حذر كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي، بيير–أوليفييه جورينشا، من احتمالية ارتفاع معدلات التضخم العالمية مرة أخرى بسبب التوترات الجيوسياسية أو ارتفاع أسعار الغذاء والشحن.
وتوقع جورينشا، في مقابلة مع “العربية Business”، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام و4 مرات العام المقبل.
وأضاف أنه بالنظر إلى مخاطر التضخم، فهناك أمران. أولاً، يجب الحذر بشأن بعض مكونات التضخم. على سبيل المثال، تضخم أسعار الخدمات ظل مرتفعا نسبيا ويظل كذلك في العديد من البلدان، وهو نحو ضعف ما كان عليه قبل الجائحة.
وأوضح أن انخفاض التضخم ليس بسبب الخدمات. بل يرجع ذلك في الأساس إلى أن تضخم أسعار السلع كان أقل مما كان عليه في بعض الحالات قبل الجائحة. “وبالتالي، من المهم مراقبة ما يحدث في قطاع الخدمات في المستقبل”.
وأكد كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي، على أهمية الحذر من الصدمات الجديدة المحتملة التي قد تعيد تحريك عملية التضخم، وقد يأتي بعض هذه الضغوط من التوترات الجيوسياسية، مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وربما زيادة أسعار الغذاء في بعض البلدان، أو ارتفاع تكاليف الشحن. وقد يكون ذلك نتيجة للسياسات التي تتخذها بعض الدول.
وتابع: “على سبيل المثال، إذا كانت هناك سياسات تحفيزية مفرطة في بعض الاقتصادات، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب، وبالتالي قد يتسبب في ضغوط تضخمية”.
فوز ترامب
بشأن الانتخابات الأمريكية، وتأثير فوز ترامب على التضخم العالمي، قال بيير–أوليفييه جورينشا، إن الصندوق لا يقيم البرامج الانتخابية أو يصدر تصريحات حول الانتخابات في أي بلد، لكن ما نراه كجزء من تقييم المخاطر للاقتصاد العالمي هو محاولة التفكير في السيناريوهات التي قد تكون لها بعض الاحتمالات والتي قد تؤثر على الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن أحد هذه السيناريوهات قد يكون، على سبيل المثال، إذا زادت التوترات الجيوسياسية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط أو تكاليف الشحن، وهذا سيكون سيئًا للاقتصاد العالمي: نشاط أقل، وتضخم أكثر.
وتابع كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي: “جانب آخر من السيناريوهات السلبية هي، ماذا لو كانت هناك زيادة في الرسوم الجمركية أو اتخاذ إجراءات تحد من التجارة بين الدول؟ لقد رأينا بعضًا من ذلك. لقد شهدنا بالتأكيد زيادة في الإجراءات التي تعرقل التجارة في السنوات الأخيرة. الآن، هناك 3000 منها أو أكثر، بينما كان هناك حوالي 1000 في عام 2019 وكانت أقل قبل ذلك”.
وعن تأثير رفع الرسوم الجمركية وخفض الضرائب، بالنسبة للدين العام للولايات المتحدة، قال بيير–أوليفييه غورينشا، إنه لا توجد وسيلة لتقييم ما سيحدث في حالة واحدة مقابل الأخرى. لكن الاقتصاد يعمل الأميركي فوق طاقته بقليل، وهو اقتصاد قوي، وهذا هو السبب في أن الاحتياطي الفيدرالي يحافظ على أسعار الفائدة على الرغم من أنه خفضها بمقدار 50 نقطة أساس، فيما لا تزال مرتفعة.
وأوضح بيير–أوليفييه جورينشا، أن السبب في إبقاء الفائدة مرتفعة هو محاولة تهدئة الاقتصاد، لخفضه إلى مستوى الإنتاج المحتمل، وفي هذا السياق، قد يؤدي المزيد من التحفيز المالي، من أي مصدر كان، إلى التسبب بضغط إضافي على الاقتصاد، وقد يؤدي ذلك إلى تضخم إضافي، مما سيجعل الاحتياطي الفيدرالي مضطرا لفعل المزيد لمحاربة هذا التضخم.
وأشار إلى أن خفض “الفيدرالي” أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس تقييم صحيح، حيث إن التضخم يظهر إشارات على اقترابه من المستهدف، وليس فقط في سبتمبر أو أكتوبر، ولكن أيضًا في المستقبل المنظور، كما أن تضخم أسعار الخدمات من المتوقع أن ينخفض أيضا.
وأوضح أنه يجب على “الفيدرالي” أن يبدأ في النظر بشكل أوسع، ليس فقط على التضخم وتحقيق المستهدف، ولكن يجب أيضا ضمان عدم الحفاظ على سياسة نقدية متشددة للغاية، لأنها قد تبدأ في الإضرار بالنشاط في البلاد، وعندما تكون الدولة بحجم الولايات المتحدة، سيكون لذلك تداعيات على بقية العالم.
وتوقع تخفيضين إضافيين لسعر الفائدة في عام 2024 وأربعة تخفيضات إضافية في عام 2025.
اقتصاد الصين
وفيما خفض الصندوق توقعات النمو للاقتصاد الصيني، قال إنه كان هناك جولتان من الإجراءات التحفيزية، الأولى في نهاية سبتمبر، حيث أعلن البنك المركزي الصيني، عن عدد من الإجراءات النقدية والمالية توافقت مع توقعاتنا وهي تسير في الاتجاه الصحيح. ثم كانت هناك مجموعة أخرى من الإعلانات قبل بضعة أسابيع من وزارة المالية، وهي إجراءات مالية تسير أيضًا في الاتجاه الصحيح. لكن لا تتوفر كل التفاصيل، لذا لم نقيّم تأثير هذه المجموعة الأخيرة من الإجراءات على الاقتصاد الصيني.
وأوضح أن بعض هذه الإجراءات، إذا تم تنفيذها وكانت في الاتجاه الصحيح، قد توفر دعمًا إضافيًا للاقتصاد الصيني.
وقال إن أرقام النمو في الصين للربع الثالث من العام كانت مخيبة للآمال بعض الشيء. لذا توجد منطقة توتر بين اقتصاد صيني يبدو أنه يتباطأ أكثر مما كنا يتوقع وبين أن يكون هناك بعض التدابير التي من شأنها تعويض ذلك.
العربية: