آثار تحذير الخبير الاقتصادي هاني توفيق، حول الفقاعة العقارية في مصر، موجة كبيرة من الجدل في السوق المصرية خلال الفترة الماضية، خاصة أن التحذير جاء قبيل انطلاق أضخم معرض لبيع وتسويق العقارات في مصر (سيتي سكيب).
وقال “توفيق” على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قبل أسبوعين: “فى الفقاعة العقارية.. الأسعار حاليًا تتضمن مكون ضخم للفائدة (32% سنويًا لمدة 10 سنوات).. وعند تحقيق مستهدف الدولة فى 2026 وهو 16% فهذا معناه انخفاض حاد فى تكلفة التمويل ومن ثم انخفاض الأسعار جذريًا فى 2026 مقارنة بمبالغات 2024”.
لم تكن تلك التدوينة هي الأولى التي يحذر فيها “توفيق” من الفقاعة العقارية، ففي يوليو الماضي حذر الخبير الاقتصادي من فقاعة عقارية غير مسبوقة خلال الفترة المقبلة، وقال إن القطاع العقاري حاليًا يُقاد بطريقة “تلبيس الطواقي”.
وطالب الخبير الاقتصادي المواطنين بعدم شراء العقارات إلا من مطوّر “حسن السمعة” ولديه سابقة أعمال “محترمة”.
وقال توفيق: تبدأ الدورة بالمطور الذى يفتح باب الاكتتاب للمرحلة الأولى من المشروع بشيكات آجلة مسحوبة عليه لمالك الارض، ثم يقوم المطور بتوريق أو “توريط” المؤسسات التمويلية التى تقوم بخصم شيكات العملاء المستقبلية يحصل بها المطور على نقدية يستكمل بها سداد أقساط ثمن الأرض، و ليبدأ أيضًا التنفيذ.
وأضاف: أثناء التنفيذ ترتفع تكلفة البناء، فيفتح باب الاكتتاب للمرحلة الثانية ليستكمل تنفيذ المرحلة الأولى، ثم الثالثة ليستكمل الثانية، وهكذا.
وتابع: ينتهى هذا الأمر بعملاء محبطين لعدم الاستلام أو حتى البدء فى تنفيذ وحداتهم، رغم صرف شيكاتهم الآجلة، وبنوك أو شركات تأجير تمويلى أو تخصيم معها شيكات من المشترين، نصفها مشكوك فى تحصيلها، وصاحب الأرض يلجأ للقضاء للحصول على باقى ثمن الأرض من المطور، فيما يطور المطور أعماله بالبحث عن فريسة أخرى فى مكان جديد، أو مرحلة ثالثة، وأخيراً حائزو وحدات يحاولون بيعها كاش وبأي سعر فلا يجدون نظراً لمنافسة البيع بالتقسيط على 5 أو 7 سنوات، فيصيب الإحباط الجميع بلا استثناء.
وحذّر توفيق المطورين العقاريين من هذا الأمر، ونصحهم بربط صرف الشيكات الآجلة عند التعاقد (بل وفى صلب العقد) بالاتمام الجزئى لتنفيذ الوحدة المتعاقد عليها.
وأضاف: “سبق وطلبت من الحكومة بإشتراط وضع الشيكات فى “اسكرو اكاونت” بالبنوك ، و لايتم الصرف منه الا بموجب مستخلصات من المقاولين”، لضمان ربط السداد بالتنفيذ.
ويرى الخبير الاقتصادي مدحت نافع، أن هناك فقاعة عقارية في مصر حاليًا نظرًا لارتفاع أسعار العقارات خلال العقد الماضى (على الأقل) بمعدّلات كبيرة تفوق أى زيادة فى الدخول، لكون هذا الارتفاع لا يبرره بشكل حاسم سوى التراجع الكبير فى قيمة العملة المحلية، بما يعكس تراجعًا فى الطلب الفعال المدعوم بالقوة الشرائية.
