شينخوا: بعد 20 عاما على الغزو الأمريكي.. العراقيون ما زالوا يتذكرون مأساة مجزرة حديثة

خالد سلمان راصف وهو يحمل صورا لبعض ضحايا مجزرة حديثة

بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي للعراق، لا يزال سكان حديثة، وهي مدينة تقع على ضفاف نهر الفرات في محافظة الأنبار غرب العراق، يتذكرون بألم وغضب شديدين المجزرة التي ارتكبها الجنود الأمريكيون ضد المدنيين الأبرياء.

في الصباح الباكر من يوم 19 نوفمبر 2005، وقع انفجار هائل بالقرب من منزله في حديثة، على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال غرب العاصمة العراقية بغداد، كما يتذكر خالد سلمان راصف، المحامي البالغ من العمر 49 عاما.

وأسفر الانفجار عن مقتل جندي من مشاة البحرية الأمريكية وإصابة اثنين آخرين في قافلة، مما دفع الجنود الناجين إلى شن مداهمة انتقامية على المدنيين المحليين.

بعد ساعات، تمكن راصف من التسلل إلى منزل عمه سليم للتحقق مما إذا كان أي من أفراد عائلته بخير. وهناك التقى صفاء البالغة من العمر 11 عاما، حفيدة سليم، التي أخبرته أن ثمانية من أفراد عائلتها قتلوا على يد الجنود الأمريكيين في وقت سابق، وأنها الناجية الوحيدة.

كما قتل سبعة من أفراد عائلة عبد الحميد، وهو عم آخر لراصف، على يد جنود أمريكيين، بمن فيهم شقيقة راصف وطفلها، حسبما قالت صفاء لراصف.

عندما وصل راصف إلى منزل عبد الحميد في اليوم التالي، “وجد شيئا مأساويا لا يصدق” لأن الدم كان في كل مكان. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه “يبدو أن القوات الأمريكية قد جرت الجثث قبل نقلها إلى مستشفى حديثة. حدث الشيء نفسه في منزل ابن عمي، حيث وجدت الدم في كل مكان”.

خلال المجزرة، اقتحم الجنود الأمريكيون أيضا منزل جمال الغريري، واقتادوا أبنائها الأربعة إلى غرفة واحدة وقتلوهم بالرصاص. هرعت وهي مغطاة بالدماء لتطرق باب منزل جارها أوس فهمي الشمري.

ولكن عندما خرج الشمري من منزله ليرى ما يحدث، تلقى على الفور رصاصة من قناص أمريكي في وركه.

وقال الشمري لوكالة أنباء ((شينخوا)) “لقد آذاني إطلاق النار. لقد عانيت أنا وزوجتي كثيرا لأنني لم أستطع التحرك بشكل صحيح واضطررت إلى تلقي العلاج بانتظام لمدة عام ونصف تقريبا”.

ومن بين ضحايا المجزرة أيضا أربعة طلاب كانوا في طريقهم إلى الكلية في سيارة أجرة. أوقف الجنود الأمريكيون سيارة الأجرة وأخرجوا الطلاب والسائق وقتلوهم جميعا.

ووصف جميل عيادة، شقيق اثنين من طلاب الكلية الذين قتلوا، يوم القتل بأنه “دموي” و”مظلم”. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا))، والدموع في عينيه، “بعد أن فتشوهم وأخذوا جميع وثائقهم (بطاقات الهوية)، أعدموهم بشكل مروع”.

وذكر عيادة أن “الضحايا لم يغادروا منازلهم للقتال، كانوا يعيشون في سلام عندما قتلوا. كانوا أطفالا ونساء ورجالا وشيوخا”.

وأوضح “نحن ننظر إلى أمريكا بازدراء، لأن قوات الاحتلال الأمريكية مجرد إرهابيون وقتلة وصانعون للإرهاب”، مضيفا أنه يجب محاكمة الجنود الأمريكيين المسؤولين عن المجزرة.

ومع ذلك، لم تنته مأساة حديثة بالمجزرة، حيث تعرض السكان المحليون باستمرار للاعتقالات العشوائية والاحتجاز والتعذيب من قبل القوات الأمريكية.

وفي عام 2006، اعتقل الجنود الأمريكيون دهام بدر، وهو فنان تشكيلي في المدينة، وعذبوه دون توجيه تهم إليه قبل نقله إلى مركز احتجاز بوكا في مدينة البصرة الجنوبية.

وقال بدر إنه بالإضافة إلى تجريده من ثيابه والتبول على رأسه وجسده، تعرض أيضا للكم والصفع والركل والضرب بالعصي والقضبان المعدنية من قبل الجنود الأمريكيين.

خلال الاحتلال الأمريكي للعراق، تعرض العراقيون لعقاب أمريكي إذا صادف وجودهم في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.

تعرض غسان عيادة منشد، وهو من سكان حديثة وصحفي يعمل في قناة تلفزيونية خاصة مقرها بغداد، للاعتقال من جانب الجنود الأمريكيين في 10 يوليو 2005 بينما كان يقود سيارته مع صديقه، ضابط شرطة، بالقرب من بلدة هيت، على بعد حوالي 160 كم غرب بغداد.

وأصيب كل من منشد وصديقه بعد أن علقا وسط تبادل لإطلاق النار بين متمردين والقوات الأمريكية.

بعد ذلك، احتجز منشد لأكثر من عام وتعرض لتعذيب جسدي وعقلي شديد. تركه الجنود الأمريكيون تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة ووضعوه في قفص حديدي صغير لمدة 23 يوما، وسمحوا له فقط بالذهاب إلى المرحاض مرتين في الأسبوع والاستحمام مرة واحدة في الأسبوع لا تدوم أكثر من دقيقتين.

وقال منشد إنه أمضى ثمانية أشهر من سجنه في سجن أبو غريب سيئ السمعة، حيث تعرض للإهانة والتعذيب. والجنود الأمريكيون إما منعوا أو أخروا عن عمد زيارات أفراد عائلته.

وانتقد الأمريكيين لكذبهم بشأن وعدهم بتحويل العراق إلى بلد ديمقراطي وحر.

وقال “لم نر أي شيء. لقد سلموا السيطرة على البلاد إلى أحزاب طائفية وعرقية متنافسة تقاسمت الثروات بينما يئن الشعب العراقي من الجوع والفقر”