أبدى العديد من رجال الأعمال العرب ثقتهم في مرونة وحيوية الاقتصاد الصيني، وخاصة بعد تحسين وتعديل البلاد لسياسات الوقاية من الجائحة، مشيدين بقدرة الاقتصاد الصيني على مواجهة الصدمات والتغيرات الخارجية والحد من تأثيرها.
ومع مواصلة الصين تنفيذ إستراتيجيتها لتوسيع الطلب المحلي لتسريع التعافي وتحفيز الاستهلاك، يتطلع رجال الأعمال العرب إلى تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية والصين، والاستفادة مما يملكه الاقتصاد الصيني من إمكانات وقدرات هائلة.
— نمو واعد للاقتصاد الصيني
في هذا الصدد، قال محمد العجلان، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة عجلان وإخوانه السعودية ورئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني، إن النمو المطرد للاقتصاد الصيني له أهمية كبيرة بالنسبة للاقتصاد العالمي ويقدم مساهمة مهمة في استقرار سلاسل التوريد.
وأضاف العجلان أن جائحة كوفيد-19 أثرت على سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، وقد استجابت الصين بشكل صحيح للأزمة وحافظت بنشاط على استقرار الصناعة العالمية وسلاسل التوريد، وأظهر الاقتصاد الصيني مرونة وحيوية قويتين.
ويعتقد العجلان أن تحسين وتعديل الصين لإجراءات الوقاية والسيطرة على الجائحة وفقا للوقت والوضع لن يساعد فقط في تعزيز الانتعاش المطرد للاقتصاد الصيني، بل يعزز أيضا ثقة المستثمرين والشركات الأجنبية، ويساعد على انتعاش الاقتصاد في العالم.
وشاطره الرأي ضياء حلمي، الأمين العام لغرفة التجارة المصرية-الصينية، حيث أشار إلى أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، نما الاقتصاد الصيني في ظل الجائحة بمعدل سنوي متوسط قدره 4.5 بالمائة، ليقود بذلك الاقتصادات الرئيسية في العالم. وأضاف أن النتائج الإيجابية لتحسين وتعديل الصين لسياسات الوقاية من الوباء ومكافحته بدأت تظهر في الوقت الحالي، كما أن المجتمع الدولي مليء بالتوقعات بشأن الفرص التي أتاحها التعافي السريع للاقتصاد الصيني.
وتابع إنه انطلاقا من “اقتصاد عيد الربيع” المزدهر في الصين، يتم تحرير طلب المستهلكين المحليين في الصين. في الوقت نفسه، تواصل الصين توسيع انفتاحها على العالم الخارجي، وتشجع تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما، وتقوي التعاون متبادل المنفعة مع الدول الأخرى، ودائما ما تظهر الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تفاؤلها بشكل عام بشأن آفاق التنمية الاقتصادية للصين. وقد رفعت مؤسسات الاستثمار الدولية توقعاتها للنمو الاقتصادي الصيني في عام 2023، معتقدة أن التعافي المتسارع للاقتصاد الصيني سيكون ذات فائدة كبيرة لتعافي الاقتصاد العالمي.
وذكر كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن الاقتصاد الصيني يتمتع بالصلابة والمرونة، موضحا أن الصلابة تتمثل في قدرته على مواجهة الصدمات والتغيرات الخارجية والحد من تأثيرها على الاقتصاد الصيني، أما المرونة فتتمثل في سرعته في التكيف مع المتغيرات والمستجدات العالمية والحفاظ على المكتسبات والنجاحات التي حققها الاقتصاد الصيني وخططه التنموية في المستقبل.
ولفت إلى أن الاقتصاد الصيني يتمتع بإمكانات كبيرة وقدرات هائلة ويحظى بثقة كبيرة من المجتمع الدولي بما يجعله قادرا على الاستمرار في مسيرة الإصلاح والتنمية، وقيادة الاقتصاد العالمي لتجاوز التحديات والأزمات العالمية، وتحقيق معدلات نمو دولية أعلى.
وأصدر صندوق النقد الدولي مؤخرا تحديثا لتوقعاته بشأن الاقتصاد العالمي، تضمن رفعا كبيرا لانتعاش النمو الاقتصادي في الصين في هذا العام بحيث يصل إلى 5.2 في المائة.