وأضاف نافع أن الخوف الذى يتسرّب إلى قلوب المواطنين مردّه هو احتمال انفجار الفقاعة العقارية فى أى وقت، بصورة تشبه ما حدث فى الولايات المتحدة بين عامى 2007 و2008 أو ما يحدث اليوم فى السوق العقارية الصينية. عندئذ يجب أن نفصل بين وجود الفقاعة وبين احتمالات وصور انتهائها.
وطالب الخبير الاقتصادي بالنظر إلى الفقاعة من منظور مختلف، فهى نوع من المخاطر التى قد لا تتمكّن من تجنّبها أبدا فى ظل ارتفاع تكاليف التمويل حول العالم، لكن عليك أن تتعلّم كيف تديرها وتتعايش معها.
وتابع: فى الأجل المتوسط والطويل أتمنى أن تتجه الإيرادات المحققة من الاستثمار العقارى إلى أنشطة إنتاجية أخرى ذات قيمة مضافة، للمساعدة فى تخفيض حجم الفقاعة بشكل تدريجي، عبر تفريغها الهادئ من الهواء عوضًا عن انفجارها المفاجئ والعنيف.
وعلى العكس، قال فتح الله فوزى نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن قطاع العقارات المصري بعيد تمامًا عن أية احتمالات لحدوث فقاعة عقارية، خاصة مع غياب منظومة تمويل عقاري فعالة في البلاد.
وأوضح فوزي أن الطلب على الإسكان في مصر كبير ومستمر، نظرًا لارتفاع معدلات الزواج إلى مليون حالة سنويًا، وهو ما يعني حاجة الدولة لنحو 500 ألف وحدة سكنية سنويًا على أقل تقدير.
ويرى فوزي أن الضرر الوحيد الذى يحدث فى السوق العقارية قد يقتصر على هدوء البيع لخروج طلب المشترى المضارب الذى ليس لديه القدرة على سداد المقدم والأقساط.
يتوافق مع رأي فوزي، رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار مؤسس إعمار العقارية، والذي قال إن مستويات العرض والطلب في القطاع العقاري وعدم وجود إقراض بنكي للمشترين يؤكد عدم حدوث فقاعة عقارية.
وقال أيمن سامي، مدير مكتب جيه إل إل للاستشارات العقارية في مصر، إن الفقاعة العقارية تنتج عن بعض الأمور يجب أن تحدث، ومنها زيادة معدلات البطالة وعدم قدرة المشترين على السداد في ظل وجود جهات تمويلية بين المطور والمستهلك، وهذه الأمور غير موجودة في مصر.
وأضاف سامي: “في مصر يتم الشراء مباشرة من المطور ويتم التقسيط من خلال شركة التطوير أيضا، وفي أسوأ الحالات لو لم يتمكن العميل من سداد قيمة أقساط الوحدة فإن المطور يستردها ويعيد بيعها بسعر أعلى، ولا توجد في مصر حاليًا مسببات الفقاعة العقارية مع التحسن المتوقع للاقتصاد”.
وقبل أيام، قال الملياردير المصري نجيب ساويرس، رئيس شركة أوراسكوم للاستثمار القابضة، في مقابلة مع قناة العربية، إن القطاع العقاري في مصر يواجه خطورة ناتجة عن ارتفاع سعر الفائدة الذي يصل حاليًا (30%).
وأوضح ساويرس أن المطورين العقاريين يضطرون إلى وضع تكلفة رأس المال (30%) على السعر، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر العقارات بشكل مضاعف.
وأضاف ساويرس أنه خلال عملية البناء والتنفيذ يطلب المقاولون زيادات أسعار، وبالتالي ترتفع تكلفة البناء، ما يؤدي إلى خطورة على المطورين العقاريين.
وتابع: «مشكلتنا بمصر في البيع- بندي تسهيلات من 6 إلى 8 سنوات، وناس بتدي 10 سنوات، وده في خطورة مستترة، لأن مفيش ضمان سعر الفائدة وسعر الدولار يروح فين؟! حاليًا في خطورة عالية».