أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، التطلع إلى تعزيز الشراكة الشاملة والمستدامة بما يتجاوز العلاقات الثنائية مع الجانب الصيني، ليشمل ذلك التعاون في إطار تجمع “البريكس”، فضلا عن التعاون الثلاثي لاسيما مع الدول الإفريقية، وهو ما يتسق مع رؤية قادة البلدين حول أن الطريقة الوحيدة لتحقيق التنمية المستدامة تتمثل في التعاون الدولي والعمل الجمي وصياغة عقد عالمي جديد قائم على “الإنصاف والعدالة والشفافية”.
الجلسة الافتتاحية
جاء ذلك في الكلمة المسجلة التي ألقاها الدكتور مدبولي، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الثانية من “منتدى العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة” المُنعقد في العاصمة الصينية بكين خلال الفترة من (11-13) يوليو الجاري.
التنمية المستدامة
وأعرب رئيس الوزراء عن سروره لمشاركته في الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من منتدى العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة، والذي أصبح منصة هامة لتبادل وجهات النظر واستكشاف الفرص لدفع أجندة التنمية المستدامة.
دول الجنوب والاقتصادات الناشئة
وأكد مدبولي، تقديره للنتائج البناءة التي انتهت إليها اجتماعات الدورة الأولى من المنتدى الذي عقد في يوليو من العام الماضي، حيث تم التأكيد على أهمية تضافر الجهود لتحقيق التنمية المستدامة العادلة والشاملة، وهو ما سينعكس بدوره على تعزيز مستويات رفاهية ورخاء الشعوب، فضلا عن التأكيد على أهمية التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب والاقتصادات الناشئة، انطلاقاً من أن الدول التي تتشابه ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، تكون أكثر قدرة على تعزيز التعاون فيما بينها من خلال مشاركة أنجح في السياسات والممارسات التي أثبتت فاعليتها في مواجهة التحديات التي تواجهها تلك الدول وعلى رأسها التغير المناخي.
التغيرات المناخية
وأضاف رئيس الوزراء، أنه في ضوء تزايد الاهتمام العالمي بتسريع عملية التحول نحو مسارات تنموية منخفضة الانبعاثات تتميز بالقدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية، لا يوجد ثمة خلاف حول أهمية حشد مختلف الجهود لمجابهة آثار تغير المناخ، فهناك فرصة سانحة للمضي قدمًا نحو وضع أجندة عمل تراعي مسارات التنمية في الاقتصادات النامية والناشئة وتضمن الوصول العادل إلى الموارد المالية والحلول التكنولوجية، لاسيما وأن الفجوة التمويلية للاستثمارات المناخية المطلوبة عالميا تقدر بنحو 4.5 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030، مما يؤكد أهمية تضافر وتكامل الجهود لكافة الأطراف المعنية للدفع قدماً بأجندة التنمية والمناخ، حيث تبرز أهمية الشراكات الشاملة بين كافة الأطراف ذات الصلة لخلق أساس من التفاهم والوحدة والتصميم حيال دعم الأولويات التنموية الوطنية للاقتصادات الناشئة.
برنامج “نُوَفِّــي”
وأشار مدبولي، إلى المنصة الوطنية لبرنامج “نُوَفِّــي” التي تم إطلاقها كمبادرة رئاسية مصرية خلال مؤتمر COP27، والتي تعد بمثابة تطبيق عملي لمبادئ التمويل العادل وتمثل نموذجاً فعالاً لتعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية والتمويلات الميسرة للتعامل مع قضايا التكيف والصمود والتخفيف أمام التغيرات المناخية وتنفيذ التعهدات، خصوصاً على صعيد القارة الإفريقية ، كما تُمثل المنصة انعكاساً لحرص مصر على تعزيز العلاقة الوطيدة بين التنمية والعمل المناخي، وهو ما ظهر جلياً في صياغة الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتغيرات المناخية لعام 2050 ، التي تضمنت 5 أهداف رئيسية وأبرزت التناغم بين الأهداف المناخية وأهداف التنمية المستدامة وأجندة 2030.
الاقتصادات النامية
وقال رئيس الوزراء، إن الأزمات والتغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم تشكل تحدياً غير مسبوق أمام مسارنا التنموي، مما يزيد من تكلفة تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتساع فجوة التمويل في الاقتصادات النامية والناشئة، وهو ما يدعو بشكل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى إلى إرساء دعائم تعاون أكثر تكاملاً وشمولاً بين جميع الأطراف ذات الصلة، بهدف حشد التمويلات التنموية الميسرة.
