على بعد حوالي 50 كيلو مترا شرق العاصمة المصرية القاهرة، دخلت حافلة مليئة بالمهندسين المصريين إلى منطقة الأعمال المركزية الحيوية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر متجهة إلى مركز تدريب صيني أحدث طراز، حيث يقدم فرع الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC) في مصر محاضرات عملية للمهندسين العاملين بالمشروع.
وفي مركز التدريب الذي يسمى معهد (UWB)، وهو اختصار لعبارة (Up We Build)، والمعروف في المشروع باسم “معهد لوبان”، سوف يصقل المهندسون المصريون خبراتهم في فن بناء ناطحات السحاب ويكتسبون رؤى جديدة من رواد هذه الصناعة، وهم يساعدون في تشكيل أفق مستقبل مصر.
وقد أنشأت شركة CSCEC مصر مركز التدريب أو معهد لوبان بمنطقة الأعمال المركزية التي قامت ببنائها، والمكونة من 20 برجا في قلب الصحراء ومنها البرج الأيقوني الذي يبلغ ارتفاعه 385.8 متر ويعد أطول ناطحة سحاب ليس فقط في مصر ولكن في إفريقيا.
وبعد سبعة أشهر فقط من العمل مع شركة CSCEC مصر، وصف مهندس الميكانيكا المصري حديث التخرج فهمي رضا، البالغ من العمر 25 عاما، عمله الحالي مع الشركة الصينية بأنه “دفعة كبيرة لمسيرته المهنية”.
ورغم أنه لم يعمل في البرج الأيقوني إلا أنه كان حريصا على حضور المحاضرة للتعرف على التقنيات المستخدمة في بنائه.
وقال المهندس المصري لوكالة أنباء ((شينخوا)) “فكرة إلقاء محاضرة عن البرج الأيقوني تعد استفادة كبيرة لي، حيث يمكنني التعرف على كيفية تنفيذ أجزاء أخرى من المشروع لم أعمل بها، ومعرفة الخبرات والتقنيات المستخدمة في بناء البرج الأيقوني”.
من جانبه، قال زميله فادي هاني إنه اكتسب الكثير من الخبرات من العمل في مشروع منطقة الأعمال المركزية، “خاصة أنها المرة الأولى في مصر التي يتم فيها بناء ناطحات سحاب شاهقة ومنها أطول برج في أفريقيا”.
وقال هاني المهندس المصري البالغ من العمر 26 عاما، “هذه المحاضرات التي تعقدها الشركة تعد دورات تدريبية مجانية للجميع، سواء العمال أو المهندسين، حيث يتعرف من خلالها المصريون والصينيون على بعضهم البعض ويتبادلون الثقافات والخبرات”.
وألقى المحاضرة المهندس الصيني لي لوه لوه البالغ من العمر 30 عاما، وهو المهندس الفني لمشروع البرج الأيقوني، والذي يعمل في المشروع منذ ست سنوات عندما كان معظمه عبارة عن صحراء.
وقال المهندس الصيني “عندما أنظر إلى هذه المباني الشاهقة أشعر بالفخر الشديد، ليس فقط لأنني أشارك في مثل هذا المشروع العالمي الضخم، ولكن أيضا لأنه رمز للصداقة والتعاون بين الصين ومصر”.
وقد شارك لي في سبع أو ثماني دورات تدريبية ودرب أكثر من 200 مهندس مصري في معهد لوبان، التابع للشركة، وقال، “كان الكل يتحمس للغاية للتعرف على تكنولوجيا البناء الصينية”.
وتعد الصين شريكا أساسيا في التنمية مع الدول الأفريقية ومنها مصر، وتستضيف بكين حاليا قمة منتدى التعاون الصيني – الأفريقي (فوكاك) لعام 2024، والتي يتم من خلالها مناقشة سبل تعزيز الشراكة والتعاون بين الجانبين.
ولا يعد مشروع منطقة الأعمال المركزية مشروعا رئيسيا في خطة مصر نحو التحديث فحسب، بل إنه أيضا مشروع رائد في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين.
وقال لي بينغ هونغ، رئيس معهد لوبان إن مبدأ مركز التدريب يتوافق مع مفهوم التشاور المكثف والمساهمة المشتركة والمنافع المتبادلة، والذي تدعمه مبادرة الحزام والطريق.
وأضاف، “آمل أن نتمكن من خلال معهد لوبان من تدريب المزيد من المهندسين المصريين المتميزين حتى يتمكنوا ليس فقط من العمل في مشاريعنا ولكن أيضا في مشاريع أخرى مختلفة في المستقبل، وتقديم مساهمات أكبر لبلدهم”.
ويتكون مشروع منطقة الأعمال المركزية من 20 برجا تم بناؤها جميعا في نفس التوقيت، إلى جانب مجمع المرافق المركزية، وتشمل البنايات الشاهقة الـ 20 عشرة أبراج إدارية وخمسة أبراج سكنية وأربعة أبراج فندقية والبرج الأيقوني، بحسب أحمد البنا، مدير مشروع منطقة الأعمال المركزية لدى شركة الاستشارات الدولية “دار الهندسة”، وهي استشاري المشروع.
وأضاف أنه “بحلول نهاية العام الجاري، سنسلم 15 برجا، منها عشرة أبراج إدارية وخمسة أبراج سكنية، وسوف نسلم معهم أيضا مجمع المرافق المركزية”، مشيرا إلى أنه من المقرر تسليم الأبراج الفندقية الأربعة والبرج الأيقوني في العام 2025.
ووصف مدير المشروع المصري منطقة الأعمال المركزية بأنها “درة التاج” للعاصمة الجديدة، مضيفا أن “هذه الأبراج أثرت بشكل إيجابي على سوق صناعة التشييد في مصر واستفاد المصريون الذين عملوا هنا من الخبرات التي اكتسبوها”.
وقال البنا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، “نتوقع أن تكون منطقة الأعمال المركزية منطقة جذب للمستثمرين الأجانب وأن نرى شركات عالمية هنا في أبراجها بمعدل توظيف مرتفع”.