أكد الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، أنه منذ حفر قناة السويس قبل 152 عاماً، تشارك قناة السويس بقوة في تاريخ مصر الحديث، ومنذ تأميمها قبل 67 عاماً وهي تمثل شرياناً استراتيجيا واقتصادياً هاما للدولة المصرية، وشهدت القناة مرور أكثر من 31 مليار طن من البضائع محققة دخلاً تجاوز الـ143 مليار دولار، لكنها منذ العام الماضي تحلق منفردة بأرقام غير مسبوقة لتصل إلى 9.4 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023 وهو أكبر دخل حققته القناة في تاريخها.
وأوضح ربيع – في حواره مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء – أن القناة حققت زيادة غير مسبوقة بلغت نحو 35% عن السنوات السابقة، وترجع تلك الزيادة لعدة أسباب ومنها حفر قناة السويس الجديدة والتى تعد ضمن أهم الأسباب التي أدت لهذا الإنجاز، ذاكرا أن الخدمات التي تقدمها القناة للسفن المارة كانت ضمن الأسباب أيضاً.
بالإضافة لتخفيض زمن عبور السفن والذي أصبح 11 ساعة فقط فضلا عن زيادة قدرة القناة على عبور عدد أكبر من السفن حيث أصبح لديها القدرة على السماح بمرور نحو 120 سفينة وبأحمال كبيرة، وفي حادث ايفرجيفن كان هناك أكثر 400 سفينة تنتظر المرور وبسب التطوير والقناة الجديدة عبرت جميعها في زمن قياسي وبمعدلات مرور لم تشهدها القناة من قبل.
وأوضح الفريق أسامة ربيع أن الخدمات المستحدثة التي قدمتها الهيئة العامة لقناة السويس للسفن عملت على جذب عملاء جدد للقناة حيث يتم تقديم العديد من الخدمات مثل تموين السفن وجمع المخلفات وخدمة تغيير الأطقم التي بدأناها خلال أزمة كورونا ومازلنا مستمرين في تقديمها حتى الان، وغيرها من الخدمات مثل خدمة الإسعاف، خدمات الإصلاح والصيانة داخل الترسانات التابعة للهيئة في السويس وبورسعيد.
وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى تقديم الهيئة خدمات جديدة كل عام تصل في بعض الأحيان إلى 5 خدمات، قائلا: “السفن عادة تحصل على نحو 20 خدمة بخلاف خدمة المرور من المعابر حول العالم”.
ولفت إلى امتلاك الهيئة، مركز محاكاة لا مثيل له في العالم، يتدرب خلاله العاملين بالهيئة على كل المهام التي توكل إليهم، حيث يضعهم في أجواء مماثلة لأجواء العمل ويرفع قدراتهم الفنية والمهنية، ولا يقتصر الأمر على التدريب فقط بل يتم إرسال المرشدين للتدريب في الخارج كما يتم تدريبهم على تجاوز المخاطر والأزمات والحوادث التي يشهدها العالم في المعابر الأخرى حتى يتمكنوا من المساعدة حال حدوثها في أي مكان.
وعقب تولي الفريق أسامة ربيع، مهمة رئاسة الهيئة قدم استراتيجية متكاملة لتطوير الهيئة وعرضها على الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تضمنت عدة محاور أبرزها:
تطوير المجرى الملاحي، وتضمنت أعمال توسعة وإنشاء جراجات تلجأ إليها السفن لإصلاح أعطالها دون التأثير على مرور السفن، وحتى الآن تم إنشاء 10 جراجات في القناتين.
كما تضمنت أعمال التطوير وضع قيسونات و”مرابط” على ضفتي القناة للسفن التي تشهد أعطال بسيطة لإصلاحها بطول المجري الملاحي، وشملت أعمال التطوير بالأساس العمل على زيادة عمق القناة لتصل إلى 24 مترا يتم مراجعتها بصورة دورية ومستمرة للتأكد من عدم تأثرها بأعمال التجريف التي قد تحدث من الأجناب.
وكان تطوير القطاع الجنوبي من القناة ضمن أصعب الأعمال التي قامت وتقوم بها الهيئة بها في هذا القطاع الممتد لمسافة 30 كم –والذي لم يشهد هذا القطاع تطويراً منذ عام 1990، لكن بعد وصول الكراكتين حسين طنطاوي ومهاب مميش بدأ العمل على تطويره حيث يعملان بقدرات غير مسبوقة “3600 قدرة تكريك في الساعة”.
وأشار الفريق أسامة ربيع، إلى العمل على توسعة عرض هذا القطاع من جهة الشرق وزيادة عمقه لـ 27 مترا ما أدى لزيادة عامل الأمان الملاحي بنسبة 28%.
