صرّح المعماري الاستشاري الدكتور مهندس محمد طلعت، رئيس مجلس إدارة شركة “محمد طلعت معماريون“، بأن العمارة ليست مجرد بناءٍ للحجر، بل هي تأسيسٌ للوعي، وتشكيلٌ للهوية، وتجسيدٌ لذاكرة المكان.
وقال إن المدن الجديدة التي تنمو بسرعة في مصر – من العاصمة الإدارية إلى العلمين الجديدة – تمثل فرصة ذهبية لإعادة إنتاج الشخصية المعمارية المصرية في صورتها المعاصرة.
وأشار طلعت إلى أن هناك خطراً صامتاً يهدد هوية هذه المدن، يتمثل في ما وصفه بـ”الاستنساخ المعماري”، حيث تتكرر الأنماط والأساليب من دون مواءمة للثقافة المصرية أو خصوصية كل منطقة. وأضاف: “لا يكفي أن نُنشئ أبراجاً وميادين حديثة، إن لم تكن متجذّرة في الروح المصرية، وتعكس قيم وتاريخ هذا الشعب”.
وفي هذا السياق، دعا الدكتور محمد طلعت إلى ضرورة تبني “مدونة تصميم وطنية” (كود معماري مصري)، تكون مرجعاً إلزامياً لكل مطوّر ومعماري يعمل على الأراضي المصرية، بحيث تضمن هذه المدونة وجود خطوط إرشادية تحافظ على الملامح البصرية والثقافية للمجتمع، وتمنع التلوث البصري والعشوائية الشكلية.
وذكر طلعت أن هذه المدونة يجب ألا تكون جامدة أو تقليدية، بل مرنة وتواكب التطورات العالمية في التصميم، ولكن من منطلق محلي واعٍ. وأشار إلى أن دولاً كثيرة سبقتنا في هذا المجال، ونجحت في ترسيخ هويتها البصرية في كل بناء، من دون أن تفقد روح الحداثة.
وألمح إلى أن القضية لم تعد فقط جمالية، بل استراتيجية أيضاً، حيث أن الصورة الذهنية لمصر الحديثة تُبنى بصمت من خلال معمارها، وشكل شوارعها، وانسجام مبانيها مع ثقافتها. وأضاف: “حين نُصدّر مشروعاً معمارياً ناجحاً بروح مصرية، فإننا لا نُصدّر مبنى فقط، بل نُقدّم مصر نفسها كقوة ناعمة للعالم”.
وختم المعماري الاستشاري د. محمد طلعت تصريحه قائلاً: “علينا أن نرتقي بالمعماري المصري، وأن نُحرّر تصميماتنا من ضغوط السوق وضجيج التقليد. مصر تستحق مدنًا تحمل نبضها، لا مجرد نسخة من مدن الآخرين.”