تعوّل مصر على مشروعات الوقود الأخضر لجذب استثمارات قيمتها 83 مليار دولار حتى عام 2035، بحسب ما أعلنته هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وتتطلع مصر لاستقطاب أكثر من 20% من تلك الاستثمارات خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفقًا لما تتضمنه الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر التي أفصح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عن بعض مستهدفاتها في تقرير له قبل أيام.
وتستهدف الاستراتيجية جذب استثمارات تتراوح قيمتها بين 10 و18 مليار دولار لقطاع الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2025، بالإضافة إلى إتاحة أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة.
ولدى الاستراتيجية أهدافًا إضافية تتمثل في تقليل انبعاثات الكربون، والمساهمة في تخفيض واردات مصر من المواد البترولية التي ارتفعت فاتورتها بعد الأزمة الروسية الأوكرانية.
وتضع مصر آمالاً على الاستراتيجية الجديدة لاقتناص حصة سوقية تعادل 8% من السوق العالمية للهيدروجين الأخضر، اعتمادًا على قدراتها التنافسية في هذا المجال.
وتمتلك مصر القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة في العالم بواقع 2.7 دولار/كجم بحلول عام 2025، بحسب تقرير أعده المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، توقع فيه انخفاض تلك التكلفة إلى 1.7 دولار/كجم عام 2050.
كيف تحقق مصر مستهدفاتها من مشروعات الهيدروجين؟
وقعت مصر، خلال فاعليات قمة المناخ المنعقدة حاليًا بشرم الشيخ، 8 عقود نهائية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ووفقًا لبيانات حكومية، تترقب السوق المصرية استقطاب استثمارات مليارية خلال السنوات المقبلة بقطاع الوقود الأخضر، عبر 8 شركات وتحالفات كبرى هي «سكاتك النرويجية» و«توتال الفرنسية» و«الفنار السعودية» و«أميا باور الإماراتية» و«رينيو باور الهندية» و«FFI الأسترالية» و«إي دي إف رينيوابلز الفرنسية» و«جلوباليك البريطانية».
سكاتك النرويجية تُصنِّع مليون طن أمونيا في مصر سنويًّا
وقعت الحكومة المصرية ممثلة في الصندوق السيادي عقدًا مع شركة سكاتك النرويجية تتولى بموجبه الأخيرة إقامة منشأة جديدة بمنطقة السخنة لتصنيع الأمونيا الخضراء بسعة مليون طن سنويًّا قابلة للزيادة إلى 3 ملايين طن سنويًّا.
أميا باور الإماراتية تستهدف إنتاج 390 ألف طن أمونيا سنويًّا
أبرم الصندوق السيادي على هامش قمة المناخ عقدًا مع أميا باور الإماراتية لإنتاج 390 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًّا، حيث يبدأ التشغيل التجاري بنهاية 2025.
إي دي إف رينيوابلز الفرنسية تتطلع لإنتاج 350 ألف طن من الوقود الأخضر
كما وقع الصندوق السيادي عقدًا مع تحالف شركتي (زيرو ويست) المصرية و(إي دي إف رينيوابلز) الفرنسية لإنتاج الوقود الأخضر، حيث يتم إقامة المشروع بمنطقة السخنة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج 350 ألف طن من الوقود الأخضر.
توتال الفرنسية تُصنّع 300 ألف طن من أمونيا خضراء بالسخنة
وقع الصندوق السيادي أيضًا العقد الخاص بتحالف “توتال” الفرنسية و”إنارة كابيتال” المصرية لمشروع إنتاج 300 ألف طن من الأمونيا الخضراء بمنطقة السخنة.
“رينيو باور” الهندية تنفذ مشروعًا ضخم بالشراكة مع السويدي
قامت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وصندوق مصر السيادي والشركة المصرية لنقل وتوزيع الكهرباء وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بتوقيع عقد مع شركة “رينيو باور” الهندية بالتعاون مع مؤسسة السويدي، والتي تستهدف إقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر من هيدروجين وأمونيا على مساحة 600 ألف متر مربع، بإجمالي طاقة إنتاجية 1.1 مليون طن أمونيا خضراء سنويًّا، و220 ألف طن هيدروجين أخضر سنويًّا.
“إف إف آي الأسترالية” تستهدف إنتاج مليوني طن من الأمونيا الخضراء
كما تم وقع الصندوق السيادي عقدًا مع شركة “Fortescue Future Industries الأسترالية “FFI” والتي تستهدف إقامة منشأة لإنتاج الأمونيا الخضراء بحجم إنتاج إجمالي يتخطى 2 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًّا.
“جلوباليك” البريطانية تُنشئ مصنعًا للهيدروجين الأخضر
أبرم الصندوق أيضًا عقدًا مع شركة “جلوباليك” البريطانية لإقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإجمالي إنتاج متوقع يصل إلى 2 مليون طن سنوياً.
الفنار السعودية تتطلع لإنتاج 500 ألف طن وقود أخضر
وقعت الحكومة عقدًا مع شركة ”الفنار” السعودية الذي يستهدف إقامة مصنع لإنتاج الوقود الأخضر الإنتاج بحجم إنتاج 500 ألف طن سنوياً.
