هل تعيد “الفائدة المرتفعة” تنافسية أدوات الدين المصرية؟

المركزي

تعد الفائدة إحدى الآليات التى يعتمد عليها البنك المركزي لتحقيق عدة أهداف، أهمها كبح جماح التضخم، والحفاظ على جاذبية وتنافسية أدوات الدين الحكومية أمام المستثمرين الأجانب.

ويرى محللون ومديرو خزانة ببنوك خاصة أن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الخاص برفع أسعار الفائدة 2% لا يستهدف استعادة استثمارات الأجانب فى أذون وسندات الخزانة، خاصةً أن قرار تخارجهم من أدوات الدين المصرية جاء مدفوعًا بأسباب عامة، كما إنه شمل جميع الأسواق الناشئة لحين استقرار اقتصاداتها.

خروج استثمارات الأجانب من مصر غير مرتبط بأسعار الفائدة

استبعدت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن يكون الهدف من رفع أسعار الفائدة استعادة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية مرة أخرى، موضحة أن خروج الأجانب الأشهر الماضية غير مرتبط بأسعار الفائدة، إنما كان “خروج عام شمل جميع الأسواق الناشئة.

وأشارت إلى أن عودة الأجانب مرة أخرى يتطلب وقتًا حتى تمر الأزمة الحالية، التى تؤثر على جميع الاقتصاديات فى العالم خاصةً الناشئة.

وتوقعت السويفى ارتفاع أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة، قائلة “سيحدث ارتفاع حتى لو جزئى للعائد”.

واتفق معها محمد أبو باشا، كبير المحللين بالمجموعة المالية هيرميس، والذي أوضح أن قرار رفع سعر الفائدة لا يستهدف عودة جذب استثمارات الأجانب بشكل فوري خاصةً أن قرار تخارجهم من الأسواق الناشئة لم يمضِ عليه وقتًا طويلًا، وأن رجوعهم يتطلب تعافيًا ولو جزئيًا لتلك الأسواق.

من جانبه قال مسؤول خزانة في أحد البنوك الخاصة، أن رفع الفائدة يحافظ على تنافسية التسعير فى الدول الخارجية، خاصةً التى يماثل اقتصادها الاقتصاد المصرى.

ويرى المسؤول أنه على الرغم من صعوبة عودة الأجانب إلى السوق المحلى وغيره من الأسواق الناشئة، إلا أنه يضع السوق المصري على نفس المستوى من التنافسية باعتباره أحد الخيارات المتاحة وقت إعادة اتخاذ القرار.

وتوقعت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلى وقطاع الخدمات المالية بشركة “إتش سى”، ضغطًا على أذون الخزانة أجل 12 شهرًا للزيادة إلى 16.5%-17.0%، بالقرب من متوسط النصف الأول من عام 2019 البالغ 17.4% عندما بلغ متوسط التضخم 12.9% وبما يقابل متوسط عوائد سندات الخزانة الأمريكية أجل 12 شهرا عند 2.39%.

وقالت إنه فى النصف الأول من عام 2019، كانت العوائد الحقيقية البالغة 180 نقطة أساس فى مصر تقابل عائد حقيقى قدره 58.9 نقطة أساس فى الولايات المتحدة عند 17%.

وتوقعت أن تبلغ العوائد الحقيقية على أذون الخزانة المصرية أجل 12 شهرا 0.45 نقطة أساس، بينما تقدم سندات الخزانة الأمريكية أجل 12 شهرا عائدًا سنويًا قدره سالب 490 نقطة أساس “باحتساب تقديرات بلومبرج للتضخم المتوقعة لعام 2022 عند 6.9% للولايات المتحدة الأمريكية”، بينما تقدم تركيا عائد حقيقى سلبى قدره سالب 37.69% “باحتساب آخر معدل العائد على أذون الخزانة عند 22.3% وتقدير بلومبرج للتضخم المتوقع عام 2022 عند 60%”.

كبح التضخم الهدف الأساسى لرفع الفائدة

قالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن الهدف الأساسى لقرار رفع الفائدة نهاية الأسبوع الماضى، هو زيادة سعر الفائدة الحقيقى، ومحاولة السيطرة على معدلات التضخم التى تسير فى اتجاه صعودى.

وبحسب السويفي، يستهدف القرار أيضًا تقليل التأثير الثانوي للتضخم الناتج عن ارتفاع التكلفة وكبح جماح التضخم، حتى لا يدخل فى نطاق أعلى.

وأوضحت أن الزيادة أخذت فى الاعتبار أيضًا التحركات الجماعية للأسواق فى العالم نحو كبح التضخم، ورفع أسعار الفائدة، فهو قرار يتماشى مع الأسواق الخارجية وعلى الأخص المثيلة.

وقال محمد أبو باشا، كبير المحللين بالمجموعة المالية هيرميس، إن رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة يستهدف فى المقام الأول محاولة التصدى لمعدلات التضخم المرتفعة، خاصةً أن جزءًا كبيرًا من التضخم جاء نتيجة تأثيرات خارجية وارتفاع الأسعار عالميًا.

وأوضح أبو باشا أن استمرار ارتفاع الفائدة مرتبط باستمرار ارتفاع معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن مصر ليست بعيدة عن الأسواق الخارجية وتسعى لكبح جماح التضخم المستورد والمحلى.

وتوقع أبو باشا أن يبلغ التضخم ذروته في حدود 14% و15% بحلول شهر أغسطس المقبل.

توقعات باستمرار ارتفاع الفائدة النصف الثانى من 2022

توقع كبير المحللين بهيرمس، رفع أسعار الفائدة خلال النصف الثانى من العام الحالى بمعدلات تتراوح بين 1% و2%، خاصةً مع استمرار اتخاذ الفيدرالى الأمريكى قرارات متوالية برفع الفائدة لمجابهة التضخم.

وأكد على أن جزءًا كبيرا من التضخم وافد من الخارج، وهناك اتساقًا فى القرارات لمجابهة التصخم الجماعي وتأثيراته على الاقتصاد.

بينما قالت “السويفى”: يصعب التنبؤ بتحركات أسعار الفائدة على المدى المتوسط والطويل نظرًا لتسارع المتغيرات وارتباطها بتطورات الأسواق العالمية.

وتوقع مسؤول خزانة أحد البنوك الخاصة، ألا يكون قرار رفع الفائدة 2% الأسبوع الماضى، الأخير العام الحالى، متوقعًا زيادة بنحو 2% أو أكثر خلال الاجتماع بعد المقبل، خاصةً فى ظل توقعات البنك المركزى باستمرار ارتفاع التضخم وتجاوزه المستهدفات العام الحالى.

وكان “المركزي” يستهدف معدل تضخم عند 7% (± 2%) خلال الربع الأخير من 2022.

وقال المركزي، في بيان اجتماع لجنة السياسة النقدية، الخميس الماضى، إنه يتم استخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم، والحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب، والآثار الثانوية لصدمات العرض، لما لها من تأثير على توقعات التضخم، وتخطي المعدلات المستهدفة والمعلن عنها مسبقًا.