أعدّ مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وثيقة للرد على أبرز القضايا المثارة بشأن ارتفاع المستوى العام للأسعار في مصر، في سياق مواصلة الجهود التي يقوم بها المركز لرفع مستويات الوعي بأبرز القضايا الاقتصادية .
وتناولت الوثيقة سمات الموجة التضخمية العالمية الحالية وأسبابها، واتجاهات التضخم الحالية في مصر، وتوقعات معدل التضخم في مصر خلال عامي 2023 و2024، وكذلك السياسات المتبناة من قبل الحكومة المصرية لتخفيف الضغوطات السعرية بما يشمل جهود تعزيز الأمن الغذائي وفرص تعميق الصناعة المحلية، والنظر للواردات الزراعية والصناعية كفرص للاستثمار المحلي لزيادة مستويات المعروض المحلي وخفض التضخم، والدور المرجو من الأسر المصرية لمكافحة غلاء الأسعار.
وفي هذا الإطار، أشارت الوثيقة إلى أن التضخم يُعرف بكونه يمثل ارتفاعًا مستمرًا في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات التي تهم شريحة واسعة جدًا من المواطنين، ويُقاس عالميًا ومحليًا من خلال احتساب نسبة التغير في تكلفة شراء عدد من السلع والخدمات الأساسية المتضمنة في سلة قياسية يستهلكها المواطن في المتوسط، فيما يُعرف بسلة الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، ويتم احتساب تلك التكلفة بشكل دوري من قبل أجهزة الإحصاء على مستوى العالم لتتبع التغير في مستويات الأسعار في الأسواق المحلية، فيما يُعرف بمعدل التضخم.
وأوضحت الوثيقة، التي أعدها مركز المعلومات أن العالم يشهد واحدة من أقسى الموجات التضخمية على مدار العقود الماضية؛ نتيجة تراكب وتعدد الأزمات التي يمر بها الاقتصاد العالمي، بما أدى إلى ارتفاع التضخم العالمي وفقًا لصندوق النقد الدولي إلى 8.8% في عام 2022، بما يمثل أعلى مستوى للتضخم على مدار خمسة وعشرين عامًا، مقارنةً بمعدل للتضخم بلغ 4.2% في المتوسط خلال الفترة (1997-2021)، بل إن معدلات التضخم بلغت في بعض دول العالم أعلى مستوياتها في أربعين عامًا، وبشكل عام ارتفعت معدلات التضخم في نصف دول العالم إلى 10% أو أكثر، وبلغت مستوى 100% أو أكثر في بعض البلدان الأخرى في عام 2022.
وأوضحت الوثيقة أن الموجة التضخمية الحالية ترجع إلى العديد من العوامل التي يأتي على رأسها استمرار جائحة كوفيد-19 للعام الرابع على التوالي، واستمرار الأزمة الروسية-الأوكرانية للعام الثاني على التوالي، وتشديد السياسة النقدية وما نتج عنها من ارتفاعات قياسية لأسعار الفائدة على مستوى العالم وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم المستورد، إضافةً إلى استمرار أزمات سلاسل الإمداد العالمية، علاوةً على حدوث أزمة طاقة عالمية لم يسبق لها مثيل من العمق والتعقيد.
وفي ضوء ذلك، سجلت الأسعار العالمية للعديد من السلع، وخاصة الغذاء والطاقة، ارتفاعات قياسية خلال عام 2022، حيث ارتفعت أسعار الطاقة وفقًا للبنك الدولي بنسبة بلغت نحو 59%، ووفقًا لمنظمة الفاو ارتفعت الذرة بنسبة بلغت نحو 25%، والألبان بنسبة بلغت نحو 20%، والحبوب بنسبة بلغت نحو 18%، والقمح بنسبة بلغت نحو 16% .
كما أشارت الوثيقة إلى أن الأزمة الروسية-الأوكرانية تسببت في حدوث انتكاسة للتعافي الاقتصادي الهشّ من جائحة “كوفيد-19″، وزيادة أسعار المواد الغذائية والطاقة؛ نتيجة تعطُّل سلاسل التوريد من روسيا وأوكرانيا؛ مما أدى إلى تفاقم تضخم أسعار الغذاء على مستوى العالم ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث ارتفع تضخم أسعار الغذاء في عدد من دول العالم بما يفوق 50%، وسجل بشكل عام تضخم الغذاء ارتفاعًا في 91% من الدول المتضمنة في شريحة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض التي تنتمي إليها مصر.
