قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، إن مصر خفضت فاتورة دعم المحروقات من 128 مليار جنيه إلى 17 مليار جنيه خلال السنوات الـ4 الماضية.
وأضاف مدبولي خلال مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء، بالعاصمة الإدارية الجديدة، اليوم الخميس، أن الفارق الكبير في هذه التكلفة تم ضخه في استثمارات ضخمة جداً استفاد منها كل المواطنين.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن هناك موروثات موجودة على مدار عقود طويلة، وخطوات اتخذتها الدولة على مدى عقود زمنية مضت فيما يتعلق بمنظومة الدعم.
وأوضح أن الدولة استمرت في تبني سياسات الدعم على الرغم من الزيادة السكانية المرتفعة دون النظر في إعادة مراجعة النظم والآليات الخاصة بمنظومة الدعم، والتأكد من أنها تستهدف فعلياً الفئة الحقيقية المستحقة للدعم.
وذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد في مواقف عديدة على ضرورة مراجعة منظومة الدعم، كما أن الحكومة ليست بمعزل عن الشعب، وإنما يشكلان كيانا واحدا وفي بوتقة واحدة.
مدبولي: الزيادة السكانية تلتهم جهود التنمية
وتحاول الدولة المصرية تعظيم مواردها وزيادتها، لكنها تصطدم بالتحدي الأكبر المتعلق بالزيادة السكانية السنوية التي تلتهم جهود التنمية، بما يشكل متاهة وحلقة مفرغة، بحسب مدبولي.
ودعا رئيس الوزراء إلى تخيل شكل الدولة إذا ما ثبتت الزيادة السكانية لمدة عشر سنوات فقط وقال ” هناك دولا كتيرة متقدمة ولديها موارد هائلة لا تعاني من الزيادة السكانية وبالتالي كل تركيزها هو العمل على توفير الرفاهية لشعوبها وجودة الحياة، وتحسين الخدمات.
وقال إن الدولة تحتاج إلى مراجعة منظومة الدعم كلها، وهو ما تقوم الحكومة بالعمل عليه حالياً.
وأضاف: هناك اليوم أعداد ليست بالقليلة تستفيد من هذا الدعم دون وجه حق، وبالتالي فإن هدف الحكومة هو إعادة هيكلة هذه المنظومة لتحديد الفئات المستحقة التي يجب على الدولة إدراجها في منظومة الدعم بشكل منظم وطبقا لقدرات الدولة المصرية، لأن أي تكلفة يمكن توفيرها من منظومة الدعم سيتم توجيهها مرة أخرى في مشروعات جديدة لتنمية هذا البلد، ولتوفير فرص عمل.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر ليست بمعزل عن العالم الذي يشهد ارتفاعا في معدلات التضخم ونقصا وارتفاعا في أسعار السلع الأساسية، لذا فإن ما يشغل الحكومة هو توفير هذه السلع الأساسية التي يعتمد عليها المواطن، وأن يتوافر احتياطات لهذه السلع تكفي وتؤمن احتياجات المواطنين لفترات زمنية طويلة، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكفي احتياطات السلع الأساسية لمدة تصل إلى ستة أشهر، وهو ما حققته الحكومة بالفعل في وقت عانى فيه مواطنو الدول المتقدمة من نقص في هذه السلع، بينما لم يشعر المواطن المصري بأن هناك أزمة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه من الطبيعي ارتفاع أسعار بعض السلع بشكل خارج عن الإرادة، ويرجع هذا لعدة أسباب منها ارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وغيرها، وهناك سلع تشهد ارتفاعا في الأسعار وهي ليست مدعومة بالأساس، وهي زيادة يشهدها العالم أجمع، ولذلك فليس من المنطقي أن يثبت سعر سلعة ما في حين أن سعرها يرتفع في باقي أنحاء العالم.
وأوضح أنه من المهم لدى الدولة توفير هذه السلع وأن تكون في متناول كل المواطنين.
وذكر مدبولي أنه يتم سنوياً تخصيص مبلغ محدد للدعم في الموازنة العامة للدولة، لكن مع الزيادة السكانية المرتفعة سيكون من الصعب على الدولة تحمل هذه الزيادة، فلابد من وجود قدر من المرونة للتعامل مع هذا الموضوع للحفاظ على انضباط الموازنة، لأن التجارب السابقة كانت خير شاهد على ذلك.
وقال إن الدولة تقوم بقدر الإمكان بتحقيق التوازن بما لا يخل بأداء الموازنة العامة للدولة.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على أن مصر ليست بمعزل عن العالم، وأن العالم يتابع ما يحدث في كل دولة وأداءها وبناءً عليه، تقرر الاستثمارات الأجنبية إذا ما كانت ستستثمر في هذه الدولة من عدمه، وتقوم مؤسسات التصنيف بتحديد أداء هذه الدولة، لذا فإنه من الضروري أن نعي أن قيادة الدولة ومعها الحكومة تتابع ذلك، قائلاً: لابد أن نكون جميعاً مستشعرين حجم التحدي، لاسيما في هذه الفترة شديدة الاستثنائية، التي تقاس بفترة الكساد العالمي التي حدثت في القرن الماضي وكذلك الحرب العالمية الثانية.
وأشار إلى أن الحكومة حريصة على الاستمرار في تحقيق التوازن المطلوب وتوفير كل السلع الأساسية وتأمين الخدمات للمواطنين، لكن في ذات الوقت الحفاظ على انضباط الأداء الاقتصادي للدولة المصرية.
الحكومة تدرس عدة سيناريوهات لإدخال تعديلات جديدة على منظومة الدعم
وحول ما إذا كانت الموازنة العامة للدولة ستتضمن تعديلات جديدة في منظومة الدعم، قال مدبولي إن الحكومة تدرس هذا الملف بالفعل، مضيفا: هناك عدة سيناريوهات في هذا الشأن ويتم دراسة كل سيناريو على حدة بتبعاته الإيجابية والسلبية؛ حتى يتسنى لنا أن نخرج بتصور وإطار عام.
وأكد أن الحكومة سيكون لديها بالفعل تصور واضح عند إعداد الموازنة الجديدة، مشيرا إلى أنه وفقا للدستور فإنه يتعين على الحكومة تقديم الموازنة للبرلمان قبل نهاية شهر مارس.
وقال إن الحكومة تنطلق في هذا الأمر من عدة محددات يتمثل أهمها في أن الدولة المصرية واستدامتها واستقرارها يلزمنا بأن يكون لدينا رؤية اقتصادية للحفاظ على كل المكتسبات التي حققتها الدولة.
ونوه رئيس الوزراء في هذا السياق إلى أن أخطر ما يمكن القيام به هو أن نخطو خطوات ثم نعود للوراء مرة أخرى، ونعدل عنها، فهو أمر صعب، فلا بد من الحفاظ أو على الأقل الثبات على الخطوات التي حققناها، وهو دائما ما يمثل تحديا أمامنا في كيفية تحقيق التوازن الصعب بين الحفاظ على ما تحقق والتحديات التي نواجهها.