لقي الإعلان عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، الذي صدر يوم الجمعة في بيان مشترك مع الصين، ترحيبا واسعا في جميع أنحاء العالم باعتباره نصرا للسلام والحوار.
وأشاد محللون ووسائل إعلام بالصين لدورها كوسيط للسلام وبالجهود التي بذلتها لتسهيل الحوار.
نصر من أجل السلام
أعربت الرياض وطهران عن أملهما في فتح فصل جديد في العلاقات وتقديرهما للمساعدة الصينية.
وقال الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني السعودي، “نقدر الاتفاق الذي توصلنا إليه ونأمل بأن نواصل الحوار البناء… مع التعبير عن القيمة والتقدير الذي نعلقه على الدور الإيجابي المستمر الذي تلعبه جمهورية الصين الشعبية في هذا الصدد”.
وبالمثل، قال الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إن “إزالة سوء الفهم والتطلع إلى المستقبل في العلاقات بين طهران والرياض” سيؤدي إلى تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين وزيادة التعاون بين دول المنطقة.
كما أعرب شمخاني عن تقديره لـ”الدور البناء” الذي تلعبه الصين في دعم تنمية العلاقات بين الدول، وهو أمر ضروري لحل التحديات وزيادة السلام والاستقرار وتعزيز التعاون الدولي، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية.
كما رحبت دول وأطراف مختلفة في الشرق الأوسط، بما فيها مصر والإمارات والأردن والعراق ولبنان واليمن، باتفاق بكين.
ونشر أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، تغريدة على موقع التدوين المصغر (تويتر) قال فيها “نرحب بالاتفاق بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ونثمن الدور الصيني في هذا الشأن”.
وأضاف أن الإمارات مؤمنة بأهمية التواصل والحوار الإيجابي بين دول المنطقة نحو ترسيخ مفاهيم حسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل أكثر استقرارا للجميع.
وفي الوقت نفسه، أشادت الأمم المتحدة بالاتفاق السعودي الإيراني على إعادة العلاقات الدبلوماسية، مثنية على الدور الذي لعبته الصين خلال العملية.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن “الأمين العام أعرب عن تقديره لجمهورية الصين الشعبية لاستضافتها هذه المحادثات الأخيرة ولتعزيز الحوار بين البلدين”، مشيدا بالجهود التي بذلتها دول أخرى مثل عُمان والعراق.
— لماذا الصين؟
أشار محللون إلى أن الصين تحترم مكانة دول المنطقة وتعارض المنافسة الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. وساعد هذا النهج الصين على اكتساب مصداقية في المنطقة.
وقال ليو لانيو، الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد الدراسات الدولية ودراسات المناطق في جامعة تسينغهوا الصينية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الصين طرحت مبادرات عملية في مجال الأمن العالمي تحترم وتراعي مصالح جميع الأطراف.
وذكر ليو أن الصين ليس لديها تاريخ من الاستعمار أو التدخل في شؤون الشرق الأوسط، مضيفا أن دولا إقليمية مثل إيران والسعودية تنظر إلى الصين الآن كمقدم للحلول الأمنية عند السعي لإحلال السلام.
وأوضح توماس إس. واريك، وهو زميل باحث غير مقيم في مركز سكوكروفت للدراسات الإستراتيجية والأمنية التابع للمجلس الأطلسي، أن “دور الصين العام في إعلان اليوم يظهر اهتمامها بالقيام بشيء لم يكن بوسع سوى قلة من الدول الأخرى القيام به: ألا وهو كسب ثقة كلا الجانبين”.
وعلى نحو مماثل، أفاد جوناثان فولتون، وهو زميل باحث غير مقيم لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، أن بكين تمكنت من تكثيف العلاقات على جانبي الخليج مع بناء رأسمال دبلوماسي بطريقة لا تستطيع القوى الأخرى خارج المنطقة القيام بها.
وقال محمد رضا منافي، رئيس تحرير قسم أخبار آسيا والمحيط الهادئ في وكالة أنباء ((إرنا)) الإيرانية الرسمية، إن المجتمع الدولي يحتاج إلى تقدير الصين لدورها كدولة تعمل من أجل السلام والاستقرار في العالم.
وبيّن منافي أن “الصين أقنعت العالم بأنها تؤمن بأنه إذا كان هناك سلام وصداقة بين دول العالم، فسيكون ذلك لصالح جميع الشعوب في جميع أنحاء العالم، في حين أن الحروب والعداوات لن تخدم الإنسانية أبدا”.