شاركت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في فعاليات قمة مصر الاقتصادية، التي تقام تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي للعام الثالث على التوالي، وتنعقد هذا العام تحت عنوان “التضخم العالمي ودور القطاعين العام والخاص في مواجهته”.
وأكدت وزيرة التخطيط خلال كلمتها إلى أهمية انعقاد قمة مصر الاقتصادية، مشيرة إلى أنه رغم السنوات المحدودة لبداية انعقاد هذه القمة وتحديدًا منذ عام 2019 إلا أن هذه الفترة وما شهدته من مُتغيّرات اقتصادية واجتماعية وصحية غير مسبوقة زاد من أهمية هذا الحدث، الذي أصبح يمثل منصّة مُهمّة للحوار، تجمع في مكان واحد نُخبة مُختارة من شركاء التنمية من القطاع الحكومي ومجتمع الأعمال ورؤساء البنوك والمؤسسات التمويلية والشركات الكبرى والإعلاميين والخبراء، فنتوجه بخالص الشكر للقائمين على الإعداد والتنظيم الجيّد لقمة مصر الاقتصادية في نسختها الثالثة.
أشارت “السعيد إلى أن الظروفٍ الاستثنائية التي يمرُ بها العالم منذ عامين مازالت مستمرة؛ نظرًا لما نشهده من أزمةٍ متفاقمةٍ لفيروس كوفيد-19 المستجد والسلالات المتحوّرة من هذا الفيروس، مما يزيد الـمخاوف بشأن الأضرار والخسائر الـمُحتملة على الأنشطة الاقتصادية وأسواق العمل والأسواق الـمالية وسلاسل الإمداد الدولية، التي لازالت تُعاني ولم تتعاف بالكامل من جرّاء هذه الأزمة، والتي كَبَدَت الاقتصاد العالمي خسائر تُقدّر بنحو 22 تريليون دولار (بين عامي 2020-2025 وفقًا لـ IMF) مع استمرار تراجُع مُؤشّرات الاستثمار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مُستوياتٍ قياسيةٍ لم يشهدها الاقتصاد العالمي من قبل، خاصة أن هذه الأزمة تختلف وتتجاوز في حِدَتها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية جميع الأزمات السابقة التي شهدها العالم بتأكيد المؤسسات الدولية، حيث أنها المرّة الأولى التي تضرب فيه أزمة واحدة جانبي العرض والطلب معًا؛ بتأثر سلاسل التوريد والإمداد العالمية، وتوقف نشاط التصنيع، وتراجع مستويات الأجور، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتزايد حالات عدم اليقين، كما أنها المرّة الأولى أيضا التي تضرب فيه أزمة جميع اقتصادات العالم، وجميع القطاعات الاقتصادية في آن واحد.
أوضحت وزيرة التخطيط أنه رغم التعافي النسبي لمؤشرات الاقتصاد العالمي مع توقع معدل نمو الاقتصاد العالمي 5.9٪ في هذا العام 2021، ومتوقع أن يبلُغ 4.9٪ في العام المقبل 2022، إلا أنه لا تزال تأثيرات الأزمة مستمرة خصوصًا مع توالي ظهور متحوّرات جديدة وتداعياتها السلبية على سلاسل التوريد التي تأثرت بها اقتصاديات الدول المتقدِّمة والدول النامية وأدت إلى تراجع مستوى الأنشطة الاقتصادية في هذه الدول، حيث أدى الانتشار السريع لمتحوّر “دلتا” والمتحوّر الجديد “أوميكرون” إلى ارتفاع درجة عدم التيقّن حول الـمدى الزمني الـمُحتمل للتعافي من الجائحة، وتجاوز مخاطرها، والعودة لـمسارات النمو الـمُستدام.