16 اتفاقية لإنتاج الوقود الأخضر
شهدت الأشهر الماضية توقيع مصر 16 مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروعات لإنتاج الوقود الأخضر داخل المنطقة الصناعية في العين السخنة ومنطقة شرق بورسعيد باستثمارات متوقعة تتجاوز 20 مليار دولار.
وقبل أيام، أعلنت مصر على هامش قمة المناخ، تدشين المرحلة الأولى لأول مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقـة الاقتصادية لقناة السويس، بالشراكة مع شركة سكاتك النرويجية.
وفي أبريل الماضي، وقع صندوق مصر السيادي اتفاقية مع شركة سكاتك النرويجية وشركة فيرتيجلوب لإنتاج الأمونيا، وأوراسكوم كونستراكشون، لإنشاء وتشغيل مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالعين السخنة، يستهدف إنتاج من مليون إلى 3 ملايين طن سنويًّا من الأمونيا الخضراء.
تحديات التوسع في الهيدروجين الأخضر
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مشاركته في مائدة مستديرة تحت عنوان “الاستثمار في مستقبل الطاقة: الهيدروجين الأخضر” على هامش قمة المناخ COP27، إن مصطلح “الهيدروجين الأخضر” ربما بات الأكثر شيوعاً واستخداماً خلال السنوات القليلة الماضية في سياق الحديث عن التحول نحو الطاقة المُتجددة وتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
وأضاف السيسي أن أزمة الطاقة التي يمر بها العالم في الوقت الراهن فرضت تحديًا حقيقيًا في تأمين إمدادات الطاقة التي تحتاجها دول العالم، دون الإخلال بواجباتها تجاه مواجهة أزمة المناخ العالمية أو التراجع عن الأهداف التي تم التوافق عليها والسياسات الوطنية التي تساهم من خلالها في هذا الجهد.
وأشار الرئيس إلى أن الهيدروجين الأخضر يعد أحد أبرز الحلول على صعيد التوجه نحو الاقتصاد الأخضر خلال السنوات القادمة، بما يمثله من فرصة حقيقية للتنمية الاقتصادية المتوافقة مع جهود مواجهة تغير المناخ ومع أهداف اتفاق باريس.
وقال إن الكثير من الدول بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، سواء من خلال صياغة سياسات وطنية للهيدروجين أو من خلال وضع أهداف زمنية طموحة للانتقال التدريجي للهيدروجين الأخضر كمصدر رئيسي للطاقة، إما من خلال الإنتاج المحلي أو الاستيراد من الخارج أو كليهما.
وفقًا للسيسي، كانت مصر من أولى الدول التي أدركت مبكرًا الفرص المتاحة في هذا المجال، استناداً إلى إمكاناتها الهائلة في إنتاج الطاقة النظيفة والتي ستمكنها من التحول إلى مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر على المديين المتوسط والبعيد.
وقال الرئيس إن مصر بدأت التنفيذ الفعلي لمشروعات الهيدروجين الأخضر، بإطلاق المرحلة الأولى لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات في العين السخنة بالشراكة مع شركة سكاتك النرويجية.
وخلال المائدة المستديرة، نقل السيسي بعض ما يثير قلق مصر وغيرها من الدول النامية فيما يتعلق بالاستثمار بقطاع الهيدروجين، قائلًا: على الرغم من الفرص التي يتيحها قطاع الهيدروجين، والجاري ترجمتها بالفعل إلى مشروعات في الكثير من الدول، فوفقاً للوكالة الدولية للطاقة، فإن نصيب الدول النامية من هذه المشروعات المقترحة لم يتجاوز سوى مشروعين من ضمن نحو 680 مشروع مقترح في مجال الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.
وأضاف: “نصيب الدول النامية يظهر جليا أنها تظل أقل قدرة على الاستفادة من الفرص التي يمثلها التحول نحو الهيدروجين الأخضر بخطى متسارعة، وذلك لضعف قدراتها التكنولوجية في هذا المجال الجديد، وغياب البنية التحتية اللازمة للنقل والتخزين وخلق سلاسل الإمداد اللازمة للتجارة الآمنة، وكذلك لضعف تدفقات التمويل والاستثمارات الموجهة إليها على نحو مستدام.
وتابع: حتى في الحالات القليلة التي تستطيع فيها الدول النامية أن تخطو خطوات ثابتة في هذا المجال، كمصر على سبيل المثال، يظل عليها مواجهة التحدي الناجم عن توجه بعض الدول لدعم منتجي الهيدروجين الأخضر المحليين على نحو يخفض من تكلفة إنتاجهم، وهو الأمر الذي يتسبب في إحداث الخلل بالسوق العالمي للهيدروجين ويساهم في إضعاف تنافسية الهيدروجين الأخضر المنتج بالدول النامية مقارنة بنظيره من الدول المتقدمة، وهو ما يضاف إلى التحديات الفنية المرتبطة بالمعايير والاشتراطات الخاصة بتجارة الهيدروجين وتحديد مصادره، والتي يتعين أن تتسم بالمرونة مع الحفاظ على مبادئ الشفافية.