— تبادلات تجارية أوثق بين الصين والدول العربية
وفقا لتقرير “استعراض التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية وآفاق 2022” الصادر عن أكاديمية التجارة الدولية والتعاون الاقتصادي بوزارة التجارة الصينية، فإنه في الفترة من 2004 إلى 2021، ارتفع إجمالي حجم الواردات والصادرات بين الصين و22 دولة عربية من 36.71 مليار دولار إلى 330.24 مليار دولار بمتوسط معدل نمو سنوي قدره 13.8 في المائة، لتصبح الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية.
وقال العجلان إن الصين تشجع رجال الأعمال الأجانب على الاستثمار في الصين، وتعمل باستمرار على تحسين بيئة الأعمال، ولديها جاذبية قوية للاستثمار الأجنبي، وحجم الاستثمار الأجنبي فيها يتوسع بشكل مطرد، معربا عن اعتقاده بأن استمرار الصين في تعزيز الانفتاح والتعاون له أهمية كبيرة للنمو الاقتصادي العالمي والازدهار، ولا يمكن للدول تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية إلا من خلال تعزيز التعاون.
كما أشار حلمي إلى الشعبية الواسعة التي تحظى بها المنتجات الصينية في الدول العربية، قائلا “عندما شاركت في مؤتمرات دولية وبرامج حوارية تلفزيونية في الدول العربية، شعرت بوضوح أن المستهلكين المحليين يفضلون منتجات التكنولوجيا الفائقة الصينية، وخاصة المنتجات الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية، وكذلك مركبات الطاقة الجديدة”.
وأضاف الحلمي أنه كدولة رئيسية ذات نفوذ عالمي متزايد، دائما ما أبدت الصين التزامها بتعزيز التعاون متبادل المنفعة مع جميع الأطراف، والتعاون بين مصر والصين يعكس ذلك تماما. إذ أنه مع الالتحام المتعمق بين “رؤية مصر 2030” والبناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق”، أصبحت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين أوثق.
وقال إن “رؤية 2030” لمصر تولي أهمية كبيرة لتعزيز تنمية التصنيع المحلي، فيما يعد تعزيز التعاون التكنولوجي مع الصين أمرا بالغ الأهمية لمصر لتحقيق الأهداف ذات الصلة. وبالنظر إلى المستقبل، هناك إمكانات هائلة لزيادة تعزيز التعاون العملي بين مصر والصين، مضيفا أن مواصلة تعميق وتوسيع التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين لن يدفع بالعلاقات المصرية الصينية إلى مستوى جديد فحسب، بل سيساهم بشكل إيجابي في تنمية واستقرار المنطقة العربية بأكملها.
ورأى رجل الأعمال المصري هيثم طلحة أن “مبادرة الحزام والطريق هي داعم قوي للتنمية الإقليمية والدولية، إذ أنها تعزز التنمية والبنية التحتية والتجارة في الدول المشاركة فيها، ومن بينها الدول العربية والأفريقية”.
واعتبر طلحة أن “التجربة الصينية ملهمة لجميع الاقتصادات، وخاصة المجتمعات العربية، وذلك في ظل القواسم المشتركة التي تجمع بين المجتمعات العربية والمجتمع الصيني”.
وقال العجلان إنه خلال القمة العربية الصينية، توصل قادة العرب والصين إلى العديد من التوافقات، وتم توقيع العديد من وثائق التعاون، مبينا أنه “في الخطوة التالية، ينبغي تنفيذ هذه التوافقات حتى تعود نتائج التعاون بالفائدة على الشعبين”.
وذكر العجلان أن الحكومات والشركات في العديد من الأماكن في الصين قد بدأت التواصل مع السعودية وترتيب زيارات متبادلة، ومن المتوقع تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين.
وأفاد أن العديد من الشركات الصينية شاركت بنشاط في بناء البنية التحتية على نطاق واسع في السعودية وقدمت مساهمات مهمة في تنميتها الاقتصادية. وتمتلك الشركات الصينية في الوقت الحالي تقنيات وخدمات ومنتجات رائدة على مستوى العالم في مجالات شبكة الجيل الخامس “5 جي” والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المالية والأتمتة.
وأضاف “نتطلع إلى تعزيز ترابط إستراتيجيات التنمية بين الدول العربية والصين، وإيجاد نمط تعاون رفيع المستوى في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا المتقدمة”.