعايير الأساسية لوضع الخطة هو إعطاء أولوية للمشروعات ذات معدلات التنفيذ المرتفع وتلك التي قاربت على الانتهاء من خلال توفير كامل التمويل اللازم لها حتى يتسنى تشغيلها والاستفادة منها من قبل المواطنين، والحرص كذلك على استبعاد المشروعات الجديدة التي لم يتم البدء في تنفيذها، وتراعي الخطة أيضا ضمن توجهاتها الرئيسية الاهتمام بالتنمية البشرية كما سبق الإشارة، ودعم مشروعات أمن الطاقة، ومشروعات الأمن الغذائي، ومشروعات مرافق مياه الشرب والصرف الصحي، ومشروعات التنمية الصناعية وتوطين الصناعة بالإضافة الى تحفيز الابتكار وريادة الأعمال.

تطوير منظومة متابعة وتقييم الأداء الحكومي

وحرصًا من الحكومة على تعزيز كفاءة وفعالية الخطة، فقد تم تدشين المنظومة الوطنية للمتابعة والتقييم “أداء”، والتي تعد أول منصة إلكترونية لمتابعة وتقييم أداء كل الوزارات والجهات الحكومية، بشكل ربع سنوي، وبما يرتبط ببرنامج عمل الحكومة وبموازنة البرامج والأداء، وبهدف قياس أثر البرامج التنموية على تحقيق أهداف خطط التنمية المستدامة، وتحقيق كفاءة وفاعلية الإنفاق العام، حيث تم إدراج 36 وزارة وجهة حكومية على المنظومة، تتضمن 1100 آلية تنفيذ، وحوالي 4 آلاف مؤشر أداء.
سابعًا: أما عن مواصلة تنفيذ مبادرة حياة كريمة:
إن الحكومة تحرص على مواصلة تنفيذ المشروع القومي لتطوير الريف المصري” المبادرة الرئاسية حياة كريمة”، كمبادرة تنموية شاملة تهدف إلى إحداث نَقلة نوعية في حياة ملايين المصريين في الريف المصري، وتحرص كذلك على توفير الاعتمادات المالية لمشروعات المبادرة التي تغطي جوانب متعددة نسعى من خلالها الى النهوض بجودة خدمات التنمية البشريّة، وتوفير الحماية والرعاية الاجتماعيّة، والارتقاء بمُستوى خدمات البنية الأساسيّة والعُمرانية، ودفع عجلة التنمية وزيادة فُرص التشغيل المُنتِج واللائق وتوفير التمويل الـمُيسّر للمشروعات الصغيرة، وهو ما يُعزِّز جهود الدولة لتوطين أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، وهي من الركائز الأساسية لرؤية مصر2030، وفي ضوء ذلك فإن: