واصل سوق العمل الأمريكي الانتعاش في فبراير الماضي مع استحداث عدد كبير من فرص العمل فيما استمرت البطالة في الانخفاض، ويعود الفضل في ذلك إلى احتواء تفشي الوباء لكن الحرب في أوكرانيا تثير مخاوف جديدة.
وحسب البيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية، أمس الجمعة، تم إضافة 678 ألف وظيفة في فبراير 2022، مقارنة بأرقام معدلة عند 481 ألفا في الشهر السابق، وأعلى بكثير مما توقع المحللون 400 ألف وظيفة.
إضافة إلى ذلك، انخفض معدل البطالة أكثر من المتوقع إلى 3.8% بعد 4% في الشهر السابق، مقتربا من أدنى مستوى تاريخي له سجل قبل الوباء (3.5%). لكن معدل البطالة لا يزال مرتفعا في صفوف الأقليات (+6.6% للأميركيين السود و+4.9% للأميركيين من أصل لاتيني).
لقد مرّت موجة العدوى بالمتحورة أوميكرون، ما يسمح بتخفيف القيود الصحية، وعودة نشاط الحانات والمطاعم والسفر.
وحصيلة التوظيف جيدة بالنسبة للرئيس جو بايدن الذي تضررت شعبيته لعدة أشهر بسبب التضخم القياسي.
وقالت وزارة العمل إن الشهر الماضي شهد “زيادة في الوظائف واسعة النطاق، مع مكاسب في قطاعات الترفيه والضيافة، والخدمات المهنية والتجارية، والرعاية الصحية والبناء”.
وأوضحت الوزارة أن مستوى التوظيف المسجل في فبراير كان أقل مما كان عليه في الشهر نفسه عام 2020 قبل تفشي جائحة “كوفيد-19”.
من جهته، اعتبر آدم دي سانكتيس من جمعية مصرفيي الرهن العقاري أنه “في ظل هذا المعدل (لاستحداث فرص العمل)، يمكن سد الفجوة في غضون ثلاثة أشهر”.
من ناحية أخرى، لا يزال معدل المشاركة في سوق العمل منخفضا عند 62.3%، من دون تغيير تقريبا مقارنة يناير الماضي، في وقت تواجه العديد من النساء صعوبات للعودة إلى سوق العمل وارتفاع عدد من تقاعدوا أثناء الوباء.
هناك جانب سلبي آخر، وهو أن جمع البيانات تم في منتصف فبراير، أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا الذي هز الأسواق المالية العالمية وسبّب زيادة حادة في أسعار الطاقة.
ونتيجة الغزو، يواجه سوق العمل تهديدات جديدة قد تعرقل نمو التوظيف مستقبلا في حين يستعد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لرفع أسعار الفائدة المديرية.
وفي الوقت الحالي، يتفق الاقتصاديون على أن الولايات المتحدة أقل عرضة من أوروبا للتأثيرات الاقتصادية لهذا النزاع، لكنهم يحذرون من أن امتداد أمد الحرب سيكون له تداعيات عالمية يصعب التنبؤ بها.
من جهته، أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع، أن التداعيات على الاقتصاد الأميركي “غير مؤكدة إلى حد كبير”.
لكن حتى الآن، تغلب انتعاش سوق العمل على جميع العقبات. ويقترب العرض في السوق من أعلى مستوياته على الإطلاق، فيما يسجل تسريح العمال أدنى مستوياته، وقد ظلّ التوظيف قويا خلال الموجات المتتالية من الوباء.
وقالت العديد من الشركات إنها ما زالت تواجه صعوبات في جذب العمال.
أدت المنافسة لجذب العمالة إلى ارتفاع الرواتب، لكن ارتفاعها تباطأ في فبراير إلى 5.1% لمتوسط الأجر بالساعة على مدى اثني عشر شهرا بعد 5.7% في يناير.
وتعتبر الأجور التي تزيد عن 15 دولارا في الساعة في العديد من القطاعات – وهو رقم لم يكن من الممكن تصوره قبل الوباء – خبرا سارا للموظفين ولكنها لا تعوض عن التضخم الذي ارتفع بنسبة 7.5% في يناير، كما أنه مصدر قلق لصانعي السياسة في الاحتياطي الفدرالي الذين يخشون من ارتفاع التضخم الذي وصل أصلا إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاما.
وللسيطرة على دوامة ارتفاع الأسعار، أعلن جيروم باول، الأربعاء، أنه سيقترح زيادة بنسبة 0.25% في أسعار الفائدة في اجتماع 15-16مارس، وهي زيادة متواضعة في ضوء حالة عدم اليقين الكبيرة التي سببتها الحرب الروسية على أوكرانيا.
لكنه شدد على أن الاحتياطي الفيدرالي سيتصرف “بمزيد من القوة” إذا استمر التضخم.
ويقدر الاحتياطي حاليا أن معدل البطالة سيتراجع إلى مستوى ما قبل الوباء بحلول نهاية العام.
العربية: