كاسبرسكي تسلّط الضوء على المخاطر المرتبطة بتحويل الأطفال أنشطتهم الرقمية إلى مصدر للربح

كاسبرسكي

غالباً ما يُطلق على جيل الأطفال الحالي مصطلح «مواطنين رقميين». حيث نشأجيل ألفا (المولودون عام 2010 وما بعد) في بيئة محاطة بالتقنيات المتصلة بالإنترنت، لذا من الطبيعي أن نراهم يستفيدون بفاعلية من جميع المزايا التي يوفرها العصر الرقمي.

منذ بلوغهم الثالثة من العمر تقريباً، يمارس معظمهم الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت ويشاهدون المحتوى المرئي بصورة دورية.

وأصبح الكثير من الأطفال دون الثامنة من العمر يتقنون إتمام عمليات الشراء عبر الإنترنت بأنفسهم.

ومع بلوغهم سن العاشرة، يكون الكثير منهم قد أتقن المبادئ الأساسية للبرمجة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. لكن متى وكيف يبدؤون في تحويل أنشطتهم الرقمية إلى مصدر للربح؟

يكشف أحد الاتجاهات الحديثة أن الإنترنت لم يعد مجرد منصة لإنفاق المصروف والتسلية بالنسبة لشريحة متنامية من الأطفال. بل أصبحت منصة تتيح لهم التعبير عن أنفسهموابتكار سبل إبداعية لتحقيق الدخل. فعلى سبيل المثال، يؤكّد أكثر من 70% من صغار السن في الولايات المتحدة وأوروبا على أهمية تحقيق دخل خاص بهم، في حين يُحقق 42% من المراهقين دخلاً بالفعل بواسطة الأنشطة الإلكترونية.

ولكن ما هي الطرق التي يتبعها أطفال جيل ألفا حول العالم لتحقيق مكاسبهم المالية الأولى في العالم الرقمي، وما هي المخاطر السيبرانية المحتملة التي قد يتعرضون لها؟

التدوين

يُعد «المؤثرون من الأطفال» الذين يمتلكون قاعدة متابعين ضخمة وعقوداً مع كبرى العلامات التجارية سمة بارزة في فضاء التدوين المعاصر. حيث تشهد مدونات الأطفال نمواً متسارعاً في شعبيتها نظراً لما تقدمه من محتوى أصيل، وقدرتها على مواكبة آخر الاتجاهات، إلى جانب الصور المشرقة والقصص المستوحاة من الواقع.

تتجاوز قاعدة المتابعين لحسابات أبرز خمسة أطفال مؤثرين على مستوى العالم، عبر منصات يوتيوب وانستغرام وتيك توك، مئات الملايين من المستخدمين في بعض الأحيان. ويتخطى متوسط دخلهم السنوي حاجز ملايين الدولارات (حيث تتراوح عائدات أبرز المؤثرين بين 10 و30 مليون دولار)، علماً بأن معظمهم لم يبلغوا مرحلة المراهقة بعد.

تعد العقود الإعلانية الوسيلة الأكثر انتشاراً التي يعتمد عليها الأطفال في تحقيق عائدات مالية من مدوناتهم. وخلال السنوات الأخيرة، اعتمدت العديد من العلامات التجارية المتخصصة في منتجات الأطفال استراتيجيات ترويجية تقوم في المقام الأول على الشراكة مع المدونين من الأطفال. حيث تبدي الشركات العالمية الكبرى مثل ماتيل وهاسبرو وليغو، إلى جانب العلامات التجارية المحلية الصغيرة، اهتماماً متزايداً بمجال تدوين الأطفال. ويستطيع المؤثرين، حتى الذين يمتلكون قاعدة متابعين متواضعة نسبياً، استقطاب بعض المعلنين.

في المقابل، قد يواجه الأطفال المدونون مجموعة من المخاطر السيبرانية المحتملة. من بين هذه المخاطر رسائل التصيد الاحتيالي التي تتخذ شكل عروض تعاون، يقوم المخترقون بإرسالها متظاهرين بأنهم ممثلون لعلامات تجارية. يمكن أن يؤدي فتح الروابط أو المستندات المرفقة في مثل هذه الرسائل الإلكترونية/النصية إلى تنزيل برمجيات خبيثة على جهاز الطفل، مما قد يتسبب في فقدان البيانات الشخصية أو خسائر مالية واختراق الحسابات. لتضليل المستخدمين، ينشئ المهاجمون صفحات مزيفة للعلامات التجارية تبدو مشابهة جداً للصفحات الحقيقية. لذا، ينبغي على المدونين الصغار والأهل، الذين يتولون غالباً مهام إدارة أعمالهم، توخي الحذر الشديد عند استلام رسائل من جهات مجهولة، مع التحقق من مصداقية المصدر والروابط، إضافة إلى استخدام حلول أمنية موثوقة تحول دون الوصول إلى الروابط الخبيثة.

الألعاب الإلكترونية

في سياق العلاقة بين الأطفال والألعاب الإلكترونية، ينصب النقاش عادةً على حجم الإنفاق المالي والوقت المستهلك من قبل الأطفال خلال ممارسة الألعاب عبر الإنترنت. غير أن الكثير من اللاعبين الصغاراكتشفواسبلاً لتحويل هوايتهم المفضلة إلى مصدر للدخل: تعد البرمجة، وكتابة التقييمات، واختبار الألعاب، «والمتاجرة بالتصاميم المخصصة الافتراضية» مجرد نماذج لكيفية تحقيق الأطفال لمكاسب مالية من خلال الألعاب.

