أظهر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن سوق الشركات الناشئة في مصر شهد خلال السنوات الأخيرة؛ طفرة في ريادة الأعمال وتمويل رأس المال الاستثماري وسياسات الشركات الناشئة المواتية؛ ما جعل مصر نقطة جذب للمستثمرين.
جاء ذلك في تقرير أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحت عنوان “تمكين الشركات الناشئة وريادة الأعمال في مصر ريادة إقليمية وجهود حكومية”.
وأوضح أن ظهور حاضنات التكنولوجيا والمسرعات العالمية؛ أدى إلى تعزيز نمو قطاع التكنولوجيا لا سيما في مجال شركات التجارة الإلكترونية الناشئة، ووفقاً لتقرير “مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة”، الصادر عن مؤسسة “ستارت أب بلينك” عام 2024؛ فإن مصر تقع ضمن أفضل بيئات العمل الداعمة للشركات الناشئة؛ حيث تحتل المركز 66 عالمياً والمركز الأول في منطقة شمال إفريقيا، كما تقع مدينتا القاهرة والإسكندرية ضمن قائمة أفضل 1000 مدينة عالمياً.
وانضمت القاهرة إلى قائمة أفضل 100 مدينة على مستوى العالم بقفزة قدرها 27 مركزاً مقارنة بنفس التقرير الصادر عن عام 2023، ولا تزال القاهرة في المركز الثاني على مستوى إفريقيا، وتحتل المدينة المرتبة الأولى في إفريقيا في مجالات تكنولوجيا الأغذية والنقل والبرمجيات والبيانات والتسويق والمبيعات.
ومن ناحية التوظيف؛ فوفقاً لتقرير النظام البيئي للشركات الناشئة في مصر 2021، الصادر عن منصة DISRUPT Africa، فإن النظام البيئي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في مصر؛ يعد مساهماً رئيسياً في التوظيف حيث يعمل ما يقرب من 13 ألف فرد في 562 شركة ناشئة ويبلغ متوسط عدد الموظفين في كل شركة ناشئة 23 موظفاً، ويعد قطاع التجارة الإلكترونية أكبر جهة توظيف ضمن النظام البيئي التكنولوجي، وتأتي التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا التعليمية في المركزين الثاني والثالث على التوالي، وفيما يتعلق بالاستثمارات التي تم تسجيلها للشركات الناشئة في مصر فقد أوضح تقرير الاستثمار الجريء في المشاريع الناشئة في مصر 2022 أن رأس المال المخاطر قد تطور في مصر من حيث المبلغ وعدد الصفقات، حيث نجحت الشركات الناشئة في جمع صفقات تمويلية بقيمة 517 مليون دولار من خلال 160 صفقة مُبرمة خلال عام 2022؛ بما يمثل رقماً قياسياً جديداً لحجم رأس المال المخاطر في قطاع الشركات الناشئة في مصر وبمعدل نمو سنوي بلغ 3.2 % مقارنةً بعام 2021.
وفي ذات الصدد جاءت مصر في المركز الثالث إفريقياً من حيث إجمالي تمويل الشركات الناشئة لعام 2022 بقيمة 517 مليون دولار واستحوذت على حصة قدرها 18% من إجمالي تمويل إفريقيا، وفي ذات السياق فقد أوضح التقرير تطور عدد الصفقات التي تم تمويلها للشركات الناشئة في مصر منذ عام 2018 وحتى عام 2022، حيث بلغ عدد الصفقات 160 صفقة في عام 2022 مقارنة بـ 114 صفقة في عام 2018؛ وهي زيادة بمعدل 40.3 %؛ وبناءً عليه احتلت مصر المرتبة الثانية إفريقياً والأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إجمالي عدد الصفقات لعام 2022.
وتصدر قطاع التجارة الإلكترونية نشاط الصفقات المُبرمة فـي مصر عام 2022؛ حيث استحوذ على أعلى حصة من الصفقات بنسبة 23%، كما جاءت شركات التكنولوجيا المالية فـي المرتبة الثانية بنسبة 18% من إجمالي عدد الصفقات.
وفي السياق؛ نشطت الشركات الناشئة فـي مصر عبر مجموعة أخرى من المجالات كالنقل والخدمات اللوجستية بإجمالي 18 صفقة والرعاية الصحية بإجمالي 12 صفقة، والمشاريع والبرمجيات بإجمالي 10 صفقات، وفـيما يتعلق بالقطاعات الأعلى تمويلاً لعام 2022 فقد استحوذ ثلاثة قطاعات على أعلى نصيب من التمويل وهي (التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والنقل والخدمات اللوجستية)، حيث استحوذت القطاعات الثلاثة على 83% من إجمالي التمويل الموجه للشركات الناشئة فـي مصر وذلك بإجمالي تمويل بلغ 217 مليون دولار للتكنولوجيا المالية، و148 مليون دولار للتجارة الإلكترونية، و62 مليون دولار للنقل واللوجستيات.
أما بالنسبة لتطور نشاط الشركات الناشئة فـي مصر خلال عام 2023 فقد بلغ حجم التمويل الممنوح للشركات الناشئة نحو 608 ملايين دولار، وبالنظر إلى وضع الشركات الناشئة فـي مصر مقارنةً بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجد أن الشركات الناشئة المصرية قد استحوذت على 2,15% من إجمالي الاستثمارات فـي المنطقة والتي بلغت 4 مليارات دولار خلال عام 2023، وسجلت ثالث أكبر متلقي لرأس المال بعد السعودية والإمارات بفضل جولة تمويل منصة “تريلا” اللوجستية فـي سوق النقل بالشاحنات فـي مصر بقيمة 5,3 ملايين دولار.
وبالنسبة للأنشطة التي تركزت فـيها الشركات الناشئة فـي مصر عام 2023؛ فيمكن توضيح القطاعات الخمس الرائدة من حيث الاستحواذ على أعلى الاستثمارات، حيث استحوذ قطاع التطبيقات الشاملة “السوبر آب” على 530 مليون دولار بنسبة 17,87% من إجمالي الاستثمارات، ثم استحوذ قطاع التكنولوجيا الصحية على استثمارات بلغت 26 مليون دولار؛ موزعة على 14 صفقة.
وأتى قطاع التكنولوجيا المالية فـي المرتبة الثالثة باستثمارات بلغت نحو 12 مليون دولار إلا أنه ظل فـي المرتبة الأولى من حيث عدد الصفقات، حيث استحوذ القطاع على أكبر عدد صفقات بلغ 19 صفقة، فـيما حظي قطاع النقل باستثمارات قيمتها 9 ملايين دولار من خلال 5 صفقات، أما بقية الاستثمارات مجمعة فبلغت 31 مليون دولار، وُزعت على قطاعات (وسائل الإعلام، والتكنولوجيا التعليمية، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا النظيفة، وغيرها).
وأكد التقرير أن مصر تمتاز بالعديد من الفرص والمزايا النسبية مقارنةً بنظرائها فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تميز الاقتصاد المصري بقدرته على جذب الاستثمارات فـي رأس المال المخاطر، كما ساهمت الجهود الحكومية فـي ازدهار قطاع ريادة الأعمال فـي مصر؛ مما جعل الدولة المصرية من أوائل دول المنطقة فـي النظام البيئي الداعم للشركات الناشئة.
ويمكن توضيح المزايا النسبية لمصر من خلال العديد من النقاط من أبرزها أن مصر تتسم بالتنوع القطاعي المتوازن؛ مما يمنح نظامها البيئي أفضلية فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ حيث تم تصنيف مصر من بين أفضل دولتين إفريقيتين تتمتعان بأعلى مستوى من التنوع القطاعي الأكثر توازناً، بالاضافة إلى تمتلك مصر فرصاً واعدة كبيئة عمل داعمة للشركات الناشئة مقارنة بنظرائها فـي القارة الإفريقية.
وبالنظر إلى وضع الشركات الناشئة فـي مصر مقارنةً بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجد أن الشركات الناشئة المصرية قد استحوذت على 15.2% من إجمالي الاستثمارات فـي المنطقة والتي بلغت 4 مليارات دولار عام 2023، فضلاً عن احتلت الشركات الناشئة المرتبة الثالثة من حيث تلقي رأس المال فـي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد السعودية والإمارات عام 2023، بجانب تعد بيئة الشركات الناشئة فـي مصر هي الأقوى فـي شمال إفريقيا حيث تحتل مصر المرتبة الأولى فـي شمال إفريقيا فـي مؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة ويظُهر النظام البيئي المصري إمكانات كبيرة.
وأشار التقرير إلى ملامح سوق الشركات الناشئة عالمياً حيث شهدت ارتفاعاً نسبياً في حجم التمويل الموجه للشركات الناشئة خلال الفترة 2019 – 2021، حيث سجل التمويل عام 2019 نحو 294.8 مليار دولار وسجل عام 2020 تمويل بنحو 335 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 13.6 %؛ إذ أحدثت جائحة كوفيد- 19 تحولات كبيرة في المشهد الاستثماري العالمي لرأس المال المخاطر، فأدت – في بداية الأمر – إلى حالة عدم اليقين ومن ثم انخفاض نشاط رأس المال المخاطر وواجهت الشركات الناشئة تحديات تمويلية وخاصًة في القطاعات المتضررة مثل السفر وتجارة التجزئة.
وفي المقابل مع استمرار الوباء سرعان ما عادت سوق الشركات الناشئة للنمو بمعدلات سريعة ليبلغ التمويل أعلى مستوياته عام 2021، بقيمة تُقدر بنحو 643 مليار دولار بزيادة بلغت 92%، ثم سجل عام 2022 قيمة تمويل تُقدر بنحو 462 مليار دولار بانخفاض بنحو 28,1 %، تلاه عام 2023 الذي وصل حجم التمويل فيه إلى نحو 285 مليار دولار؛ وهو ما يمثل انخفاضاً كبيراً بنسبة 38,3% مقارًنة بعام 2022.
الجدير بالذكر أنه على الرغم من تدهور حجم التمويل الموجه للشركات الناشئة عام 2023 بشكل عام، فإن بعض القطاعات استطاعت تحقيق صفقات تمويلية كبيرة واستمرت في النمو ومثال على ذلك الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث استحوذت على استثمارات بما يبلغ نحو 22.5 % من إجمالي التمويل عام 2023، حيث وصل الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة لعام 2023 إلى نحو 64 مليار دولار، كما نجحت بعض الشركات الناشئة التكنولوجية في السيطرة على أعلى الصفقات التمويلية.
وقد كانت شركتي التكنولوجيا Changxin Xinqiao وAnthropic من أبرز الشركات التي حصلت على تمويل في الربع الأخير من عام 2023، حيث حصلتا على أعلى تمويل بمقدار 2 مليار دولار لكلا منهما، وجاءت في المرتبة الثالثة شركة Metropolis والتي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي أيضاً، وقد حصلت على تمويل قدره 1,7 مليار دولار.
وفيما يتعلق بعدد الصفقات في الشركات الناشئة عالمياً خلال الفترة من 2020 – 2023 فقد وصل عددها إلى حوالي 31 ألف صفقة عام 2020، ثم نما العدد حتى سجل حوالي 42.5 ألف صفقة في عام 2021، ثم سجل 42.9 ألف صفقة في عام 2022، وفي عام 2023 انخفض عدد الصفقات بحوالي 28.8% عن المستوى الذي كان عليه عام 2022 مسجلاً حوالي 30.5 ألف صفقة فقط.
وبمقارنة بيانات الربع الأول لعام 2024 ببيانات الربع الأخير لعام 2023 يتضح انخفاض طفيف في عدد الصفقات في الربع الأول لعام 2024، حيث سجل عدد الصفقات حوالي 6.2 آلف صفقة مقارنة بحوالي 6.7 آلف صفقة في الربع الأخير من عام 2023، وبمقارنة بيانات الربع الأول من 2024 ببيانات نفس الربع في عام 2023 فقد أظهرت البيانات انخفاضاً جليّاً في عدد الصفقات من 8.9 آلف صفقة في الربع الأول لعام 2023 وصولاً إلى 6.2 آلف صفقة للربع الأول لعام 2024.
أما عن القطاعات التي استحوذت على النصيب الأكبر من التمويل في الشركات الناشئة في الربع الأول لعام 2024 فقد أتي قطاع الرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية على رأس هذه القطاعات حيث جمعت الشركات في هذا القطاع 15.7 مليار دولار أو نحو 24 % من إجمالي التمويل العالمي، واستمر قطاع الذكاء الاصطناعي في الظهور ضمن القطاعات الرائدة للاستثمار وجمعت الشركات في هذا القطاع حوالي 11.4 مليار دولار أو نحو 17 % من إجمالي التمويل العالمي.
ومن المتوقع أن يستمر النمو في رأس المال المخاطر العالمي عام 2025؛ لكن بمعدلات أكثر تباطؤاً؛ ليصل إلى 477,2 مليار دولار بمعدل نمو 1,9 %، على أن يصل عدد الصفقات إلى 47,5 ألف صفقة بمعدل نمو 0,8 %، علاوة على ذلك ستظل الدول الخمس الرائدة عالمياً في قطاع ريادة الأعمال (الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وإسرائيل، وسنغافورة، وكندا) في الحصول على أعلى تمويلات رأس المال المخاطر حتى عام 2025، وعند النظر إلى المدى الأبعد من المتوقع أن يصل حجم سوق الشركات الناشئة إلى حوالي تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2032.
واستعرض التقرير ملامح سوق الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث برزت المنطقة كمركز ديناميكي لنشاط الشركات الناشئة في السنوات الأخيرة، وبالنظر إلى التمويل الموجه للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتضح اتجاه التمويل للنمو المطرد خلال الفترة (2020 – 2023)؛ حيث ارتفعت قيمة رأس المال المخاطر في المنطقة بأكثر من 5 أضعاف مسجلة 4 مليارات دولار عام 2023 صعوداً من 0,654 مليار دولار فقط لعام 2020.