وانتقل الفريق أسامة ربيع للحديث عن تطوير منطقة البحيرات المرة والتي شهدت أعمال تطوير بطول 10 كم عبر مضاعفة عرض المجرى في هذه المنطقة لتصل إلى 500 متر بدلاً من 250 مما أدى لرفع قدرات القناة.
وأشار رئيس الهيئة إلى إنفاق الهيئة، على كل مشاريعها من ميزانيتها المعلنة ولا تحمل الدولة أي أعباء إضافية بل تنفق على تلك المشاريع بالجنيه المصري ويكون العائد دائماً بالعملة الأجنبية.
وأوضح أنه بناء على توجيهات رئيس الجمهورية لم تؤثر أعمال التطوير على حركة الملاحة بل كان العمل يتم خلال توقف حركة السفن في القناة.
وتحدث الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس عن تطوير الاسطول البحري للقناة مؤكداً أن الهيئة قطعت شوطا كبيرا نحو تنفيذ استراتيجيتها الطموحة لتطوير وتحديث أسطولها البحري من الكراكات والقاطرات والوحدات البحرية المعاونة وفق التكنولوجيا الأحدث عالميا بما يضمن الارتقاء بمستوى الخدمات البحرية والملاحية المقدمة للسفن العابرة.
الكراكات في قناة السويس:
أوضح أن أبرز أعمال تطوير الأسطول خلال الآونة الأخيرة هو انضمام كراكتين الأكبر بالشرق الأوسط وهما الكراكة “مهاب مميش” والكراكة “حسين طنطاوي”، ويبلغ الطول الكلي لكل كراكة ١٤٧,٤مترا، والعرض ٢٣مترا والعمق ٧,٧٠متر، والغاطس ٥,٥٠متر، والإنتاجية ٣٦٠٠ متر مكعب من الرمال/الساعة على طول ٤كم، وتساهم الكراكتين في الحفاظ على أعماق القناة وتنفيذ المشروعات المستقبلية لاسيما مشروع تطوير القطاع الجنوبي.
ولفت إلى حرص الهيئة منذ انضمام الكراكات الجديدة على توفير قطع الغيار اللازمة للكراكات من أسنان الحفار والتي تتطلب تغيير دوري نتيجة صعوبة وصلابة التربة بالقطاع الجنوبي للقناة والذي تعمل بها الكراكتين حالياً.
القاطرات:
بيّن أن استراتيجية التطوير في هذا الصدد تشمل إضافة 28 قاطرة لأسطولها من القاطرات؛ لمواكبة تزايد أعداد السفن المارة بالقناة، وانطلاقاً من حرص الهيئة على الارتقاء بمستوى الخدمات الملاحية المقدمة ولتعزيز قدرات فريق الإنقاذ البحري.
كما أوضح أن التطوير بدأ بضم 6 قاطرات صغيرة بقوة شد تتراوح ما بين 9 إلى 15 طنا، ثم تم ضم 4 قاطرات بقوة شد 70 طنا تم بنائهم بترسانة بورسعيد وبالفعل شاركت هذه القاطرات في عملية إنقاذ السفينة Ever given، وأعقبهم 6 قاطرات أخرى بقوة شد 75 طنا يتم بنائهم بالتعاون مع ترسانة جوانزو الصينية، حيث تم بناء ثلاث منهم بالصين وتم استلامهم بالفعل، فيما يتم تصنيع الثلاثة الآخرين بترسانات الهيئة، وبلغت نسبة الإنجاز بهم 50% ومن المتوقع اكتمال بنائهم في نوفمبر من العام الجاري.
واستكملت الهيئة تعزيزها لأسطول القاطرات، بإبرام شراكة مع ترسانة جنوب البحر الأحمرلإنشاء 10 قاطرات بقوة شد 90 طنا، فيما تم التعاقد على قاطرتين عملاقتين بقوة شد 190 طنا بترسانة الإسكندرية.
أسطول الوحدات البحرية المعاونة:
ذكر أن الهيئة استلمت ثلاثة وحدات جديدة لمكافحة التلوث من طراز Multi cleaner 128، بعد اكتمال بنائهم بترسانة EFINOR الفرنسية المصنفة كأكبر الترسانات العالمية المتخصصة في مجال بناء وحدات مكافحة التلوث، وتعد الوحدات الجديدة المصنعة من الألومنيوم (كاشط ١، كاشط ٢، وكاشط٣) هي الوحدات الأولى من نوعها في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وهي مصممة طبقاً لأعلى المواصفات العالمية للوحدات المعتمدة التي تعمل في مجال مكافحة التلوث البترولي.
