اختبار «الحرب».. كيف واجه القطاع الخاص في مصر الأزمة «الروسية الأوكرانية» خلال النصف الأول من 2022؟

20 شركة توضح تأثير الأزمة الروسية على نتائج أعمالها وموقف الخطط الاستثمارية

55 % من المشاركين عدَّلوا الخطط الاستثمارية.. و20% لم يتأثروا بأحداث الأزمة

35 % موّلوا استثماراتهم ذاتيًا بعد رفع أسعار الفائدة.. و55% لم يتضرروا من ارتفاع الدولار

70 % من المشاركين رفعوا أسعار المنتجات بنسبة أعلى من 15%.. و55% لديهم نظرة متفائلة لتحسُن الأوضاع في النصف الثاني

 

لم يكد يتعافى القطاع الخاص من تبعات أزمة كورونا التي أنهكت هياكله الاقتصادية لمدة تتجاوز العامين، حتى دخل اختبارًا جديدًا أشد قسوة مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، وما تبعها من ضغوطٍ تضخمية عالمية، كان لها بالغ الأثر على اقتصادات العالم خلال الأشهر الماضية.

دفعت الأزمة الروسية مختلف اقتصادات العالم إلى تطبيق سياسات تشديد نقدي، انعكست آثارها على أسعار الفائدة والصرف، وتكاليف التمويل، والمستهدفات الاستثمارية.

وترصد “كابيتال” في استبيان محدود – شمل 20 شركة تُمثل مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية كالصناعة والتجارة والسياحة والخدمات- تعامل الشركات مع الأزمة الروسية، ومدى تأثيرها على الخطط التوسعية، وكيفية التعامل مع ارتفاع تكلفة التمويل بعد زيادة أسعار الفائدة، وانعكاس “تصحيح سعر الصرف” على سياسات تسعير المنتجات والخدمات، بالإضافة إلى قياس درجة تفاؤل الشركات بتحسُن الأوضاع خلال النصف الثاني من العام.

 

 

كيف تعاملت الشركات مع الأزمة الروسية الأوكرانية؟

أظهر الاستبيان أن أكثر من نصف المشاركين (55%) اتجهوا لتعديل الخطط الاستثمارية التي تمت إعدادها قبل بداية العام، لتتوافق مع ظروف الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من قرارات حكومية.

وأوضح الاستبيان أن ثُلث المشاركين أبقوا على خططهم الاستثمارية دون تغيير، في حين اتجه 10% من المشاركين لسياسات انكماشية.

وقال مشاركون بالاستبيان، إن شركاتهم كانت تُعوّل على عام 2022، لتعويض الخسائر الناجمة عن أزمة كورونا وما تبعها من تأثيرات سلبية على مختلف الأنشطة الاقتصادية، لكن الظروف الجديدة عطّلت كل الخطط.

وأضاف المشاركون أن عددًا كبيرًا من الشركات وضعت خطط طموحة قبل بداية العام، تتضمن تنفيذ التوسعات المؤجلة خلال العامين الماضيين، لكن تبعات الأزمة الروسية المتسارعة دفعت عدد كبير من الشركات للتروي قبل اتخاذ أية قرارت استثمارية.

 

كيف أثرت الأزمة على نتائج أعمال الشركات خلال النصف الأول؟

أظهر الاستبيان تأثيرًا مختلفًا للأزمة الروسية الأوكرانية على نتائج أعمال الشركات خلال النصف الأول من العام الحالي، إذ تباينتِ التأثيرات بين 4 خيارات هي “تراجع النمو، تكبد خسائر، تحقيق أرباح، لا تأثير” .

وأوضح الاستبيان أن 40% من المشاركين انخفضت معدلات النمو بشركاتهم خلال النصف الأول من العام الحالي تأثرًا بالأزمة الروسية الأوكرانية، في حين تَكبّد ربع المشاركين (25%) خسائر خلال نفس الفترة.

وفقًا للاستبيان، لم يتأثر 20% من المشاركين بأحداث الأزمة الروسية، فيما حقق 15% من المشاركين أرباحًا خلال النصف الأول.

وأوضح مشاركون بالاستبيان، أن الأزمة الروسية الأوكرانية وما تبعها من إجراءات، كان لها تأثير مباشر على نتائج أعمالهم، سواء بتحقيق معدلات نمو أقل نسبيًا من مستهدفاتهم المحددة قبل بداية العام، أو تحقيق خسائر مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي.

وقال المشاركون إن آثار الأزمة الروسية الأوكرانية لم تكن واحدة على كل القطاعات الاقتصادية، خاصةً أن بعض الشركات المُصدرة مثلًا استفادت من ارتفاع سعر الصرف في زيادة عوائدها.

كيف تعاملت الشركات مع ارتفاع تكلفة التمويل بعد زيادة أسعار الفائدة؟

دفعت الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تبعها من ضغوطٍ تضخمية، البنوك المركزية في العالم، إلى اتباع سياسات تشديد نقدي، انعكست آثارها على أسعار الفائدة في مختلف دول العالم.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض مرتين متتاليتين خلال أشهر الأزمة، بواقع 1% خلال شهر مارس، و2% خلال شهر مايو، لتصل إلى 11.25 و12.25% للإيداع والإقراض على التوالي، مقارنةً بـ8.25 و9.25% قبل الأزمة.

وكان البنك المركزي المصري أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير 18 شهرًا تقريبًا قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي دفعته لاتخاذ قرارًا بعقد اجتماع استثنائي لرفع الفائدة 100 نقطة أساس في في 21 مارس.

ويستخدم البنك المركزي أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم، والحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب، والآثار الثانوية لصدمات العرض.

وأظهر استبيان “كابيتال”، أن 40% من المشاركين اتجهوا لتعليق توسعاتهم الاستثمارية خلال النصف الأول من العام الحالي، بعد ارتفاع تكاليف التمويل، في حين اعتمد 35% من المشاركين على تمويل استثماراتهم ذاتيًا.

ودفعت الفائدة المرتفعة 15% من المشاركين إلى البحث عن بدائل تمويل جديدة غير الاقتراض البنكي، فيما لم يشعُر 10% من المشاركين بأية تأثيرات.

 

كيف كان تأثير رفع سعر الصرف على الشركات؟

شهد سعر الدولار مقابل الجنيه ارتفاعًا بنسبة تلامس 19.5% خلال النصف الأول من العام الجاري، إذ بلغ متوسط سعر الدولار في نهاية يونيو الجاري إلى 18.75 جنيه للشراء، و18.83 جنيه للبيع، مقابل 15.66 جنيه للشراء، و15.76 جنيه للبيع في نهاية عام 2021.

وقام البنك المركزي المصري في 21 مارس الماضي بعملية تصحيح لسعر الصرف بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة، ما ساهم في زيادة إيرادات مصر من النقد الأجنبي بنسبة 30%، بحسب ما أعلنه طارق عامر محافظ البنك المركزي، خلال مؤتمر اتحاد المصارف العربية، منتصف مايو الماضي.

وأظهر استبيان “كابيتال” تأثيرًا متباينًا لارتفاع سعر صرف الدولار على الشركات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وأوضح الاستبيان أن 45% من المشاركين وقع عليهم تأثيرًا حادًا جراء ارتفاع أسعار الدولار منذ مارس الماضي، في حين كان التأثير مقبولًا عند 40% من المشاركين، وإيجابيًا عند 10% من المشاركين.

 

كيف انعكست زيادة التكاليف على أسعار المنتجات والخدمات خلال النصف الأول؟

تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في ارتفاع التضخم بمختلف دول العالم إلى مستويات قياسية، دفعت البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع معدل الفائدة ثلاث مرات على التوالي، لتصل إلى نطاق بين 1.50% و1.75%.

وانعكست الأزمة الروسية على معدل التضخم السنوي في مدن مصر، والذي ارتفع من 8.8% في فبراير الماضي، إلى 10.5% في مارس، و13.1% في شهر أبريل، و13.5% في مايو، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وأظهر استبيان “كابيتال” قيام 70% من المشاركين بتحريك أسعار منتجاتهم وخدماتهم بنسبة أعلى من 15% خلال الأشهر الماضية، لتعويض زيادة التكاليف الناجمة عن الأزمة الروسية.

وفقًا للاستبيان، رفع 20% من المشاركين أسعار منتجاتهم بنسبة أعلى من 30%، في حين قام 10% من المشاركين بتثبيت الأسعار.

 

ما درجة تفاؤل الشركات بتحسُن الأوضاع خلال النصف الثاني؟

أظهر الاستبيان أن 55% من المشاركين لديهم نظرة متفائلة حول تحسُن الأوضاع في شركاتهم خلال النصف الثاني، في حين أبدى 45% من المشاركين نظرة تشاؤمية، استنادًا إلى عدم التوصل إلى أية حلول للازمة الروسية الأوكرانية التي تتعاظم آثارها بمرور الوقت.