تترقب الأسواق بقوة اليوم آخر اجتماع لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام، حيث تشير معظم التوقعات إلى رفع معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، خصوصا مع صدور بيانات التضخم البارحة والتي جاءت أقل حدة من الأرقام المتوقعة.
ويراقب الفيدرالي بقوة كل بيان ورقم وقراءة عن أي إشارة إلى تطور في معدلات التضخم، ويبقى شغله الشاغل خصوصا، تحديد ومعرفة متى سيسجل التضخم قمته؟
مع كل خطوة يتخذها الاحتياطي الفيدرالي، يراعي التضخم وسوق العمل وحماية الاقتصاد والأسواق المالية، بمعنى أنه يحرص ألا يحصل انهيار مفاجئ للأسواق، بعد أي قرار أو أن يتسبب بتراجع اقتصادي حاد.
ولكن أيضا، عند انفجار معدلات التضخم هذا العام، تحرك الفيدرالي بشكل حاسم، لمواجهة أسرع معدل نمو لارتفاع الأسعار في أكثر من 40 عاما، وكان من الطبيعي أن يبرز أهم أسلحته وهي رفع معدلات الفائدة.
بالنسبة للشركات وبيئة الأعمال، رفع الفائدة يؤثر على توسعاتها المستقبلية، وأيضا يؤثر على نمو إيراداتها وأرباحها، والأكثر تأثرا بين هذه الشركات هي شركات التكنولوجيا العملاقة، وقد حدث ذلك مع ردة فعل السوق على قرارات الفائدة، بهبوط قوي لأسهمها، وفقد البعض منها 70 بالمئة من قيمتها في مرحلة من المراحل.
تأثير رفع الفائدة على الشركات، يجعلها تتردد في زيادة التوظيف، وبالتالي تؤثر على معدلات البطالة، وتخفف من الزيادة في الأجور والرواتب والمكافآت والمزايا الوظيفية.
الفيدرالي في المرحلة المقبلة، يريد تمرير أي زيادات في معدلات الفائدة بطريقة سلسة على الاقتصاد وعلى سوق الأسهم، خصوصا أن الانهيارات في الأسواق تسبب خسائر جسيمة في محافظ المستثمرين الأفراد، وتؤدي أحيانا إلى وقوعهم في أزمات مالية شخصية ستمنعهم من الذهاب إلى الاستهلاك، وبالتالي يؤثر ذلك بقوة على وضع الاقتصاد الأمريكي.
المشكلة الكبرى التي واجهها الاحتياطي الفيدرالي هذا العام مع ارتفاع معدلات الفائدة، لم تكن مشكلة كلاسيكية، بحيث أثر تعطل سلسلة الإمداد على المعروض من المنتجات، وبالتالي أصبح هناك خلل كبير في مسألة العرض والطلب، وأصبح التعامل الآن مع مشكلتين: تراجع المعروض بشكل كبير جدا بسبب تداعيات جائحة كورونا، وأيضا التراجع الحاصل من ناحية الطلب، وبالتالي لم يكن سهلا على الفيدرالي بالتهاون في مسألة ارتفاع التضخم