في عالم تقسمه أحيانا الحدود والاختلافات، تتمتع الرياضة بقوة فريدة في جمع الشعوب معا. وتتجلى هذه الظاهرة بوضوح في دورة الألعاب الأولمبية الحالية في باريس، حيث لا يتنافس الرياضيون بشراسة فحسب، بل ويظهرون أيضا الاحترام المتبادل العميق.
اختتمت يوم الثلاثاء منافسات الزوجي المختلط لتنس الطاولة، حيث حصد الثنائي الصيني، وانغ تشو تشين وسون يينغ شا، الميدالية الذهبية بعد فوزهما على ثنائي كوريا الديمقراطية، ري جونغ سيك وكيم كوم يونغ، فيما حصد الميدالية البرونزية الثنائي الكوري الجنوبي، ليم جونغ هون وشين يو بين.
وبعد مراسم توزيع الجوائز، اقترح الثنائي الصيني التقاط صورة سيلفي جماعية. ورفع ليم هاتفه لالتقاط اللحظة التي تجاوزت المنافسة. وكان ذلك تصويرا مثاليا لقدرة الرياضة على توحيد الشعوب، حيث أظهرت ابتسامات الرياضيين الشعور بأن الانتصارات والألقاب، رغم أهميتها، ليست هي المكاسب الوحيدة.
وقد تكرر بث صورة السيلفي من قبل محطات البث الكورية الجنوبية، حيث تدبر العديد من المعلقين أهمية هذه اللحظة غير العادية من الوئام.
وفي حمام السباحة، تشاطرت السباحة الصينية تشانغ يوي في، واليابانية ريكاكو إيكي، لحظة مؤثرة في دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو. أحرزت إيكي، التي عاودت الظهور بقوة بعد تشخيص إصابتها بسرطان الدم في عام 2019، الميدالية البرونزية في سباق 50 مترا فراشة للسيدات في دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو.
تبادلت السباحتان في ذلك الوقت عناقا يعكس روحهما الإنسانية. وقالت تشانغ متذكرة تلك اللحظة “قلت لـ ريكاكو، ‘لا تبكي، لا تبكي’. عندما أعلنوا فوزها على المنصة، شعرت بالفعل بالرغبة في البكاء. إلا أنني قلت لنفسي إن هذا بث مباشر، لا يمكنني البكاء. ثم رأيتها تعانق مدربها وهي تبكي، وحينها لم أعد أستطيع حبس دموعي”.
عند لقائهما مرة أخرى في أولمبياد باريس، تبادلت تشانغ وإيكي الشارات، ما عزز صداقتهما بشكل أكبر.
وعكس ملعب التنس أيضا روح الاحترام هذه، وخاصة في المنافسة التاريخية بين نوفاك ديوكوفيتش ورافائيل نادال. ففي مواجهتهما الستين، التي كانت متوقعة للغاية على ملعب رولان جاروس، تغلب ديوكوفيتش على نادال في مجموعتين متتاليتين يوم الاثنين.
وتحدث ديوكوفيتش عن مواجهاتهما الملحمية والاحترام المتبادل بينهما، وقال “أتمنى له كل التوفيق. أعتقد أنه من الواضح أنه أحد أهم الشخصيات في رياضتنا وفي الرياضة بشكل عام. كلما لعب أكثر، أخالُ ذلك بمثابة مكسب للعبة التنس”.
ومع استمرار فعاليات دورة الألعاب الأوليمبية في باريس، من المؤكد أن المزيد من القصص الملهمة كهذه سوف تظهر، والتي توضح كيف تعمل الرياضة على تعزيز الاحترام المتبادل وتوحيدنا جميعا.