صرّح الدكتور محمد راشد، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري، بأن إعادة هندسة وحدات البيع أصبحت ضرورة ملحّة وليست مجرد توجه اختياري في الوقت الحالي، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل أحد أهم الأدوات التي يمكن أن تستخدمها شركات التطوير العقاري لتنشيط الطلب وتحفيز السوق في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، وعلى رأسها معدلات التضخم المرتفعة وارتفاع تكلفة التمويل وضعف القدرة الشرائية للعديد من شرائح المجتمع.
وأوضح راشد أن السوق العقاري يشهد حالة من التباطؤ الواضح نتيجة الفجوة بين أسعار الوحدات المعروضة وبين القدرة الفعلية للمواطنين على الشراء، وهو ما يتطلب من المطورين إعادة التفكير في المنتج العقاري من جذوره، سواء على مستوى المساحات، أو نظم التشطيب، أو حتى نماذج التصميم الداخلي، مؤكدًا أن الاتجاه نحو تصميم وحدات سكنية أصغر حجمًا وأكثر كفاءة ومرونة، هو الحل الأمثل في الوقت الراهن، لتقليل تكلفة التنفيذ من جهة، وفتح السوق أمام شريحة أوسع من المستهلكين من جهة أخرى.
وأشار إلى أن إعادة هندسة الوحدات لا تقتصر على تقليص المساحات، بل تشمل أيضًا تطوير آليات التسعير، وتقديم بدائل متعددة تتناسب مع مستويات دخل مختلفة، بالإضافة إلى تبني أنظمة سداد مرنة ومخططة بشكل ذكي تتيح للعملاء تحمل الأعباء المالية دون ضغط، وهو ما يسهم بدوره في إعادة تحريك عجلة الطلب وتنشيط السوق، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية الفعلية وارتفاع تكاليف الإنشاءات ومدخلات البناء.
وأضاف أن هذه المقاربة الجديدة سيكون لها مردود مباشر وإيجابي على الاقتصاد العقاري ككل، حيث ستسهم في تسريع وتيرة البيع، وتحسين معدلات تسليم المشروعات، وتقليل فترة دوران رأس المال، إلى جانب تقليل حجم الوحدات الراكدة داخل السوق، مما يعزز السيولة داخل شركات التطوير ويرفع من كفاءة التشغيل والاستثمار.
وأكد الدكتور راشد أن الاستفادة من هذا النموذج تتطلب تعاونًا وتكاملًا بين الدولة والقطاع الخاص، حيث دعا الجهات المعنية إلى توفير أراضٍ بمساحات مناسبة لهذا النوع من التطوير، وتسهيل الإجراءات التنظيمية المرتبطة بالتراخيص، مع دعم منظومة التمويل العقاري والمصرفي لتكون أكثر توافقًا مع هذا التحول في شكل المنتج العقاري.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن الحلول الحقيقية لأزمات القطاع العقاري لن تأتي من الخارج، بل من داخل فلسفة التطوير نفسها، مشددًا على أن إعادة هندسة وحدات البيع ليست فقط وسيلة للتأقلم مع الظروف الراهنة، بل رؤية متكاملة لمستقبل أكثر استدامة ومرونة للقطاع، تضمن توازن السوق وتحقيق عائد عادل لكل من المطور والمستهلك على حد سواء.