يستثمر العديد من الأفراد والمؤسسات فى الذهب، باعتباره ملاذًا آمنًا تاريخيًا، يحقق مكاسب متتالية لحائزيه، كما أن الخسارة جراء اقتنائه محدودة للغاية وتكاد تكون منعدمة.
ورغم مزايا المعدن الأصفر للراغبين في حماية مدخراتهم من التآكل، إلا أن تقلباته خلال الآونة الأخيرة، والزيادة الكبيرة في أسعاره منذ بداية العام الحالي، أثارت تساؤلات عن مدى أمان وجاذبية الاستثمار فى الذهب كونه مخزن للقيمة فى المستقبل.
قفزت أسعار الذهب في السوق المحلية بنسبة تتجاوز 100% خلال الفترة من بداية يناير إلى 8 ديسمبر الماضي، لتهبط إلى مستوى 1600 جنيه بختام تعاملات الخميس الماضي.
وخلال النصف الثاني من الأسبوع الماضي فقدت أسعار الذهب نحو 170 جنيهًا، ما عزز مخاوف المستثمرين الأفراد من تقلبات الأسعار على المدى القصير.
ولم تبعد التحديات الاقتصادية المختلفة وفي مقدمتها ارتفاع التضخم بدائل الاستثمار الأخرى عن دائرة التساؤلات حول مدى جاذبيتها وتحقيقها لفائدة حقيقية فى ظل الارتفاع المتوالي للأسعار.
ارتفع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 18.7% خلال نوفمبر الماضي مقابل 16.2% في أكتوبر، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الصادرة الخميس الماضى.
“بدير”: الذهب الاستثمار الأمثل في مصر حاليًا مع ارتفاع التضخم
ويعد هذا المعدل هو أعلى مستوى للتضخم في المدن المصرية منذ ديسمبر 2017 عندما سجل 21.9%.
وفقًا لبيانات جهاز الإحصاء، ارتفع التضخم في عموم الجمهورية، إلى 19.2% في نوفمبر، مقابل 6.2% في الشهر ذاته من العام الماضي.
هل تعزز تقلبات الذهب الاستثمار في شهادات الادخار؟
تعد شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة التى تصدرها بعض البنوك بعائد يصل 17% أحد البدائل الآمنة للاستثمار حاليًا.
ترى الخبيرة المصرفية منى بدير، محللة الاقتصاد الكلى بأحد البنوك، أن ارتباك سوق الذهب مرتبط بارتباك مماثل فى سوق سعر الصرف، مع تضارب الرؤية فيما يتعلق بسعر الجنيه مقابل الدولار، وهو ما يعطى انطباع باستمرار انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع سعر المعدن الأصفر فى المقابل.
وقالت “بدير”: “الارتباك فى سعر الذهب لا يحمل فى طياته توقعات بخسارة فى قيمته أو تراجع السعر لمعدلات منخفضة كثيرًا ، لكن هذه التقلبات ترجع إلى المضاربات فى سوق الذهب والدولار معًا”.
واستبعدت بدير تراجع سعر الذهب الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار الضغوط على الجنيه سواء بسبب انخفاض تدفقات الأجانب أو انتظار صرف الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي.
محلل: المعدن الأصفر يحقق أعلى معدلات ربحية خلال الظروف الطبيعية
ووصفت الخبيرة المصرفية الذهب بالاستثمار الأمثل فى مصر فى ظل الظروف الحالية، خاصة مع ارتفاع التضخم، وتوقعات استمرار تزايد معدلاته لتتجاوز 20% خلال 2023.
وأوضحت: الزيادة فى أسعار الذهب من أكبر الزيادات التى تحققها قنوات الادخار المختلفة وأهمها شهادات الادخار البنكية ذات السعر الثابت، والتى تحقق معدلات سلبية مع ارتفاع معدلات التضخم المتوالية.
على المستوى العالمي ترى “بدير” أن التوقعات تشير إلى تراجع محدود فى الأسعار لكنها أكثر مخاطر من الاستثمار فى الذهب بمصر.
هل تستقطب الأسهم عملاء الذهب؟
قالت مديرة إدارة بحوث بأحد بنوك الاستثمار، إن معدلات التضخم الحالية والمتوقعة تهدد مكاسب الادخار بشكل عام، لكن الذهب أقل هذه القنوات مخاطرة، خاصة أنه يحقق مكاسب سريعة، وأن تراجع معدلاته يكون نسبى مقارنة بقنوات الادخار والاستثمار الأخرى.
وأوضحت أنه على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب المتوالية إلا أن عملاء الذهب يثقون فى مكاسبه ويتوقعون مزيد من المكاسب، مضيفة “عند تراجع أسعار الذهب تكون أقل من المكاسب المحققة بالفعل”.
وقالت مديرة إدارة البحوث أن الذهب استثمار طويل الاجل وهو ما يقلل مخاطر الاستثمار به، مشيرة إلى أن معدل الزيادة فى أسعار الذهب فى أوقات الاستقرار تصل إلى 25% وهى من أعلى معدلات الربحية فى مصر.
واستبعدت لجوء الافراد إلى الاستثمار فى الأسهم بدلًا من الذهب لارتفاع مخاطر سوق الأسهم وعدم دراية الأغلبية بطبيعة سوق المال.
وأشارت مديرة إدارة البحوث إلى أن التضخم في مصر يلتهم فوائد البنوك ويجعل الادخار بها بلا فائدة حقيقية وإن كان هناك عدد ضخم من العملاء يفضل الشهادات لسهولة تسيلها بشكل سريع ووفقًا للمتطلبات.
وتوقعت اقبال كبير من الافراد على الاستثمار فى الذهب الفترة المقبلة بغرض الادخار وليس الزينة أو المكسب السريع.