(شينخوا) كشفت دراسات حديثة أن الدائنين الغربيين من القطاع الخاص مسؤولون عن نصيب الأسد من عبء ديون أفريقيا.
وجدت مؤسسة “عدالة الديون” الخيرية ومقرها بريطانيا في تقرير صدر الأسبوع الماضي أن الحكومات الأفريقية مدينة للمصارف الغربية ومديري الأصول وتجار النفط بأكثر من ثلاثة أضعاف مما تدين للصين، كما أن فوائد ديون هؤلاء المقرضين تعادل ضعفي فوائد الديون الصينية.
وقال التقرير إن 12 % من الديون الخارجية للحكومات الأفريقية مستحقة لمقرضين صينيين مقابل 35 % مستحقة للمقرضين الغربيين التابعين للقطاع الخاص، مضيفا أن متوسط سعر الفائدة على القروض الخاصة يبلغ 5 % ، مقارنة بـ 2.7 % على القروض من المقرضين الصينيين من القطاعين العام والخاص.
وجاء الاكتشاف الجديد بعد أن نشر هاري فيرهوفن من مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا ونيكولاس ليبوليس من قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة أكسفورد دراسة جديدة في مايو قالت إن ارتفاع الديون الأفريقية بسبب الإقراض الصيني يتضاءل مقارنة بعبء الديون الذي خلقه الدائنون من القطاع الخاص للدول الأخرى على مدى العقد الماضي.
وقال الخبراء إن النتائج الجديدة تكشف عبثية ما يسمى بـ “دبلوماسية مصيدة الديون” التي طالما روج لها السياسيون الغربيون وآلات الدعاية الغربية في حملات تشهيرهم بالصين.
وقال باحثون واقتصاديون أفارقة لوكالة أنباء (شينخوا) إن سرد ما يسمى بمصيدة الديون التي استغلها الغرب ضد الصين غير صحيح.
مصيدة الديون
وقال تشارلز أونونايجو، مدير مركز الدراسات الصينية ومقره نيجيريا، إن الدائنين من القطاع الخاص في الغرب لا يمثلون ثلث الدين الخارجي لأفريقيا فحسب، ولكنهم يفرضون أيضا فائدة أعلى وفترة سداد أقصر، واصفا إياهم بالمتلاعبين والخانقين.
وقال “لطالما كانت قضية مصيدة الديون تشهيرا سياسيا …”، مضيفا أن هذا السرد ليس سوى إلهاء لإعفاء الغرب من مسؤولياته.
وقال كوستانتينوس بت. كوستانتينوس، أستاذ السياسة العامة بجامعة أديس أبابا في إثيوبيا، إن الإدارات ووسائل الإعلام الغربية لم تتمكن من تبني منظور عقلاني بشأن تأثير الصين المتنامي في إفريقيا.
وأضاف الخبير “إنهم يصورون الصين على أنها مقرض مفترس يقوم بتسليح رأس المال من أجل ممارسة شكل جديد من الاستعمار في إفريقيا. ومع ذلك، فإن مثل هذه الاتهامات ليس لها أساس واقعي يذكر”.
وقالت بياتريس ماتيري مايسوري، محاضرة الاقتصاد بجامعة ريارا الكينية، إن الأرقام والنسب المئوية التي كشفت عنها الدراسات تشير بوضوح إلى أن الدين الخارجي لأفريقيا مستحق إلى حد كبير لمجموعات مالية وسندات دولية ودائني نفط من القطاع الخاص.
وأكدت أن “دبلوماسية مصيدة الديون … لا علاقة لها بواقع هيكل الديون في أفريقيا”.
وقال مبارك موغابو الصحفي في مجموعة فيجن ومقرها أوغندا: “لم يتم تسليط الضوء على المقرضين الغربيين لفترة طويلة لتخفيف الديون لأنهم نجحوا في خداع العالم بأن المقرضين الصينيين هم فقط من يشكلون تهديدا لأفريقيا”.
ودعا نشطاء الدول الغربية، وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة، إلى إجبار مقرضيها من القطاع الخاص على بذل المزيد من الجهد للمساعدة في معالجة أعباء ديون الدول الناشئة والنامية بما في ذلك الدول الأفريقية.
وقالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في اجتماع عقد مؤخرا، إن البلدان الصاعدة والنامية تشهد تدفقات مستدامة لرأس المال إلى الخارج لمدة أربعة أشهر متتالية، مضيفة أن أكثر من 30 في المائة من البلدان الناشئة والنامية و60 في المائة من البلدان منخفضة الدخل تواجه العجز عن تسديد الديون أو قريبة من ذلك.