وقد يتمكن عدد محدود من الأطفال من الوصول إلى مستوى الاحتراف في الرياضات الإلكترونية والمشاركة في البطولات الإقليمية والدولية، محققين جوائز مالية ضخمة. فعلى سبيل المثال، لم يتجاوز عمر أصغر فائز في تاريخ بطولة دوتا 2 العالميةستة عشر عاماًحين حقق انتصاره.

يتزايد حضور اللاعبين القصّر تدريجياً في فضاء الألعاب الإلكترونية، حيث تتجاوز نسبتهم 40% من إجمالي المستخدمين في بعض الألعاب العالمية الشهيرة مثل روبلوكس وماينكرافت. وفي المقابل، كثيراً ما تتحول هذه الألعاب الشائعة إلى هدف للمخترقين والمخادعين.

على سبيل المثال، كشفت كاسبرسكي عن ارتفاع نسبة اللاعبين الصغار المستهدفين من قبل المجرمين السيبرانيين في الألعاب الإلكترونية بمعدل 30% خلال النصف الأول من عام 2024 مقارنة بعام 2023.

بينما يطور الأطفال مهاراتهم في الألعاب بسرعة ويحولونها إلى مصدر للدخل، تتزايد الحاجة لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية هذا النوع من العوائد الرقمية. ومن بين الإرشادات العملية للحفاظ على الأمان في الألعاب الإلكترونية؛ إنشاء كلمات مرور قوية وآمنة، والامتناع عن تحميل الملفات من المصادر المشبوهة. حيث تعد حماية البيانات المالية والمعلومات الشخصية من القواعد الجوهرية للحفاظ على المكاسب المالية المحققة عبر الإنترنت.

العملات الرقمية المشفرة والتجارة الإلكترونية

تتزايد شعبية تداول العملات المشفرة والبيع عبر الإنترنت بين الأطفال، على الرغم من القيود المفروضة لحماية القاصرين.

يُقصد بتداول العملات المشفرة عملية شراء وبيع العملات الرقمية بهدف تحقيق هامش ربح من التقلبات السعرية. وتتباين القيود القانونية المفروضة على العملات المشفرة من دولة لأخرى. في غالبية الدول التي تجيز تداول العملات المشفرة بشكل رسمي، لا توجد قيود قانونية صريحة تمنع القاصرين من إجراء معاملات تداول العملات المشفرة.

غير أن منصات التداول الرئيسية مثل بينانس أو كوين بيس تشترط أن يكون المستخدم قد بلغ الثامنة عشرة من العمر كحد أدنى للسماح له بإنشاء حساب. إلا أن هناك العديد من الحلول البديلة مثل الحسابات الوصائية التي يقوم الأهل بإنشائها وإدارتها، أو المنصات المصممة خصيصاً للأطفال في مجال العملات المشفرة.

يتمثل الشرط الأساسي في هذه الحالات في ضرورة خضوع كافة المعاملات لموافقة وإشراف الأهل أو الأوصياء القانونيين.

تطبق قواعد مماثلة على عمليات البيع عبر الإنترنت. حيث يمكن للأطفال استخدام المنصات الإلكترونية مثل إيباي وأمازون للمتاجرة في الألعاب والكتب والملابس، وكذلك المنتجات المصنوعة يدوياً. ولتفادي تعرض حساباتهم للحظر، يتعين إنشاء هذه الحسابات من قبل الأهل أو بموافقتهم الرسمية.

وعادةً ما تتطلب المعاملات المالية عبر الإنترنت الارتباط ببطاقة دفع أو محفظة إلكترونية، وهو ما يجعلها هدفاً للمحتالين.

تكشف تحليلات كاسبرسكي في مجال الأمن السيبراني أن الروابط والمواقع الإلكترونية المزيفة الهادفة إلى سرقة البيانات المصرفية للمستخدمين، أو الاستيلاء على حساباتهم ومحافظ عملاتهم المشفرة، تعد من أكثر أساليب الخداع شيوعاً في مجال العملات المشفرة.

وينبغي على الأطفال والأهل توخي الحذر الشديد في اختيار المواقع الإلكترونية التي يقدمون فيها بياناتهم الشخصية أو رموز التعريف الشخصية أو كلمات المرور، مع ضرورة التحقق المضاعف من العروض الخاصة المقدمة عبر الإنترنت. وللتخفيف من مخاطر الخسائر المالية، من الضروري التفكير في حلول حماية المدفوعات الإلكترونية التي تكشف روابط الدفع الخبيثة وتحول دون اعتراض بيانات البطاقات الائتمانية.

إجمالاً، يتضح وجود اتجاه تصاعدي ملموس في مستوى الاستقلالية المالية للأطفال في العالم الرقمي. كما أن التقنيات الرقمية تجعل من «الدخل المادي للأطفال» ممارسة مألوفة تؤثر بشكل كبير على السلوكيات الرقمية لجيل ألفا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، يفرض العالم الرقمي على الأطفال تبني نهج البالغين في التعامل مع كافة المخاطر السيبرانية المحتملة، لضمان تجارب رقمية أكثر إيجابية وأماناً.