شهد العالم خلال العام 2020 تحولات جذرية تصعب مواكبتها بسبب مخاطر رقمية منتظرة، ويرى خبراء الأمن الرقمي أن تلك التحوّلات قد تجاوزت العالم المادي لتترك أثرها الواسع في الفضاء الرقمي.
لكن خبراء الأمن هؤلاء يؤكدون أن الفضاء الرقمي ليس مطلق التعميم، وأن على كلّ منطقة في العالم أن تأخذ في الاعتبار التطوّرات الخاصة بها دون أن تكتفي بالنظر إلى التوجهات العالمية. ويمكن القول بعبارة أخرى، إن الأمن الشامل الحقيقي يتحقق عندما يُستكمل المنظور العالمي بمنظور إقليمي. ولهذا السبب، تقدّم كاسبرسكي هذا العام، بجانب تقارير نشرة Kaspersky Security Bulletin الأمنية العالمية المعتادة، سلسلة من التوقعات المحلية لمشهد الأمن الرقمي حرصًا منها على تحقيق المنشآت والأفراد مستويات أعلى من الأمن في 2021.
وفيما يلي بعض التطوّرات المحلية في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، والتي يرى خبراء المنطقة وجوب الاهتمام بمتابعتها خلال العام المقبل فما يتعلق بمخاطر رقمية منتطرة:
1. ارتفاع في الهجمات والتهديدات المتقدمة المستمرة في الشرق الأوسط وتركيا
الدافع الرئيس: زيادة التوتر الجيوسياسي في أنحاء المنطقة، ما يؤدي إلى زيادة المخاطر الرقمية القائمة على التجسّس. ولطالما لعبت العوامل الجيوسياسية، تاريخيًا وضمن عوامل أخرى كالشؤون الاقتصادية والتقنية والخارجية، دورًا أساسيًا في التأثيرات الدافعة لشنّ الهجمات الرقمية بهدف سرقة البيانات الحساسة لأغراض حماية الأمن القومي. وعلى الرغم من الأزمة الصحية العالمية الراهنة، فقد ازداد التوتر الجيوسياسي كثيرًا في الشرق الأوسط وتركيا على الأقلّ منذ يناير 2020، ومن المرجح أن يستمر حتى نهاية العام 2020.
2. ارتفاع هجمات الجرائم الإلكترونية في عموم منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، لا سيما في إفريقيا
الدافع الرئيس: الاضطرابات الاقتصادية وتأثيرات أزمة كورونا. شهد كل بلد في العالم مشاكله الخاصة ذات التأثيرات المتفاوتة منذ ظهور الجائحة. وعصفت الاضطرابات الاقتصادية بالعديد من البلدان وتركت أثرًا أكبر في البلدان ذات الاقتصادات الضعيفة، التي تتسم بارتفاع مستويات البطالة والفساد والافتقار إلى المساواة الاجتماعية وغير ذلك، وهي عوامل تؤدي إلى زيادة الجريمة التقليدية. لكن للفضاء الرقمي تأثيرات مشابهة إلى حدّ ما، ومن المرجح أن تزداد الجريمة الرقمية نتيجة للاقتصادات الضعيفة. ومع ذلك، ستختلف الزيادة بين دولة وأخرى اعتمادًا على معدلات الثروة والعمر والرقمنة وما إلى ذلك، على مستوى الدولة.
اختراق البيانات والمخاطر الرقمية
3. زيادة في حوادث اختراق البيانات في عموم منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا
الدافع الرئيس: اتجهت الكثير من المنشآت إلى إتاحة أنظمتها على الإنترنت للحفاظ على استمرارية الأعمال كالمعتاد، سعيًا منها للتغلب على تحديات التباعد الجسدي التي فرضتها الجائحة، ولكن الكثير منها أقدم على تلك الخطوة من دون ضوابط أمنية كافية، ما ترك بعض قواعد البيانات والأنظمة مكشوفًا أمام المجرمين. وتقع حوادث اختراق البيانات عندما تُترك الثغرات في الأنظمة التقنية من غير تصحيح أو عند عدم تهيئة هذه الأنظمة بطريقة سليمة، سواء في بيئة المنشأة أو لدى مقدم خدمة استضافة سحابية.
4. المزيد من الأنشطة المرتبطة بالعصابات الرقمية المرتزقة والقراصنة المرتزقين والتي تستهدف المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المالية
الدافع الرئيس: زيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي على مستوى العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا تفرض على المنشآت الحاجة لفهم سوقها التنافسية فهمًا أعمق، للتمكّن من المضيّ قُدمًا وسط ضبابية الوضع الحالي والمرتقب. وينطبق هذا الأمر بالتحديد على منطقة الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى الإفلاس وزيادة المنازعات القانونية في المحاكم، وهي العوامل التي يجري استغلالها لتوظيف مرتزقة الإنترنت من أجل الحصول على معلومات خاصة حساسة تفيد في الفوز بحكم قضائي في المنازعات القانونية أو سرقة أسرار تجارية وتقديم معلومات تجارية أو تنافسية لمن يدفع أكثر.
5. هجوم رقمي تخريبي واحد على الأقل في الشرق الأوسط
الدافع الرئيس: من المرجح أن تحدث حرب رقمية غير متكافئة بسبب الظروف التي تركتها الجائحة العالمية، وذلك استجابة للتهديدات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية ومن دون التسبب في صراعات مباشرة كبيرة، وبتكلفة أقلّ بكثير مقارنة بالحرب التقليدية. وتشتهر الحروب الرقمية بتكلفتها المنخفضة وتأثيرها الكبير وصعوبة التعرّف على الجهات التي تقف وراء الهجمات. هذه العوامل تجعل هذا النوع من الحروب الحديثة الأسلوب المفضل لتخريب البنى التحتية الحيوية للبلدان والمنشآت وتعطيلها بأقلّ تكلفة، لا سيما في الأوقات التي تشهد توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط.