سلّطت “جيه إل إل”، الشركة الرائدة في الخدمات المهنية والمتخصصة في إدارة العقارات والاستثمارات واستشارات التطوير العقاري، الضوء على التغييرات البسيطة والسريعة التي يمكن إجراؤها في مصر، وسائر أنحاء القارة، لبدء خطوات انتقال بيئة المباني نحو الحياد الكربوني، في تقرير أصدرته اليوم.
يتناول التقرير الذي يحمل عنوان “طريق مصر نحو خفض نسب انبعاث الكربون”، سبل خفض انبعاث الكربون من بيئة المباني، ويركز على الطرق الكفيلة بالتصدّي لتحديات المناخ. وينظر التقرير في تغير المناخ من منظور عقاري، ويتناول الدور البارز للشفافية العقارية في خفض نسب انبعاث الكربون، إضافة إلى قدرات الشراكات بين القطاعين العام والخاص في معالجة تغيرات المناخ، وأهمية سد فجوة التمويل، عبر التمويل المناخي والسندات الخضراء.
وفي معرض تعليقه على التقرير، قال أيمن سامي، رئيس مكتب جيه إل إل مصر: “من المهم لمصر، والدول الأخرى، أن يقوموا بمراجعة الخطط والإجراءات الخاصة بالمدن الأكثر تقدماً في مجابهة التغير المناخي، والتي حددناها في المؤشر العالمي لشفافية الأسواق العقارية الذي أصدرته شركة ’جيه إل إل‘ مؤخراً، وأن يتبعوا خطواتها في تنفيذ واعتماد العقارات الملائمة والصديقة للبيئة، مع ضمان الموافقة مع المعايير الدولية في قياس الممتلكات، وهذا سيقود في نهاية المطاف إلى ضمان التزام الدولة بهدف تحقيق الحياد الكربوني، ووضع خطة للحفاظ على موارد الطاقة، وخفض انبعاثات الكربون عبر العقارات الجديدة والمُشيدة مسبقاً، إضافة إلى إنشاء برنامج وطني لإعادة تأهيل المباني”.
يُشار إلى أن مصر ستستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الإطارية “كوب 27” المعنىي بتغيير المناخ في مدينة شرم الشيخ خلال الفترة ما بين 6 و18 نوفمبر. وفي هذا الصدد، أكدت مصر أن قمة المناخ العالمية القادمة ستكون ذات أهمية خاصة لأنها ستكون عام “التنفيذ” و”إطلاق التمويل المناخي”. لذا، سيكون مؤتمر “كوب 27” فرصة مواتية لمصر كي تمثل القارة الأفريقية بأكملها وتسلط الضوء أمام العالم على جميع احتياجاتها المالية والتقنية.
يعتبر القطاع العقاري مسؤولاً عما يزيد على 40% من انبعاثات الكربون حول العالم، وذلك وفقاً لإحصائيات صادرة عن المجلس العالمي للأبنية الخضراء. ورغم أن العديد من البلدان لم تعمد حتى الآن لاتباع إجراءات صارمة لخفض نسب انبعاث الكربون في بيئة المباني، إلا أن بعض المدن مثل نيويورك، وسنغافورة، وباريس، ولندن، أدركت التأثير الهائل لمساهمة بيئة المباني في انبعاثات الكربون، وسارعت لاتخاذ تدابير محددة لخفض تلك الانبعاثات من العقارات في خطط أعمالها المناخية.
وبهذا السياق، قال أيمن سامي: “ازداد عدد الحكومات التي أدركت خطورة انبعاثات الكربون من المباني على المناخ، وبدأت بفرض معايير للتحقق من كفاءة الطاقة والحد من الانبعاثات في مبانيها، فضلاُ عن تبني فكرة شهادات المباني الخضراء. أما بالنسبة لدولة مصر، فإن الفرصة مؤاتية لتشجيع المستثمرين، ومالكي العقارات، والمقيمين، على اتباع عقلية صديقة للبيئة، واتخاذ مبادراتهم الخاصة للعمل على وجه السرعة، دون انتظار الإجراءات التنظيمية لبدء العمل، لأن الحاجة باتت ماسة جداً للتصدي للطوارئ المناخية”.
وفي ظل استضافتها لمؤتمر “كوب 27″، أشار التقرير كذلك إلى إمكانية مصر في قيادة ودفع اجراءات بسيطة وسريعة وفعالة في قطاع العقارات، مثل تحديثات شبكات الإنارة بمصابيح LED، وتركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية، والتي ستقلل بشكل كبير من الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الكهرباء.
يشار إلى أن مصر وعلى مر الأعوام، كانت قد حقّقت تقدّماً ملحوظاً ساهم في تعزيز مكانتها كداعم لتمويل السندات الخضراء، لا سيما عبر إصدارها لأول سند سيادي أخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (بقيمة 750 مليون دولار أمريكي) في سبتمبر 2020، وذلك بهدف تمويل خطة العمل المناخي وتحقيق أهدافها وطموحاتها في مجال الاستدامة.
على الرغم من ذلك، فلا توجد خطط تمويلية محددة مرتبطة بقطاع المباني حيث يتم أن عائدات سندات الدين تستخدم بشكل أساسي لتمويل أو إعادة تمويل المشاريع الخضراء في قطاع النقل، أي أنه يتم تخصيص 46% من إجمالي العائدات لتعزيز سكة حديد القاهرة الأحادية، بالإضافة إلى دعم مشاريع المياه النظيفة وإدارة شبكات الصرف الصحي بنسبة 54% من العائدات.
علاوةً على ذلك، صرّحت مصر عن حاجتها إلى 250 مليون دولار أمريكي لتركيب تقنيات التبريد الموفر للطاقة في المباني، و345 مليون دولار أمريكي إضافية للعمل على دمج تدابير كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ضمن الفنادق والمنتجعات.
كما شددت الحكومة المصرية على حاجتها إلى الدعم الكامل من الدول المتقدمة، حتى تتمكن من تخصيص الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية اللازمة للوفاء لتحقيق بنود خفض الانبعاثات التي وردت في اتفاق باريس.
ووفقاً لمجموعة “تعقب العمل المناخي”، لن تتمكن مصر من تلبية أهداف درجات الحرارة المنصوص عليها ضمن اتفاق باريس بحلول عام 2030، إلا إذا قامت بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25% على الأقل من مستويات الانبعاث الحالية. ومن جانب آخر، تعد المساهمات المحددة وطنياً لتلبية أهداف درجات الحرارة المنصوص عليها ضمن اتفاق باريس، والتي حدثتها مصر مؤخراً، مشروطة بالحصول على تمويل يصل إلى 246 مليار دولار أمريكي، منها 196 مليار دولار أمريكي لإنجاز خطط تخفيف أثر الانبعاثات، و50 مليار دولار أمريكي مخصصة لإجراءات وخطط التكيّف.
وإضافةً إلى الأهداف والطموحات التي وضعتها مصر بهدف مواجهة أزمة التغيُّر المناخي، أشار التقرير أيضاً إلى حاجة ملحة لتعزيز الإجراءات وتطويرها في سبيل تنفيذ تعهدات اتفاق باريس. أي أنه يجدر بالبلاد أن تعزز مستوى تنفيذ قوانينها الحالية، وأن تحدد هدفاً طويل الأمد لصافي انبعاثات الكربون لتنضم بذلك إلى الدول الأخرى من حيث الجهود المبذولة للحد من أضرار تغير المناخ، والأخذ بعين الاعتبار دور بيئة المباني في توظيف تلك الجهود باعتبارها أحد أكبر المساهمين في تخفيض نسب انبعاثات الكربون حول العالم.