تطوير اللقاحات
وأضاف مدبولي، إن مبادرة التنمية العالمية التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج، خلال اجتماعات الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تأتي كاستجابة عملية للعمل نحو معالجة هذه التحديات وحشد الجهود وضخ مزيد من الزخم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما وأن المبادرة معنية بتعزيز التعاون في ثمانية مجالات رئيسية وهي (التخفيف من حدة الفقر، والأمن الغذائي، ومكافحة الأوبئة والتعاون بشأن تطوير اللقاحات، وتمويل التنمية، وتغير المناخ والتنمية الخضراء، والتصنيع، والاقتصاد الرقمي، والتواصل في العصر الرقمي)، وهي مجالات تتوافق بشكل عام مع أبرز الأولويات التنموية للاقتصادات الناشئة لاسيما رؤية مصر 2030.
مصر والصين
وأكد رئيس الوزراء، أن مصر والصين تتمتعان بعلاقات تاريخية وطيدة، فالبلدين من أهم وأقدم الحضارات في العالم، وهو ما مثَّل قاعدة قوية لاستمرار تميز العلاقات بين البلدين خلال العقود الماضية، حيث انعكس حرص البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية وفقاً لمبدأ المكاسب المشتركة في توقيع رئيسي البلدين لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014 والتي دشنت مرحلة جديدة من مراحل التعاون الشامل والشراكة بين مصر والصين.
وأشار مدبولي، إلى أنه خلال العقد الماضي، شهدت العلاقات المصرية-الصينية تطورات ملحوظة لاسيما على الصعيد الاقتصادي، حيث أصبحت العلاقات الثنائية بين البلدين نموذجاً للتعاون والتكامل الاقتصادي الفعّال بين دول الجنوب.
الأقمار الصناعية
وأوضح رئيس الوزراء، أن مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، والقمر الصناعي مصر سات 2 لتطبيقات الاستشعار عن بعد يعد من أهم المشروعات التي تم تنفيذها من موارد المنح الصينية المقدمة إلى مصر، حيث يمثل هذان المشروعان نموذجاً فريداً لتبادل المعرفة والتعاون الفعال بين البلدين، فضلا عن أنهما يؤكدان حرص الجانب الصيني على دعم أولويات مصر في تعزيز البحث العلمي بشكل عام ودعم برنامج الفضاء المصري بشكل خاص.
موارد المنح الصينية
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن الجانبين يعملان على استكشاف مزيد من الفرص للتعاون الثلاثي خاصة مع الدول الأفريقية، لاسيما في ضوء استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الأفريقية، وكذا إبداء الجانب الصيني لاهتمامه بتنفيذ مشروع إنشاء أول مركز بحثي وتدريبي في أفريقيا لمكافحة التصحر من موارد المنح الصينية في مصر، وهو ما سيسهم في تبادل الخبرات بين الجانب الصيني والمصري والأفريقي حول أنجح سبل وتقنيات مكافحة التصحر.
شركاء التنمية
وقال مدبولي، إن عام 2024 يأتي للاحتفال بمرور عقد على توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، فقد شهد يناير من العام ذاته انضمام مصر بشكل رسمي إلى تجمع البريكس، فضلا عن قيام بنك التنمية الجديد، الذراع التمويلي للتجمع، باختيار مصر لتكون أول دولة من خارج دول التجمع المؤسسة، لاستضافة مؤتمر رفيع المستوى في يونيو الماضي تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ، وبمشاركة ديلما روسيف رئيسة البنك، وعدد كبير من ممثلي شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، حيث هدف المؤتمر إلى فتح آفاق جديدة للتعاون مع دول البريكس وعرض التجربة التنموية المصرية.
شراكات بناءة
وأعرب رئيس مجلس الوزراء، في ختام كلمته عن تطلعه إلى أن يسفر المنتدى عن الاتفاق على توصيات تمهد الطريق لإقامة شراكات بناءة في مختلف المجالات بين الجانب الصيني وكافة الدول والمؤسسات المشاركة في المنتدى، بما يدعم ويدفع من معدلات النمو المستدام والاستثمار بين الاقتصادات الناشئة.