وأشارت الوثيقة فيما يتعلق بمعدلات التضخم المحلية، إلى أنه بعد أن كانت مصر قد نجحت بشكل كبير في خفض معدلات التضخم خلال عامي 2020 و2021 استنادًا إلى تبني البنك المركزي لسياسة استهداف التضخم، والتي تراجعت على أثرها معدلات التضخم خلال تلك الفترة لتدور حول مستوى 5%، تأثر الاقتصاد المصري كغيره من اقتصادات العالم بالموجة التضخمية العالمية في عام 2022، والتي ارتفع بسببها معدل التضخم في مصر ليصل إلى ما يقرب من 14% العام الماضي، وذلك وفقًا لأحدث بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وسجل متوسط معدل التضخم أعلى مستوى له بنحو 18.7% في الربع الأخير من عام 2022، الذي شهد تنامي الضغوطات التضخمية في العديد من الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة بفعل عدد من العوامل، والتي من أهمها رفع أسعار الفائدة العالمية وارتفاع مستويات التضخم المستورد.
وطبقا لبيانات صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع حدوث انخفاض نسبي لمعدل التضخم في مصر ليصل إلى نحو 12% في عام 2023، واستمرار الانحسار التدريجي لمعدل التضخم في مصر ليسجل نحو 7.3% في المتوسط خلال الفترة (2023-2027)، بما يمثل نحو نصف معدل التضخم المسجل في عام 2022.
وتطرقت الوثيقة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لتبني العديد من الإجراءات التي تستهدف تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين في مواجهة الضغوطات السعرية؛ حيث تم تخصيص (130) مليار جنيه للتعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتخفيف آثارها على المواطنين. كما تمَّ رصد أكثر من (60) إجراءً اتخذتها الحكومة لتعزيز الحماية الاجتماعية، والحد من التداعيات السلبية لارتفاع الأسعار، موزعة على (6) محاور رئيسية من واقع حزم الحماية الاجتماعية التي تم إطلاقها، وكان آخرها الحزمة التي بدأ تطبيقها في نوفمبر 2022، بتكلفة تُقدر بـحوالي (67) مليار جنيه سنويًّا، فضلًا عن مخصصات الحماية الاجتماعية في موازنة العام المالي الجاري 2022/2023 البالغة 356 مليار جنيه.
وسردت الوثيقة التي أعدها مركز المعلومات تلك الإجراءات، التي تتمثل في التعجيل بزيادة الأجور والمرتبات والمعاشات، وتقديم الدعم اللازم لمواجهة ارتفاع الأسعار، حيث تم في هذا الإطار على سبيل المثال زيادة الحد الأدنى للعلاوات المقررة للعاملين بالدولة والتعجيل بموعد استحقاقها ليصبح أول أبريل 2022 بدلًا من يوليو 2022، وقد بلغت تكلفة التبكير بصرف العلاوات الدورية والخاصة والحافز الإضافي ورفع قيمتها اعتبارًا من أبريل 2022، حوالي مليارات جنيه، إلى جانب زيادة المعاشات بنسبة (13%)، وقد تم تطبيق هذه الزيادة اعتبارًا من أبريل 2022، بدلا من يوليو 2022، بتكلفة إضافية تصل إلى مليارات جنيه، علاوةً على صـرف مسـاعدات اسـتثنائية لــ (٩) ملاييـن أسـرة لمـدة (٦) أشـهر بتكلفـة مليـار جنيـه شـهريًّا، وذلك ضمن حزمة إجراءات تم الإعلان عنها في يوليو 2022.
كما تم إقرار (٣٠٠) جنيه علاوة شهرية استثنائية دائمة للموظفين والعاملين بالدولة بمختلف مستوياتهم الوظيفية في شهر أكتوبر 2022، بدءًا من الدرجة السادسة وحتى الدرجة الممتازة. وإقرار (٣٠٠) جنيه منحة استثنائية شهرية لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، لأكثر من (10.5) مليون مواطن، بتكلفة سنوية تبلغ (٣٢) مليار جنيه؛ وذلك لمواجهة غلاء المعيشة، والتخفيف عن المواطنين.
كما تم رفع حد الإعفاء الضريبي للمواطن، بحيث يتم رفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبي من (24) ألف جنيه في السنة إلى (30) ألف جنيه في السنة، بنسبة زيادة (25%)، وهو ما يعني أن الدخل الشهري حتى (2500) جنيه سيكون معفيًّا من الضرائب، بتكلفة سنوية مليارات جنيه
وزيادة مخصصات الأجور وتعويضات العاملين بنسبة (12%) لتبلغ (400) مليار جنيه خلال العام المالي 2022/ 2023، مقابل (357.1) مليار جنيه خلال العام المالي 2021/ 2022.
وفيما يتعلق بالإجراء الثاني، أشارت وثيقة المركز إلى أنه يتمثل في زيادة مستويات الدعم الموجه للسلع الأساسية؛ حيث تم رفع المخصصات المالية لدعم السلع التموينية لتصل إلى نحو (90) مليار جنيه، وذلك وفقًا لموازنة العام المالي 2022/2023، بهدف ضمان توافر كل من رغيف الخبز والسلع التموينية الأساسية لنحو (71) مليون مواطن مستفيد من منظومة دعم الخبز، وحوالي (63.3) مليون مواطن مستفيد من منظومة دعم البطاقات التموينية، إضافةً إلى استمرار توفير دعم مالي إضافي للأسر على البطاقات التموينية، بشرائح تتراوح بين (١٠٠ – ٣٠٠) جنيه، واستمرار الدعم الإضافي حتى ٣٠ يونيو 2023، بتكلفة إجمالية سنوية تبلغ (٨,٥) مليار جنيه.
ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الحكومة القيام بزيادة أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، حيث تم تخصيص نحو (22) مليار جنيه لتمويل برنامج تكافل وكرامة، بما يسمح بتقديم دعم نقدي للأسر الأقل دخلًا، متضمنة (450) ألف أسرة جديدة تمت إضافتها للبرنامج، وذلك وفقًا لموازنة العام المالي 2022/2023، مع الأخذ في الاعتبار أن تكلفة إضافة (٤٥٠) ألف أسرة جديدة للمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة تبلغ حوالي (2.4) مليار جنيه سنويًّا.
وفي ضوء التوجيهات الرئاسية في هذا الشأن، تعمل الحكومة المصرية على التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية وزيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” بضم مليون أسرة إضافية للبرنامج، ليصبح حجم المستفيدين من المواطنين أكثر من ٢٠ مليون مواطن على مستوى الجمهورية
كما اتخذت الحكومة إجراء آخر يتعلق بتخفيف بعض الأعباء عن كاهل المواطنين، ورفع جودة الخدمات المقدمة لهم؛ ففي أكتوبر 2022، أعلنت الحكومة عن استمرار العمل بالقرار السابق إصداره بشأن عدم زيادة أسعار الكهرباء، حتى 30 يونيو 2023، والذي كان من المقرر انتهاء العمل به في 31 ديسمبر 2022، بتكلفة إضافية (1.9) مليار جنيه، وتكلفة إجمالية 3مليار جنيه عن العام المالي الجاري 2022/2023
كما تم تخصيص (٧٫٨) مليار جنيه بمشروع موازنة العام المالي 2022/2023؛ لتمويل مبادرات الإسكان الاجتماعي، وتوفير (٣٫٥) مليار جنيه لتغطية تكلفة توصيل خدمات الغاز الطبيعي للمنازل لعدد (١٫٢) مليون وحدة سكنية. فضلًا عن ذلك، فقد تم تخصيص (٥) مليارات جنيه لصندوق التنمية الحضرية؛ لتطوير العشوائيات والمناطق غير المخططة.