لفتت الوزيرة التخطيط إلى أنه من ناحيةٍ أخرى اقترن هذا التعافي النسبي بتخوّفات حول تأثير التعافي السريع للطلب الذي قد لا يُقابله معدلات عرض مناسبة، أطلق عليه البعض اضطراب مُحتمل في سلاسل الإمداد، أو التعافي غير المتكافئ أو غير المتوازن. وقد أدي هذا الاختلال إلى جانب الضغوط الناجمة عن الاضطرابات المستمرة في أسواق العمل إلى زيادة سريعة في أسعار بعض السلع الرئيسية والاستراتيجية على مستوي العالم، لعلّ أهمها على الإطلاق خدمات الشحن وأسعار الطاقة، فقد جاءت هذه الموجة التضخمية مدفوعة بارتفاع الطلب ونقص المُدخلات واضطرابات سلسلة التوريد، وهو ما يتضِّح من الاتجاه المتصاعد لمؤشر اضطراب سلسلة التوريد، لافتة إلى زيادة أسعار البترول والطاقة في أقل من ستة أشهر بنسب تراوحت بين 50% إلى 80%، ويُعد سوق النفط من أكثر المتغيّرات تأثيرًا في تقلبات الأسعار بشكلٍ عام، نظرًا لتأثيره المباشر ولكونه من المداخل الرئيسية للعديد من الصناعات والقطاعات و طرق الشحن مما يؤدي إلي ارتفاع الأسعار النهائية. فقد تراوحت أسعار خام برنت منذ بداية 2021 (وفقاً لأسعار السلع الأساسية للبنك الدولي) من 54,55 دولار/ للبرميل في يناير 2021 إلي 80,77 في نوفمبر2021، بنسبة ارتفاع 48%، و تراوحت أسعار الغاز الطبيعي من 2,67 (دولار/طن متري) في يناير 2021 إلي 5,02 (دولار/طن متري) في نوفمبر2021، نسبة ارتفاع 88% منذ بداية العام.
أضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه عندما جاءت أزمة كوفيد 19 وما تَبعها من أزمات اقتصادية واجتماعية كانت الدولة المصرية قد قطعت بالفعل شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة، بدأتها منذ سَبعة أعوام بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال إطلاق “رؤية مصر2030″، في فبراير عام 2016، التي تُمثل النسخة الوطنية من الأهدافِ الأُمَمية لتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي منذ نوفمبر2016، والذي تَضمّن اتخاذ العديد من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية والإجراءات التحفيزية لتهيئة بيئة الأعمال، وفتح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في تنفيذ وإدارة مشروعات البنية التحتية وللمساهمة في تنمية الاقتصاد، وخَلق فرص العمل اللائق والمنتج، وقد حرصت الدولة على خلال هذه الأعوام على استمرار الطفرة المُحققة في الاستثمارات العامة لتحسين جودة حياة المواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات وتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، حيث بلغ حجم الاستثمارات العامة في العام الجاري 21/2022 نحو 933 مليار جنيه وبمعدل نمو 46% مقارنة بالعام السابق (وبنسبة زيادة 535% مقارنةً بعام 14/2015)، وقد بلغ الإجمالي التراكمي للاستثمارات العامة خلال الفترة 14/2015 – 21/2022 نحو 3.6 تريليون جنيه، كما ارتفع نصيب الفرد من الاستثمارات العامة في العام الجاري 21/2022 بنسبة 44% مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 440% مقارنة بعام 14/2015 (8828 جنيه في 21/2022 مقارنة بـ 6142 في 20/2021 و1631 جنيه في 14/2015)، تأكيدًا لعزم الحكومة على ضَخ استثمارات ضخمة لتحريك الاقتصاد بخُطى مُتسارعة، وذلك من خلال دفع عجلة الاستثمار والإنتاج والتشغيل في كل القطاعات الاقتصادية، والتركيز على تطوير البنية الأساسية والنهوض بقطاعات التنمية البشرية والاجتماعية.
