قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، ردًا على تساؤل حول وجود نية لدى الحكومة لرفع أسعار الكهرباء والمحروقات قبل نهاية العام الجاري، إنه لا سبيل أمام الدولة -في طريقها لإصلاح المنظومة الاقتصادية والمالية- سوى التحرُك التدريجي في أسعار بعض الخدمات، وسيتم وضع خطة في هذا الشأن.
وأشار إلى أن الأهم في الوقت الراهن هو حل مشكلة الكهرباء القائمة، وكذا بعض الخدمات الأخرى التي يشكو منها المواطنون.
وقال مدبولي: سبق أن أعلنت في مؤتمر صحفي أننا سوف نتحرك على مدار عام ونصف العام بهدوء وتدرُّج مدروس وفي توقيتات محددة لتحريك تلك الأسعار؛ بغية سد الفجوة الكبيرة الموجودة الآن، موضحًا مثالًا في هذا الشأن بأن تكلفة لتر السولار التي تتحملها الدولة اليوم تُمثِّل 20 جنيهًا، في حين يتم بيعه بـ 10 جنيهات فقط. لذا، لا بُد من التحرك بهدوء حتى تتمكن الدولة من تحقيق التوازن وتقديم قدر الدعم الذي بإمكانها تحمُّله، وهذا ما تنويه الدولة في غضون المرحلة القادمة، ولكن الأهم حل المشكلات التي تؤرق المواطن حاليًا، وفي مُقدمتها مشكلة الكهرباء.
وتابع: قد أوضحت ذلك بمنتهى الشفافية، فالدولة لن تتحمل مئات المليارات من الدعم التي تحملتها على مدار عام ونصف عام لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، وعلى أمل انتهاء الأزمات التي زادت تعقيدًا، مشيرًا إلى أن الموازنة العامة تكبدت أعباءً عديدة للغاية، لذا فاليوم نحتاج، تدريجيًا وعلى مدى زمني ليس بالقصير، أن نحاول تعويض جزء من الدعم الكبير الموجود حاليًا، حتى يصبح بقيمة معقولة بالنسبة للدولة.
وحول تساؤل عن وجود خطة لدى الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية المُطردة التي تُمثل احد التحديات أمام عملية التنمية في مصر؛ أوضح رئيس الوزراء أنه لا يُعارض ما يُقال بأن الزيادات السكانية تُعد نقطة قوة وليست ضعفًا، قائلًا: هذا أمرٌ حقيقي، ولكن أحيانًا تحتاج الدولة إلى فترة لمعالجة المشكلات المُزمنة التي تواجهُها، وتغدو قادرة على تلبية متطلبات الأجيال المستقبلية.
وأضاف: هذا ما فعله عددٌ من الدول التي لديها عدد سكان كبير؛ كالصين وغيرها؛ حيث اتخذت تلك الدول، في مرحلة مُعينة، جملة من الإجراءات لمواجهة الزيادة السكانية حتى يتسنى لها تخطي الأزمات والتحديات الاقتصادية.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: لدينا في مصر تحد كبير للغاية وهو الموارد الطبيعية لدى الدولة، وعلى رأسها “المياه”؛ مشيرًا إلى أن حصة مصر من المياه تشهد ثباتًا منذ عشرات السنين.
وأوضح في هذا الصدد أنه منذ ثورة يوليو عام 1952، كان عدد سكان مصر أقل من 20 مليون نسمة، ويُخصَص له حصة المياه ذاتها الموجودة اليوم، وبالتالي فنصيب الفرد من الأراضي الزراعية كان أكبر بكثير في ذلك الوقت، ومن ثمّ ضمان تحقيق الأمن الغذائي.
وتابع رئيس مجلس الوزراء: نفس كمية المياه الآن أضحت مُوزَعة على ما بين 110 إلى 115 مليون نسمة، وهو ما مثَّل تحديًا أمام الدولة وجعلها تطلق عددًا هائلًا من المشروعات لتحقيق الأمن المائي؛ مثل إعادة تدوير المياه.
وقال في الإطار ذاته: دعونا نُفكِّر إذا أصبح عدد السكان في مصر ما بين 150 إلى 200 مليون نسمة، فما الحل؟… فالحل هو تنظيم الزيادة السكانية خلال فترة زمنية معينة بما يُمكِّن الدولة من سد الفجوات الموجودة اليوم، ومن ذلك نقص عدد الفصول، وعجز المنشآت الصحية، وغيرهما. وبذلك يمكن للدولة سد كل تلك الفجوات، وبعدها يكون لدينا القدرة لعودة الزيادة السكانية الطبيعية.
وذكر الدكتور مصطفى مدبولي مثالًا في هذا الشأن، بقضية التعليم، لافتًا إلى أنه في ظل مواجهة الزيادة السكانية، وتحسين جودة الخدمة التعليمية، سيتمكن كل مولود من الحصول على أفضل خدمة ويصبح بالتالي قيمة مضافة حقيقة لدولته وليس عبئًا؛ لذا تحتاج مصر إلى حل تلك الإشكاليات وسد الفجوات لكي تصبح الزيادة السكانية، في ظل توافُر الإمكانيات والبنية الأساسية وجودة الخدمات، قوة فعلية وقيمة مضافة.