بالإضافة لما سبق، واصلت الحكومة تنفيذ المشروع القومي لتنمية الريف المصري “حياة كريمة” بتكلفة إجمالية تتجاوز (٧٠٠) مليار جنيه على ثلاث مراحل؛ لتطوير القرى المصرية في الريف من خلال عدد من المشروعات التي تستهدف تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية البشرية، حيث تستهدف المبادرة قرابة 4600 قرية تقع في (١٧٥) مركزا داخل (٢٠) محافظة، بإجمالي عدد مستفيدين يصل إلى (60) مليون مستفيد في مراحله المختلفة، وقد أدرجت الأمم المتحدة المبادرة ضمن أفضل الممارسات الدولية.
ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الحكومة القيام برفع مستويات كفاية المخزون من السلع الاستراتيجية لفترات تتراوح ما بين 4-6 أشهر، وتعزيز الكميات المطروحة من السلع الاستهلاكية في الأسواق والمجمعات الاستهلاكية، حيث حرصت الدولة على توفير مختلف أنواع السلع للمواطنين في الأسواق المحلية، فبلغت الاحتياطيات في 13 نوفمبر 2022 من القمح نحو 5 أشهر، والسكر التمويني 4.5 شهر، (علمًا بأن موسم توريد قصب السكر وبنجر السكر بدأ اعتبارًا من يناير 2023، والزيت 4.8 شهر، والدواجن المجمدة 4.8 شهر، واللحوم الحية 12.6 شهر، والمكرونة 5.8 شهر، والأرز 5.5 شهر، علمًا بأن مصر لديها اكتفاء ذاتي من سلعة الأرز.
كما تمكنت الحكومة، بالتعاون مع القطاع المصرفي، من الإفراج عن بضائع بقيمة تزيد على 14.5 مليار دولار منذ بداية ديسمبر 2022 حتى 30 يناير 2023، وهو ما أحدث تفاؤلاً ملحوظًا بين أطراف السوق، كما أن هذا الإفراج من شأنه إتاحة المزيد من السلع والبضائع، وإحداث نوع من التوازن في أسعار تلك السلع والمنتجات.
كما تم منح حافز توريد إضافي لسعر أردب القمح المحلي للموسم الزراعي 2022؛ لتشجيع المزارعين على توريد أكبر كمية ممكنة، فضلًا عن موافقة مجلس الوزراء على صرف 65 جنيهًا لكل أردب كحافز استثنائي للتوريد والنقل، ليضاف إلى أسعار التوريد المحددة سلفًا، ومن ثم ساهم ذلك في زيادة المساحة المزروعة من القمح لتبلغ 3.65 مليون فدان في عام 2022، مقابل 3.4 مليون فدان في 2014، بنسبة زيادة 7.4%، كما أسهمت تلك الإجراءات في ارتفاع نسب التوريد عام 2022 لتصل إلى 4.2 مليون طن، وهي نصف الكمية المنتجة بمصر عام 2022، بما يُشير إلى أن عمليات التوريد تمثل نقلة كبيرة في استجابة المزارعين لتوريد القمح المحلي.
كما تم الإعلان مبكرًا عن سعر توريد القمح قبل الزراعة لأول مرة؛ تنفيذًا لسياسة الزراعة التعاقدية، كما وافق مجلس الوزراء على حافز إضافي لتوريد إردب القمح المحلي لموسم 2023 ليصبح 1250 جنيهًا بدلا من سعر 1000 جنيه الذي سبقت الموافقة عليه، وذلك مقارنةً بـ (820) جنيهًا للموسم الماضي.
كما تم، في هذا السياق، زيادة عدد الصوامع لتبلغ 74صومعة في 2022، مقابل 40 صومعة في عام 2014، بنسبة زيادة 85%)، فضلاً عن زيادة السعة التخزينية للقمح بنسبة 183.3%، حيث بلغت3.4مليون طن عام 2022، مقابل 1.2مليون طن عام 2014، علاوةً على توقيع عقود أكبر مشروع قومي لإنشاء مخازن استراتيجية للمنتجات الغذائية، وتشمل المرحلة الأولى من المستودعات الاستراتيجية محافظات “الشرقية، والسويس، والفيوم، والأقصر”، باستثمارات تتجاوز ٤ مليارات جنيه، والتي تهدف إلى تأمين احتياجات المواطنين من السلع تامة الصنع والجاهزة للاستخدام لفترات طويلة.
علاوةً على ذلك، فقد وافق مجلس الوزراء على السماح للهيئة العامة للسلع التموينية بالتعاقد مع حكومات المناشئ المصدرة للسلع ومنها القمح، وقد بلغ إجمالي الكمية المتعاقد عليها بالأمر المباشر ٢.٧ مليون طن، بنسبة ٦٨٪ من إجمالي المتعاقد عليه.
كما حرصت الحكومة على التعجيل ببدء افتتاح معارض (أهلًا رمضان)، وذلك اعتبارا من أول يناير 2023حتى نهاية شهر رمضان، حيث تم افتتاح عدد من معارض أهلا رمضان بالمحافظات وجارٍ إنشاء عدد كبير من تلك المعارض بكل محافظات الجمهورية، وقد تم توجيه المديريات التموينية بنشر تلك المعارض بالمراكز والقرى والنجوع مع المنافذ المتنقلة ومنافذ جمعيتي بالأماكن التي تبتعد عن المجمعات الاستهلاكية والسلاسل التجارية التي ستدخل معارض أهلًا رمضان، وأشار إلى أن التخفيضات بتلك المعارض تتراوح من 25٪ إلى 30٪.
وبهدف ضمان توافر السلع واستقرار أسعارها، تتم المتابعة الدورية على مدار اليوم لموقف توافر جميع السلع الأساسية، واستقرار الأسواق بجميع المحافظات، من خلال غرفة إدارة الأزمات بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، مع تخصيص لجان ميدانية من رئاسة مجلس الوزراء للمراقبة على أرض الواقع.
وفي السياق نفسه، قامت وزارة التموين والتجارة الداخلية بتشكيل غرفة عمليات بكل مديرية تموينية وأخرى فرعية بالإدارات التموينية لمتابعة استقرار الحالة التموينية بدائرة المحافظة وتوفير كافة السلع بالأسواق والمنافذ التموينية، كما تم التوجيه بتشكيل غرفة عمليات مركزية بديوان عام الوزارة؛ لمتابعة استقرار الحالة التموينية على مدار الساعة، ومدى توافر كافة السلع التموينية والحرة بالأسواق واستقرار أسعارها، والتعامل مع أي معوقات في هذا الشأن.
ومن الإجراءات الأخرى، قامت الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات التي تهدف إلى زيادة مستويات الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية والصناعية، حيث تمضي الحكومة قدمًا في تنفيذ العديد من مشروعات التوسع الرأسي والأفقي في قطاع الزراعة، والتي تعتبر من أهم المحاور لتدعيم سياسة الاكتفاء الذاتي، حيث تم استهداف زيادة الرقعة الزراعية بأكثر من (3.5) مليون فدان، من خلال عدد من المشروعات، أهمها: مشروع توشكى الخير، ومشروع الدلتا الجديدة العملاق، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء، ومشروع تنمية الريف المصري، بالإضافة إلى المشروعات الأخرى في جنوب الصعيد والوادي الجديد،
ففي هذا السياق تم على سبيل المثال، إطلاق مشروع الدلتا الجديدة بإجمالي مساحة مهيأة للزراعة تبلغ نحو 568 ألف فدان، وتمت زراعة ما يقرب من 200 ألف فدان، وتشمل أبرز المحاصيل الذرة والقمح، وإطلاق مشروع الصوب الزراعية على مساحة 100 ألف فدان، والذي يعد الأكبر بمجال الصوب الزراعية في الشرق الأوسط. كما تم التوسع في تطبيق الزراعة التعاقدية؛ لضمان تحقيق ربح للمزارعين، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، حيث تم إصدار أسعار مستقبلية متفق عليها للمحاصيل الزراعية الداخلة في المنظومة، بما يُسهم في زيادة الصادرات الزراعية والتسويق للمزارع.
وفي هذا الإطار، تستهدف الحكومة زيادة استثمارات قطاع الزراعة لتصل إلى (82.9) مليار جنيه، وفقًا لخطة العام المالي 2022/ 2023، مُقابل حوالي (62.9) مليار جنيه لعام 2021/ 2022، بنسبة نمو تصل إلى (31.8%).