بينت وزيرة التخطيط أنه مع ظهور أزمة كوفيد 19، لم تكن مصر بمَعزَل عن هذه الأزمة وتداعياتها، فقد جاءت الأزمة في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد المصري بداية طَفرة ملحوظة في مُختلف المؤشرات؛ في ضوء الإصلاحات الجادة التي اتخذتها الدولة المصرية في الأعوام الأخيرة، والتي بدأت تؤتي ثِمارها بتحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو تصاعدي بلغ نحو 5.6% في النصف الأول من العام الجاري 19/2020؛ وهو أعلى معدل نمو متحقق منذ ما يزيد عن أحد عشر عامًا، وهو ما عَزَّز قدرة الدولة المصرية على التحرّك السريع والمدروس لمواجهة أزمة كوفيد 19، ومنحها ما يُسمّى بالحيّز المالي، لاتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية (المالية والنقدية)، التي جاءت بدعم كامل وتوجيه من القيادة السياسية، وبتنسيق وتكاتف بين مختلف أجهزة الدولة، كما تَميّزت هذه الإجراءات بقدرٍ كبير من الشمول؛ وتضمّنَت إتاحة 100 مليار جنيه (2% من الناتج المحلي الإجمالي) مخصّصات الخطة الشاملة للتعامل مع الأزمة وتحسين معيشة المواطنين، بالإضافة إلى جهود الدولة لمساندة العمالة المُنتظمة وغير المُنتظمة، وتقديم الدعم للقطاعات الرئيسية المتضرّرة من جرّاء الأزمة، وأهمها: قطاع الصحة، والسياحة الذي يُعد أكثر القطاعات تضررًا من الأزمة، وقطاع الصناعة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصِغَر.
شددت الوزيرة على أن مصر تُعد الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتوقف بها المشروعات القومية وما تتطلبه من تمويلات ضخمة، ويأتي في مُقدِّمة هذه المشروعات مُبادرة “حياة كريمة”، فقد تم إطلاق المرحلة التمهيدية من المُبادرة في يناير 2019، واستهدفت 375 قرية، وأسهمت المُبادرة في خَفض معدلات الفقر في بعض القرى بنسبة 11 نقطة مئوية، كما نَتَج عنها تحسُّن معدل إتاحة الخدمات الأساسية بحوالي 50 نقطة مئوية في بعض القرى، كما أسهمت المبادرة في التخفيف من حِدَّة تأثيرات فيروس كورونا على حياة 4.5 مليون مواطن، لافتة إلى أنه تم إطلاق المرحلة الأولى من المبادرة في إطار المشروع القومي لتنمية الريف المصري، لتستهدف كل قرى الريف المصري (نحو 4500 قرية يعيش بها أكثر من نِصف سكان مصر – 58 مليون مواطن)، حيث يتم تحويلها إلى تجمّعات ريفية مُستدامة تتوافر بها جميع الاحتياجات التنموية خلال ثلاث سنوات، وبتكلفة إجــــمالية تبلغ نحو 800 مليــار جنيــه(نحو 52 مليار دولار)، بما يُعزِّز جهود الدولة لتوطين أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، التي تُعد أحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030. من المؤشرات التي تدلل على نجاح المبادرة مساهمتها الفاعلة في خفض معدلات الفقر وتوفير الخدمات في القرى التي تغطيها المبادرة، وقد تكلل هذا النجاح بإدراج الأمم المتحدة مبادرة “حياة كريمة” ضمن أفضل الممارسات الدولية” SDGs Good Practices، وذلك لكونها مُحدَّدة وقابلة للتحقق ولها نِطاق زمني، وقابلة للقياس، وتتلاقى مع العديد من أهداف التنمية المستدامة الأممية.
