يظل التدخين، وما يسببه من أضرار، أحد الإشكاليات الكبرى التي تواجه مئات الملايين من المدخنين حول العالم، وتظل الأسئلة المتعلقة بكيفية الإقلاع عنه؟ وتجنب أضراره أو حتى التخفيف منها أسئلة ملحة تدور في أذهان وعقول المدخنين كل يوم، تنتظر الإجابة عنها.
وبحكم التخصص، ووفقا للدراسات العلمية المثبتة فى مدي تأثير التدخين على الجهاز البولي والتناسلي للإنسان فيمكنني القول بأنه أحد أجهزة الجسم التي تتأثر بأضرار التدخين، فالمدخنين أكثر عرضة للإصابة بسرطان المثانة، وسرطان الكلى، بنسبة 25 ضعفا عن غير المدخنين، كما أنهم قريبون جدا من خطر الإصابة بأمراض المثانة العصبية ومشكلات التبول.
وتأصيلا للمشكلة فلابد ان نعرف ما هو الهدف من التدخين؟ أو لماذا يستمر الانسان فى التدخين؟ الهدف الرئيسي هو الحصول على ماده النيكوتين الموجودة في اوراق التبغ، وهي مادة تسبب الإدمان بطبيعتها وليست خالية من الأضرار، خاصة اذا كانت طريقة الحصول عليها مصحوبة بالحرق ، كما يحدث في أساليب التدخين التقليدية مثل السيجارة العادية او الغليون او الشيشة.
وقد اثبت دراسات علمية حديثة صدرت فى أكثر من دولة حول العالم أن الأضرار الحقيقية للتدخين ليست بسبب النيكوتين وإنما بسبب عملية الحرق التي تتم للسيجارة، حيث يحتوي الدخان الناتج عن عملية حرق التبغ والقطران والورق، وبعض المواد الاخرى الموجودة فى السيجارة على أكثر من 4000 مادة كيميائية ضارة منها أكثر من 400 مادة سامة.
ولعلم الجميع بخطورة التدخين، فإن أغلب المدخنين يرغبون في الإقلاع، لكن الأمر ليس بهذه السهولة التي يظنها غيرهم، وقد يحتاج الأمر لوسائل مساعدة إن صح التعبير ليأتي دور العلم والأبحاث. لذلك يظل عدم التدخين هو الخيار الأصح دائما للإنسان.
كما يظل الإقلاع عن التدخين هو الخيار الأفضل لجميع المدخنين، أما من لا يستطيعون الإقلاع عنه لأي سبب من الأسباب فلا يجب أن يستمروا فيه بالطرق التقليدية، وإنما التحول نحو منتجات بديلة يمكن أن تكون اقل ضررا، وذلك كخطوة أولى على طريق الإقلاع النهائي عنه.
ولتحقيق هذا الهدف أكدت بعض الدراسات العلمية الحديثة، ما يمكن وصفه بأنه أمل جديد يمكن أن يخفض من مخاطر التدخين، عن طريق التحول إلى بدائل تعتمد على تكنولوجيا جديدة هي تسخين التبغ عند درجة حرارة منخفضة لا تتعدي 350 درجة وليس حرقة، بما يمنح المدخن نفس تجربة التدخين.
وهنا أؤكد على أنني لا أروج للتدخين أو حتى لهذه المنتجات. ولكنى أتحدث من منطلق علمي بحت، وهو أن المدخن غير القادر على الإقلاع عن التدخين لا يجب ان يُترك هكذا، خاصة في ظل وجود بدائل تكنولوجية يمكن أن تخفف من أضرار التدخين التقليدي القائم على عملية حرق التبغ.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية “FDA”، أجازت بيع منتجات التبغ المسخن فى الولايات المتحدة الامريكية مرتين خلال عام 2020 بعد عمليات تقييم ومراجعات كاملة للأدلة والإثباتات العلمية التي قدمتها الشركات المنتجة لهذه المنتجات الإلكترونية.
وبالرغم من أن تكنولوجيا تسخين التبغ لا تخلو نهائيا من المخاطر فإنها تشكل بديلاً أفضل للمدخنين البالغين الذين لا يرغبون في الإقلاع نهائيا عن التدخين، أو الذين يريدون تخفيف أضراره، علما بأن الخيار الأفضل للجميع يتمحور حول الإقلاع نهائياً عن التدخين..وحفظ الله الجميع.
بقلم أ.د / مجدى عبد الرؤوف سبع
رئيس جامعة طنطا – أستاذ بقسم المسالك البولية جامعة طنطا