أظهرت النسخة الأحدث من “استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية” (GSCS) الصادر عن “جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين” (ACCA) و”معهد المحاسبين الإداريين” (IMA) أن منطقة الشرق الأوسط سجلت أعلى مستويات الثقة والطلبات رغم من المخاوف المرتبطة بتصاعد التكاليف التشغيلية.
وسجل مؤشر المخاوف بشأن التكاليف التشغيلية زيادة أخرى خلال الربع الأول من العام الجاري بواقع تسع نقاط مئوية. ويسجل هذا المؤشر الآن أعلى مستوياته عند 62%. ويأتي هذا الارتفاع الحاد خلال الاثني عشر شهراً الماضية ليؤكد على تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل الناجم عن نقص التوريد وتعطل سلاسله.
ورغم هذه المخاوف المرتبطة بالتكاليف التشغيلية، سجل استطلاع منطقة الشرق الأوسط لفترة الربع الأول من العام الجاري أعلى ارتفاع في مستويات الثقة والطلبات عبر جميع المناطق الرئيسية، حيث سجل مؤشر الثقة زيادة بواقع 25 نقطة بين الربع الرابع من عام 2021 والربع الأول من عام 2022. ويمكن إرجاع هذه الزيادة في المقام الأول إلى أسعار النفط التي سجلت ارتفاعاً حاداً منذ بداية عام 2022. وتعكس القفزة في مستويات الثقة خلال الربع الأول تضاؤل “تأثير أوميكرون”.
ووفقاً لاستطلاع الربع الأول، شهدت مؤشرات الثقة العالمية والطلبات تغيرات طفيفة، حيث ارتفع مؤشر الثقة بواقع أربع نقاط ليصل إلى +9، بينما سجل مؤشر الطلبات ارتفاعاً بواقع نقطتين إلى -3. وسجلت مؤشرات النشاط الاقتصادي الأخرى مثل التوظيف والإنفاق الرأسمالي، تحسناً ملموساً. وبشكل عام، يحافظ استطلاع الربع الأول على اتجاه النمو الإجمالي المتواضع حتى منتصف العام، بانخفاض ملموس عن الانتعاش القوي الذي شهدته فترة بعد الجائحة من عام 2021. ولا يزال مستوى الطلبات في المناطق المتقدمة أعلى من المستوى المسجل في المناطق النامية، على النحو الذي كان عليه خلال مرحلة الانتعاش بعد الجائحة.
وشهد مؤشرا “الخوف”، اللذان يرصدان حالة القلق بشأن توقف العملاء والموردين عن العمل، تغيراً طفيفاً خلال الربع الأول، مع تسجيل انخفاض طفيف بواقع نقطتين ونقطة واحدة على التوالي. كما سجل كلاهما تراجعاً ملحوظاً عن المستويات القصوى المسجلة خلال عام 2020 لكنهما لا يزالان أعلى من المستويات المسجلة خلال فترة ما قبل الجائحة.
وفي هذا السياق، قال مايكل تيلور، كبير الاقتصاديين لدى جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين: “شهدت بداية العام ارتفاعاً حاداً في أسعار النفط والغاز والقمح والسلع الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع التضخم لمستويات أعلى وفرض الضغوطات على مستويات الدخل، إضافة إلى إبطاء النمو الاقتصادي. وبالمقارنة مع التوقعات السابقة، قد ينخفض معدل النمو العالمي بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة هذا العام وصولاً إلى 3.25% تقريباً”.
من جهتها، قالت لوريال جايلز، نائب الرئيس لقسم الأبحاث والسياسات في معهد المحاسبين الإداريين: “طلبنا من المشاركين في الاستطلاع ذكر أكبر خطرين اقتصاديين بالنسبة لهم، فأشار 51% منهم إلى اضطرابات سلسلة التوريد، بينما شدد 50% على خطر تجدد قيود كوفيد-19. وبالإضافة إلى ذلك، سلط 40% من المشاركين الضوء أيضاً على ارتفاع أسعار الفائدة باعتباره أحد المخاطر المحتملة، مقارنة مع 26% في استطلاع الربع الرابع من العام الماضي. ويجسّد الارتفاع النموذجي في مستويات الثقة الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط والمنسوب إلى تقلبات أسعار النفط توجهاً إيجابياً، لكن المخاوف المرتبطة بالتكاليف التشغيلية لا تزال كبيرة”.
ويحذر كل من “جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين” و”معهد المحاسبين الإداريين” من خطر التراجع عن سياسات التسهيلات الاستثنائية. وقالت جايلز: “لطالما كانت إزالة التسهيلات الاستثنائية المطبقة بهدف تخفيف آثار الجائحة مسألة في غاية الصعوبة. فأثناء العام الماضي، تسببت عوامل نقص الإمدادات والاضطرابات الجيوسياسية في نشوء سيناريو ركود تضخمي يذكرنا بفترة السبعينيات التي شهدت نمواً اقتصادياً ضعيفاً ومصحوباً بمعدلات تضخم عالية”.
واختتم تايلور: “تواجه البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة قراراً صعباً قد يؤدي إلى تطبيق سياسات متشددة على نحو كبير يفضي إلى حالة من الركود، أو تطبيق سياسات متساهلة بشكل مفرط تنطوي على التضخم وتوقعات التضخم. وينبغي النظر بدقة في السياسات واختبار مدى تحملها للضغوطات خلال الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة”.