وفي إطار الحديث عن المشاركة المجتمعية، لفتت الوزيرة إلى الدور الفاعل للمرأة المصرية في جهود التنمية، حيث تحظى المرأةُ باهتمامٍ ودعمٍ غيرِ مسبوقٍ من القيادةِ السياسية؛ دعمًا يلبي طموحاتِها ويتناسبُ مع مكانتِها الرفيعة في المجتمع، ويحفزُ الطاقاتِ الكامنةَ غير َ المحدودةِ التي وهبها اللهُ للمرأةِ المصرية، لذلك تمثلُ قضايا المرأةِ وجهود تمكيِنها سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا نقطةَ التقاءِ مضيئة في جميعِ محاورِ رؤيةِ الدولة وبرامِجها التنموية، التي تعطي الأولوية لاعتباراتِ النوعِ الاجتماعي بدءًا من التخطيطِ التنموي، امتدادًا للمساهمةِ في الإنتاجِ وفرص العملِ والتشغيل وصولاً لتبوء الوظائفِ القيادية، مبينة أن كل هذه الجهود والسياسات بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية أسهمت في تعزيز مقوّمات مرونة وصمود الاقتصاد المصري، وانعكس ذلك في المؤشرات الإيجابية التي شَهِدَها الاقتصاد المصري، فعلى رغم فداحة الجائحة وتداعياتها، إلا أن الاقتصاد المصري قد نَجَحَ في تحقيق معدَّل نمو بلغ 3.3 % خلال العام المالي 20/2021 (مقارنة ب 3.6 % في عام 19/2020)، حيث جاءت مصر ضِمن عددٍ محدودٍ من دول العالم التي حقّقت نموًا في ظل الجائحة، ومن المتوقع أن يتراوح بين 5.5% و5.7% في العام المالي الجاري 21/2022، مدفوعًا بطفرة النمو الـمُحقّقة في الربع الأول من العام (9.8%)، وهو أعلى معدّل نمو منذ 20 عامًا.
وقد كان من بين الـمُؤشّرات الإيجابية للأداء الاقتصادي المصري، التي نؤكد باستمرار على أهميتها، اقتران معـدلات النمو المحقق بانخفاض معدّلات البطالة، حيث تراجـــعت – رغم أزمة كورونا – إلى 7.5% في الربع الثالث من عام 2021 (يوليو – سبتمبر)، بارتفاع طفيف مقارنة
بـ 7.3% في الربع المناظر من العام السابق، إلا أنها أقل من معدلات البطالة في عام 2014 والتي وصلت إلى 13.4%.
وقالت الوزيرة إنه بالرغم من تراجع معدَّل التضخّم إلى 5.3% في عام (21/2022)، وهو أدنى مستوى له في 15 عامًا، ودعونا نتوقف قليلاً عند معدلات التضخم خصوصًا أنه الموضوع الرئيسي لهذه القمة، فكما سَبَق أن ذكرنا مصر ليست في مَعزَل عن تداعيات أزمة كوفيد 19 وما تبعها مؤخراً من أزمة تضخم عالمية، فقد شهد معدَّل التضخم السنوي في مصر بعض الارتفاعات عَقب أزمة كوفيد-19، حيث زاد معدَّل التضخم إلى 6.3% في نوفمبر 2020 مقارنة بنحو 2.7% للشهر ذاته من السنة السابقة، وقد شَهَد سبتمبر 2021 معدَّل التضخم الأعلى منذ يوليو 2019، حيث وصَلَ إلى 8% مقارنة بـ 6.4% في أغسطس 2021، إلا أنه أعقب ذلك انخفاضًا متواصلاً حتى بلغ 6.2% في نوفمبر 2021، ويُعزَي هذا التراجع إلى انخفاض أسعار مجموعة الخضروات (11%)، والفاكهة (5.1%)، واللحوم والدواجن (3.4%) نتيجة استقرار المعروض، هذا بالإضافة إلى استقرار السياسة النقدية التي لها التأثير الأكبر على ضبط معدلات التضخم في مصر، إلى جانب استقرار سوق الصرف الأجنبي، حيث لايزال معدَّل التضخم السنوي في مصر عِندَ النطاق المستهدف الذي وضعه البنك المركزي المصري لمعدَّل التضخم السنوي عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%)، وقد عَزَّز ذلك توجّهات الحكومة المصرية للسيطرة علي التضخم، والتي شملت إنشاء عدد 4 من المخازن الاستراتيجية، وكذلك مناطق لوجستية في القاهرة، وجاري التوسع في انشاء هذه المناطق لتغطي محافظات الجمهورية بالتعاون مع القطاع الخاص وصندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، بالإضافة إلى حلول سريعة بالتوسّع في طَرح السلع الاستراتيجية التي تُنتِجها الدولة من خلال شركات قطاع الأعمال العام أو القطاع الحكومي ومنتجات أمان وجهاز الخدمة الوطنية في منافذها المنتشرة الثابتة والمتنقلة بأسعار التكلفة أو بهامش ربح ضئيل، بل يمكن توزيع بعض السلع الأساسية على البطاقات التموينية تكلفتها الأساسية لفترة من الوقت، إلى جانب العمل في الوقت ذاته على تعميق المُنتج المحلي مساندة الدولة للشركات وتمكينها من سَد الفجوة بين الاستيراد والتصنيع، والتوسّع في الصناعات التحويلية التي تُسهِم حالياً بنحو 16% من إجمالي الناتج القومي المحلي، فضلا عن تقديم الدعم لحاملي بطاقات التموين والمقيدين في برنامج تكافل وكرامة على أساس أنها إجراءات استثنائية تلجأ إليها الحكومة لتصحيح موجة التضخم العالمية، هذا مع تحرير القطاع الاستثماري من بَعد الالتزامات المقرّرة عليه ليُسهم في تنفيذ هذه المنظومة الاستثنائية، مثل تأجيل سداد بَعد الضرائب والرسوم لحماية الصناعة الوطنية حتى لا تتأثر المشروعات الاستثمارية في هذه الأزمة، وتثبيت أسعار الفائدة في ظل الظروف الراهنة حيث يُدير البنك المركزي المصري السياسة النقدية بحرفية شديدة في ظِل الظروف الصعبة التي يتعرّض لها الاقتصاد العالمي.
واستعرضت وزيرة التخطيط، أبرز المشروعات القومية، التي تم تنفيذها أبرزها مشروعات تنمية محور قناة السويس، تنفيذ مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة بالتوسّع في مشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجدّدة بالشراكة مع القطاع الخاص، وإنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم في منطقة “بنبان” في محافظة أسوان، بالإضافة إلى إقامة المناطق الصناعية، والمدن الجديدة الذكية؛ ومن بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات القومية الكبرى ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
كشفت وزيرة التخطيط، عن حجم الاستثمارات العامة الموجّهة لقطاع البنية التحتية خلال الأعوام السبعة الأخيرة وبلغت 2 تريليون جنيه بما يبلغ نحو 130 مليار دولار، وقد نتج عن الاستثمارات الضخمة في تهيئة البنية التحتية تحسُّن تنافسية مصر عالميًا في العديد من المؤشرات حيث تحسَّن مؤشر جودة البنية الأساسية بـ 48 مركز لتحتل مصر المركز رقم 52 عالميًا عام 2019 مقارنةً بالمركز رقم 100 عام 14/2015، وفي مؤشر جودة الطرق بـ 90 مركز لتحتل مصر المركز رقم 28 عالميًا، وفي مؤشر جودة الكهرباء بـ 44 مركزًا لتحتل المركز رقم 77 عالميًا.
أضافت أن برنامج الإصلاحات الهيكلية يستهدف تحويل مسار الاقتصاد المصري ليُصبح اقتصادًا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتّع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، وذلك من أجل تشجيع النمو الاحتوائي وخَلق فرص عمل لائق ومُنتِج، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية.