كما تعمل الحكومة على اتخاذ العديد من الإجراءات التي تستهدف تعميق الإنتاج الصناعي المحلي، وإحلال المنتجات المحلية محل الواردات، بما يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من العديد من السلع، بالإضافة إلى تقليل فاتورة التضخم المستورد من الخارج، بما يشمل إعداد استراتيجية للصناعة، وتحديد المنتجات المستهدف توفير البدائل المحلية منها، وإطلاق مجموعة من الحوافز والإعفاءات الضريبية، وتسهيل الإجراءات وتوفير الدعم اللازم للمصنعين، وتعزيز الاستثمارات الموجهة للقطاع الصناعي.
ففي هذا الإطار، تستهدف الحكومة رفع الناتج الصناعي ليصل إلى (1357.9) مليار جنيه وفقًا لخطة العام المالي 2022/2023، مُقارنة بنحو (1176 مليار جنيه في العام السابق، بنسبة زيادة تبلغ (15.4%) من خلال توجيه استثمارات تبلغ حوالي (93.5) مليار جنيه لقطاع الصناعات التحويليّة خلال العام المالي 2022/ 2023، بنسبة زيادة (6.1%) عن الاستثمارات الـمُناظِرة في العام السابق، وتجدر الإشارة إلى أن الصناعات التحويليّة غير البتروليّة تستحوذ على نحو (80%) من جُملة استثمارات القطاع (74.1 مليار جنيه).
كما أشارت الوثيقة، التي أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أنه في إطار الوضع الراهن لمستويات التضخم والأسعار العالمية، هناك حاجة إلى تحديد القطاعات الأكثر احتياجًا للتوطين محليًّا، وعليه فإنه من المهم تحليل الوضع الراهن للواردات الزراعية والصناعية في مصر والنظر إليها كفرص استثمارية.
فعلى مستوى المجموعات السلعية، جاءت مجموعة الواردات من المنتجات النباتية في مقدمة المجموعات السلعية المستوردة بقيمة بلغت نحو 14.7 مليار دولار في عام 2022، يليها مجموعة المعدات الكهربائية بواردات قاربت 13 مليار دولار، ثم الصناعات الكيماوية بواردات بلغت 11.7 مليار دولار.
وأشارت الوثيقة إلى اتخاذ الدولة العديد من السياسات لتعزيز فرص الاستثمار المحلي في مصر، والتي يتمثل أهمها في تحديد الفرص الاستثمارية بالقطاع الصناعي، بشكل تفصيليّ داخل كل قطاع، والمتمثل في كل من: الصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، والصناعات النسيجية، وصناعات الطباعة والتغليف، والصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية، والصناعات الهندسية، ومن ثم قيام وزارة التجارة والصناعة بإعداد قائمة مبدئية تشمل (131) منتجا مُستهدف توفير البدائل المحلية منها طبقًا لاحتياج السوق المحلية وقدرة الصناعة الوطنية على توفيرها، وذلك في ضوء نتائج تحليل هيكل الواردات المصرية خلال الفترة (2017 -2021)، وتم تصنيف تلك المنتجات طبقًا لنوعية الاستثمار المطلوبة (استثمارات جديدة/توسعات)، وتحديد أهم المصنعين المحليين لتلك المنتجات.
واختتمت الوثيقة بالإشارة إلى أن العالم يمر حاليًا بأزمة عالمية تحتاج إلى تكاتف المواطنين مع الحكومة والمؤسسات؛ لذا تحتاج الأسرة المصرية إلى تغيير الثقافة الاستهلاكية والمشاركة الإيجابية في تخفيض الضغوطات التضخمية من خلال محاولة ترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد من الغذاء، والاستغناء عن بعض السلع التي قد تكون كمالية في حالة ارتفاع سعرها بشكل غير مبرر أو استبدالها بسلعة أخرى سعرها ما زال مناسبًا، وتشجيع الصناعة الوطنية والمنتج المصري، خاصة أن المنتج المصري يسهم في توفير المزيد من فرص العمل للعمالة الوطنية، ودعم الاستثمارات المحلية، وتعزيز الموارد من النقد الأجنبي في حالة تصديره والاستفادة منه في تقليل مستويات الواردات، ومحاربة الممارسات الفاسدة والإبلاغ عنها من خلال جهاز حماية المستهلك.