الصين مددت تعليق الديون إلى الدول النامية
وقال تيم جونز، المسؤول عن السياسات في مؤسسة “عدالة الديون” إن الصين مددت تعليق الديون إلى الدول النامية الأخرى خلال الوباء، لكن المقرضين من القطاع الخاص في الغرب لم يفعلوا ذلك.
وأردف: “يلقي القادة الغربيون باللوم على الصين في أزمات الديون في إفريقيا، لكن هذا إلهاء … يجب على بريطانيا والولايات المتحدة تقديم تشريعات لإجبار المقرضين من القطاع الخاص على المشاركة في تخفيف الديون”.
وأظهرت بيانات رسمية احتلال الصين المرتبة الأولى بين دول مجموعة العشرين من حيث مبالغ الديون المؤجلة. وقالت ماتيري ميسوري “لقد فعلت الصين الكثير من حيث الموافقة على التوصل إلى اتفاق مشترك مع أكثر من 19 دولة في أفريقيا، والتوصل إلى تفاهم مشترك حول كيفية السعي لتخفيف عبء الديون”.
وقال أونونايجو إن الصين أظهرت ما يجب على دولة كبيرة مسؤولة أن تفعله في هذا الصدد، مضيفا أن الأفارقة يريدون رؤية المزيد من مثل هذه الأمثلة.
وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين البلدان المتقدمة والمقرضين من القطاع الخاص والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف إلى اتخاذ إجراءات أكثر قوة لتقديم دعم تمويلي للدول النامية، وتخفيف أعباء ديونها، حتى يحقق الاقتصاد العالمي تنمية شاملة ومستدامة”.
وعلى مر السنين، حظي الدعم المالي الصيني لأفريقيا، لا سيما في مجال الاستثمار في البنية التحتية، بترحيب واسع من قبل الحكومات والشعوب الأفريقية، خاصة في وقت يتم فيه الترويج لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية الطموحة.
وقال أونونايجو “إننا نشهد اتصالا، ونشهد إعادة تشكيل المطارات، ونشهد إعادة تشكيل الموانئ”، مضيفا أن دعم الصين لأفريقيا يمكن الشعور به بوضوح في مناطق مختلفة.
وفي إشارة إلى ميناء ليكي ديب سي في ولاية لاغوس، المركز الاقتصادي لنيجيريا، كمثال، قال إن مشروع الميناء الذي تموله الصين سيخلق ما يصل إلى 170 ألف فرصة عمل وسيوفر عائدات بمليارات الدولارات للحكومة من خلال الضرائب والإتاوات والرسوم بعد التشغيل.
وقال أونونايجو “هذه ليست دعاية. هذه حقيقة”.
وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمن منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الأفريقي، تمت ترجمة جزء كبير من التمويل الصيني بسرعة إلى بنى تحتية في إفريقيا، وهو ما يمكن رؤيته في عدد لا يحصى من مشاريع الاتصال، مثل السكك الحديدية والطرق والسدود، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وفقا لماتيري ميسوري.
وقالت “هذا مهم جدا بالنسبة لنا من حيث السعي لتحقيق تطلعاتنا في التكامل الأفريقي ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وأن تتاجر جميع البلدان في أفريقيا مع بعضها البعض”.
وأضافت الخبيرة “ما يحدث حقا هو أن هذا الاتصال يساعد النمو في أفريقيا على الأمد الطويل وفي المستقبل، بحيث يمكن لأفريقيا أن تبدأ في المشاركة في سلاسل التوريد العالمية”.
وقال بيتر كاغوانجا، الرئيس التنفيذي لمعهد السياسة الأفريقية ومقره كينيا، إن الصين قدمت للحكومات الأفريقية إمكانية الوصول إلى تمويل جيد لدعم التنمية.
وفي حديثه عن خط سكة حديد مومباسا- نيروبي الذي بنته الصين، قال إن خط السكة الحديد “فتح بلدنا كينيا، وبدأنا نرى التصنيع ينمو هناك، والأعمال التجارية تنمو حول خط السكك الحديدية، وقيمة الأرض تتزايد بشكل كبير حوله، والناس يحصلون على وظائف حوله”.
وأضاف” هذه أشياء لم يكن بوسعنا أبدا أن نحلم بها قبل أن تظهر الصين في الصورة كشريك لأفريقيا”.