قالت الوزيرة التخطيط، إن الدولة تعمل على تعزيز مشاركة القطاع الخاص وتنويع مصادر التمويل لجهود التنمية من خلال إطلاق برنامج الطروحات في مصر لإدراج عدد من الشركات المملوكة للدولة في البورصة؛ بهدف تنشيط أسواق رأس المال من خلال طرح حِصَّص في الشركات المملوكة للحكومة للمواطنين وللمستثمرين المحليين والدوليين وتنويع قاعدة الملكية، حيث تشمل أهداف البرنامج جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى أسواق رأس المال في مصر وبالتالي زيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
أضافت وفي إطار الحديث عن تنمية سوق رأس المال المصرية، فقد اتخذت الدولة العديد من القرارات والإجراءات لتشجيع الاستثمار في سوق الأوراق المالية منها: دعم البورصة بنحو 20 مليار جنيه مع ظهور ازمة كوفيد 19، والسماح بتكويد الشباب من الفئات في الفئات العمرية بين 16 إلى 21 عام، للسماح لهم ببدء الاستثمار في الأوراق المقيدة في البورصة المصرية، بالإضافة الى صدور قرار رئيس البورصة برفع الحدود السعرية للأسهم إلى 20% خلال الجلسة الواحدة من آخر سعر إقفال للسوق الرئيسي (وذلك بدلاً من 10%) مع تطبيق الإيقاف المؤقت عند 10% (بدلاً من 5%)، ونتيجة لذلك ارتفع رأس المال السوقي للبورصة المصرية من 650,9 مليار جنيه مصري في نهاية عام 2020 إلى 730,2 مليار جنيه مصري في 9 ديسمبر 2021 بمعدل نمو بلغ 12% وذلك نتيجة التعافي من تداعيات جائحة كورونا، والطروحات الجديدة في البورصة المصرية وعلى رأسها طرح أسهم شركة إي فاينانس، كما زادت جاذبية أسواق المال المصرية والأوراق المالية المصرية بالنسبة للأجانب، فقد بلغت قيمة صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية في البورصة والأوراق المالية المصرية حوالي 18.7 مليار دولار أمريكي عام 20/2021.
أضافت وزيرة التخطيط إلى جانب زيادة قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ حيث أصبح لدي مصر في عام 2019 ثلث مخزون الاستثمارات الأجنبية المباشرة في شمال افريقيا (وفقًا لتقرير OECD تطلعات سياسات الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مارس 2021)، كما تصدرت مصر دول القارة الافريقية كأكبر متلقي للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2020(وفقًا لتقرير الانكتاد عن الاستثمار العالمي 2021).
من ناحية أخرى قالت وزيرة التخطيط، إن الحكومة تعمل على تنويع مصادر التمويل واتساقا مع توجّه الدولة المصرية نحو الاقتصاد الأخضر خصوصًا مع استضافتها مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغيّر المناخ القادمCOP27 ، جاءت مصر كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُطلِق السندات الخضراء التي تُركز على تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة، وتحقيق خطة التنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجدّدة والحَد من التلوث والسيطرة عليه والتكيّف مع تغيّر المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف.
قالت وزيرة التخطيط إنه في ظل هذه الجهود سواء المتعلقة بمواجهة أزمة كوفيد 19 وتداعياتها وما تشهده من أزمات تضخمية، وكذلك في الجهود لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لا تعمل الحكومة المصرية بمفردها، بل هناك شراكة متواصلة ودائمة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، فهذا النهج التشاركي تتبنّاه وتحرص عليه الحكومة في وضع كل التخطيط والبرامج لتحقيق التنمية التي نَنظُر اليها باعتبارها مسئولية جماعية تستوجب تضافر مختلف الجهود، وتعبئة جميع الموارد المتاحة لدى الحكومات والقطاع الخاص، والمجتمع المدني.
واختتمت وزيرة التخطيط هالة السعيد، حديثها مؤكدة أن القناعة التامة للدولة المصرية بأن عملية التعافي من آثار الجائحة وتداعياتها وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بشكلٍ عام ينبغي أن تتم في إطار من التعاون والتكامل والشراكة مع جهود ومساعي شركاء التنمية وخصوصًا القطاع الخاص والمجتمع المدني والإعلام والخبراء في إطار المسئولية المجتمعية المشتركة، لذلك فالدولة منفتحة ومتطلعة دائمًا لهذه الشراكة وهذا التعاون المُثمِر.