وأظهر أن الوحدات الجديدة تناسب احتياجات العمل بالقناة وتتماثل في خصائصها ومواصفاتها، فيبلغ طول الوحدة الواحدة ١٣,٥ متراً، وعرضها ٥ أمتار، فيما يبلغ غاطسها ١,٥ متر، وتصل سرعتها ٩ عقدة خلال الإبحار فيما تتراوح من ٤ إلى ٥ عقدة خلال مناورات مكافحة التلوث.
ونوه بأنه يتواكب حصول الهيئة على لنشات مكافحة التلوث مع حرص قناة السويس على الوفاء بالالتزامات البيئية للحفاظ على البيئة البحرية طبقاً للخطة القومية لمكافحة التلوث بالتعاون مع وزارة البيئة.
وأضاف رئيس الهيئة، أن توجيهات الرئيس كانت واضحة بأن يكون كل ما يعمل في المجري الملاحي من قاطرات وكراكات وخلافه على أعلى مستوى ويليق بمصر أما العالم.
كما تحدث الفريق أسامة ربيع عن محور تطوير أصول الهيئة قائلاً: لدينا 7 شركات تابعة للهيئة بينها شركات موجودة منذ 152 عاماً أي منذ انشاء القناة بالإضافة لشركات تم إنشاءها لاحقا منذ التأميم وحتى الآن وقمنا بتعظيم القيمة المضافة منها عبر رفع قدرتها وتطوير أدائها في تقديم خدمات للسفن المارة بالقناة بالإضافة لمشاركتها في مشاريع تنموية في مختلف محافظات مصر حتى اننا نشارك في مشاريع حياة كريمة وغيرها من المشاريع التنموية.
وكشف الفريق أسامة ربيع عن تحول الهيئة الرقمي منذ 2021 والذي ساعد في انهاء الكثير من العمال في زمن قياسي مثل حجز مواعيد مرور السفن في القناة وهذا وحده وفر نحو 4 أيام على السفن المارة بالقناة وكذلك حجز مواعيد الصيانة وحجز خدمات الإسعاف وتغيير المرشدين بالإضافة إلى مساعدة التحول الرقمي ساعد في وضع خطط صارمة لعمليات القطر وساعد في تنفيذ خطط الإنقاذ بسرعة وكفاءة.
ونظر الفريق أسامة ربيع لحادث ايفرجيفن من زاوية مختلفة، كاشفاً عن أن أعمال الإنقاذ تمت بأيادي مصرية ولم تحصل القناة على أى مساعدة من الخارج رغم العروض التي قدمت للهيئة من دول عديدة، خاصة السعودية والإمارات اللتان عرضتا المساعدة الفورية لكن كان لدينا ما يكفينا من قدرات وامكانيات وشكرناهم على عروضهم.
وقال رئيس الهيئة: “قبل الحادث كان الجميع يتحدث عن بدائل للقناة لكن الحادث كشف عن أن قناة السويس لا بديل لها وأن مصر لديها قدرات وعقول تستطيع التغلب على أعظم المصاعب وإن بدت مستحيلة.. فكانت فكرة مهندس صغير السن جديرة بالاستماع لها وباستخدام الكراكات لأول مرة في تاريخ إنقاذ السفن يتم إنهاء الأزمة في أقل من أسبوع وكان المتوقع لإنهائها حسب خبراء عالميين نحو 6 أشهر”.
وقال أسامة ربيع: “هنا ظهرت قدرات مصر وأهمية قناة السويس، وقد شاهد العالم كل شيء لحظة بلحظة في بث مباشر”.
واشار رئيس الهيئة إلى أزمة أخرى وهي أزمة كورونا والتي أصابت العالم كله بالشلل كاشفاً عن تحقيق الهيئة زيادة في عدد السفن المارة بالمجرى الملاحي بلغت نحو 8% وهو ما أبهر العالم والذي شهد كساداً وانخفاضاً في التجارة العالمية وبعض الممرات حققت خسائر كبيرة إلا أن القناة جذبت عملاء جدد من الساحل الشرقي الأمريكي وغرب أوروبا وبعضهم أصبحوا عملاء دائمين، حيث قدمنا لهم حوافز وتخفيضات تراوحت بين 17 و75% للمرور عبر القناة حيث وضعنا حلول غير تقليدية للتعامل مع الأزمة مثل الإرشاد عن بعد وهذا لم يحدث من قبل.
وكشف عن أن كل أعمال الهيئة متاحة للاطلاع من قبل الجميع وأن الهيئة تطبق قواعد الحوكمة والشفافية بمنتهى الصرامة والشفافية في ذات الوقت، موضحاً أن ميزانية الهيئة وأعمالها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية ومجلس النواب.
وأوضح رئيس الهيئة، في نهاية حواره مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن كل من يعمل بالقناة من المصريين منذ عام 1956 وأكد على أمن القناة بنسبة 100% بفضل تأمين القوات المسلحة للمر الملاحي الأهم في العالم.