مفاوضات ضريبة الشركات العالمية في إنتظار موافقة أمريكية

الصين تستقطب أكبر تدفقات أجنبية بقية 163 مليار دولار مقابل 134 لأمريكا فى 2020

يعمل المفاوضون على صياغة تفاصيل نظام ضريبي عالمي جديد على الشركات تحت مسمي ضريبة الشركات العالمية بهدف الوصول إلى صفقة تلقى قبول الولايات المتحدة، إذ تتحمل الشركات الأمريكية التأثير الأكبر من إعادة الهيكلة الشاملة.

يرى مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي توصلت لاتفاق بين 140 دولة تقريباً في أكتوبر، اتجاهين رئيسين لزيادة دعم الخطة في واشنطن التي تشهد انقساماً سياسياً، إذ تهدف التعديلات الفنية إلى ضمان عدم خسارة الولايات المتحدة للإيرادات، وكذلك موافقة جماعات الضغط في الشركات باعتبار أنَّ خيار النظام الجديد أقل سوءاً من عدم وجود اتفاقية عالمية.

ترتكز الخطة إلى قاعدة رئيسية مثيرة للجدل تتمثل في الاتفاق على حقوق جديدة للحكومات بأنحاء العالم كافةً تُمكِّنها من فرض ضرائب على مجموعة تضم نحو 100 شركة نصفها تقريباً أمريكية. ويتطلب ذلك أحد أشكال الدعم في “الكونغرس” في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس جو بايدن معارضة من الجمهوريين.

ستتعرض الاتفاقية للانهيار بالكامل في حالة عدم موافقة الولايات المتحدة، مما قد يزيد الضغوط على أوضاع المالية العامة على جانبي المحيط الأطلسي، ويعيد إشعال التدابير أحادية الجانب، والتوترات التجارية التي زادت من صعوبة بيئة عمل الشركات متعددة الجنسيات. إلى جانب القضاء على انتصار نادر للدبلوماسية الدولية متعددة الأطراف في السنوات الأخيرة.

قال باسكال سانت آمانز، كبير مسؤولي الضرائب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يوم الأربعاء الماضي في مؤتمر صحفي عقدته “جمعية الصحفيين الاقتصاديين في فرنسا”: “لسنا أغبياء لهذا الحد.. لذلك وضعنا آلية تناسب الولايات المتحدة، فهذا أمر لا يحتاج لتفكير، وهناك فرصة حقيقية للنجاح”.

جرى الاتفاق في أكتوبر على وضع حد أدنى للضريبة العالمية بنسبة 15%، والسماح بفرض ضرائب على حصة من الأرباح التي تحققها الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، وفقاً للمكان الذي تأتي منه الإيرادات.

إصلاح شامل للضرائب الدولية
قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومقرها باريس، إنَّ القادة يسعون للتوصل إلى إجراء إصلاح شامل للضرائب الدولية على الشركات، يعد الأول من نوعه بحلول عام 2023.

وللالتزام بتنفيذ ذلك الجدول الزمني؛ يتعين على الدول التوصل لاتفاق نهائي بحلول ربيع عام 2022 قبل عقد اتفاقية متعددة الأطراف بنهاية يونيو من العام نفسه.

بدأت المحادثات الفنية مؤخراً، وتُركِّز على أحد النقاط الرئيسية المتمثلة في كيفية تحقيق ما تم الاتفاق عليه في أكتوبر بإعادة تخصيص الأرباح من خلال فرض ضرائب عليها في الأماكن التي تعمل فيها الشركات بالفعل.

تنحسر خسائر واشنطن كلما تم تحصيل الأرباح المعاد تخصيصها من الملاذات الضريبية بدلاً من الدولة الأم للشركة.

وقد صرح مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته، لأنَّ تفاصيل المحادثات ليست علنية، أنَّ جميع الخيارات قيد الدراسة الجادة في الوقت الحالي تقترب من أن تكون محايدة التأثير على الإيرادات بالنسبة إلى واشنطن.

يتوقَّع سانت آمانز التوصل لحل وسط بين إعادة التخصيص بالكامل من الملاذات الضريبية، أو بالكامل من البلدان التي يوجد بها مقر الشركات.

كما أشار آمانز إلى فوز واشنطن بحقوق ضريبية جديدة من نحو 50 – 60 شركة أجنبية متعددة الجنسيات تعمل في الولايات المتحدة. وأضاف: “هناك احتمال أن يكون ذلك مناسباً من الناحية المالية”.

ضغوط الشركات متعددة الجنسيات وضريبة الشركات العالمية
أما الاتجاه الرئيسي الثاني؛ فيتمثل في تلبية توقُّعات وزيرة الخزانة جانيت يلين في وقتٍ سابق من هذا العام بضغط قادة الشركات على “الكونغرس” للموافقة على الصفقة.

إذ يدور النقاش حول إقناع الشركات متعددة الجنسيات بأنَّ بديل الاتفاقية يحمل أثاراً سلبية أكبر بكثير، وأنَّ الأمر لن يقتصر فقط على إعادة فرض ضرائب على الخدمات الرقمية التي تقدِّمها شركات مثل “أمازون”، لكنَّها تمتد لمجموعة من الإجراءات الأحادية التي تسعى لجني إيرادات من الشركات التي حولت أرباحها بشكل متزايد إلى الملاذات الضريبية.

قال جاكوب كيركيغارد، زميل بارز في “صندوق مارشال الألماني” في بروكسل، إنَّ تلك الحجة قوية؛ ليس بسبب تفضيل الشركات للاتفاقية الجديدة؛ ولكن المشهد الدولي كان يميل نحو الفوضى لسنوات.

وأشار كيركغارد إلى أنَّ الشركات “تريد نظاماً تجارياً مفتوحاً يتمتع بدرجة من القدرة على التنبؤ، ففي حين قد لا يرغبون في فرض ضريبة بنسبة 15%؛ لكنَّهم يدركون أنَّ الوضع الراهن ليس واضحاً، والبديل سيكون أسوأ بكثير”.

أعلنت غرفة التجارة الأمريكية أحد أكبر مجموعات الضغط في الولايات المتحدة عن عدم درايتها بالتفاصيل الكافية للتوصل لقرار بشأن دعم أو معارضة إعادة التخصيص للنظام الضريبي الجديد المعروف باسم “بيلار وان”.

رد فعل الشركات
قال كورتيس دوباي، كبير الاقتصاديين في الغرفة: “هناك احتمال أن يكون “بيلار وان، يشكل تطويراً للنظام الفوضوي الحالي، ولكن إذا كانت التفاصيل من النوع الذي يرفع الضرائب بشكل كبير على الشركات الأمريكية، ويستهدفها، ويضر باقتصادنا؛ فسنعارض ذلك بشدة”.

تنطبق صياغة اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على 45 – 50 شركة أمريكية فقط، مما يحد من تأثيرها.

قال سانت أمانز من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: “لقد تم استبعاد نحو 7 -8 آلاف شركة، وهذا له تأثير كبير فيما يتعلق بالضغط في مجلس الشيوخ”.

أشادت تجمعات شركات قطاع التكنولوجيا، ومن بينها “مجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات”، و”رابطة صناعة الكمبيوتر والاتصالات” بالاتفاقية، خاصة أنَّها تلغي الضرائب على الخدمات الرقمية. كما أصدرت “أمازون” بياناً رحبت فيه “بالحل القائم على توافق الآراء للتنسيق الضريبي الدولي”.