في خطوة كبيرة تهدف إلى تعزيز الاتصال والتعاون، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف يوم الأربعاء مراسم افتتاح أحد مشاريع النقل والعديد من المرافق المتعلقة بالتبادل الثقافي.
وتسلط هذه المشاريع، التي تهدف إلى تعزيز الترابط الثنائي والإقليمي، الضوء على التزام البلدين بتعزيز العلاقات، وتستحضر تاريخ المنطقة اللامع كمفترق طرق للتجارة والثقافة.
طريق جديد للنقل البري لتحسين الاتصال
وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، تُشحن 90 في المائة من السلع التجارية في العالم عن طريق المحيط، غير أن البلدان الحبيسة تفتقد لفرصة هذا الشكل الأرخص من أشكال التجارة.
وقد تغلبت كازاخستان، بوصفها أكبر بلد حبيس في العالم، على هذا القيد الجغرافي من خلال التطوير الشامل لشبكة النقل لديها. ويتمثل أحد الجوانب الحاسمة في تحولها إلى بلد “موصول برا” في تعاون الحزام والطريق مع الصين.
وقد ترأس رئيسا الدولتين يوم الأربعاء مراسم افتتاح طريق بري إلى ميناء يطل على بحر قزوين عبر وصلة فيديو، في خطوة تعزز جهود كازاخستان الرامية إلى تحسين اتصالها.
وبحر قزوين، الذي يسمى بـ”البحر”، هو أكبر مسطح مائي داخلي في العالم وتحيطه كازاخستان وروسيا وتركمانستان وإيران وأذربيجان. وخلال السنوات القليلة الماضية، قامت كازاخستان بتحديث موانئها، التي تعتبر من أهم مكونات طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين.
ويبدأ طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين من ميناء ليانيونقانغ الصيني ويمر عبر كازاخستان وبحر قزوين وأذربيجان وجورجيا إلى دول أوروبية. وقد أشار غيدار عبد كريموف، الأمين العام للرابطة الدولية لطريق النقل الدولي عبر بحر قزوين، إلى أن الطريق أصبح شريانا حيويا لنقل البضائع من جنوب شرق آسيا والصين إلى أوروبا.
وقبل بدء الشاحنات الصينية في استخدام طريق النقل البري للوصول إلى بحر قزوين يوم الأربعاء، كانت قطارات الشحن بين الصين وأوروبا، والتي تبدأ من الصين وتعبر بحر قزوين، تقوم بعملياتها في نقل البضائع بسلاسة منذ عامين.
والآن، أصبحت هناك شبكة شاملة متعددة الأبعاد تجمع بين النقل البري والسكك الحديدية والنقل الجوي وخطوط الأنابيب.
ومشيرا إلى الرئيس شي الذي اقترح لأول مرة في كازاخستان في سبتمبر عام 2013 الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وهو مكون أساسي من مبادرة الحزام والطريق، قال عبد كريموف “هذا الأمر ألهمنا بقوة ونحن جزء مهم من مبادرة الحزام والطريق”.
وأضاف إنه بعد أكثر من عقد من التطوير، أثبتت مبادرة الحزام والطريق جدواها وأثرت بشكل كبير على تطوير طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين.
زيادة مرافق التبادل الثقافي لتحسين العلاقات
وبالتوازي مع تطوير البنية التحتية، عززت الصين وكازاخستان يوم الأربعاء “الاتصال الناعم” عبر مشاريع ثقافية وتعليمية جديدة.
وإلى جانب حضور حفل افتتاح المركز الثقافي الصيني في أستانا والمركز الثقافي الكازاخي في بكين، أزاح رئيسا الدولتين الستار هنا أيضا عن فرع لجامعة بكين للغة والثقافة في كازاخستان.
وفي سياق إشارته إلى دراسة توكاييف اللغة الصينية في جامعة بكين للغة والثقافة في 1983 و1984، وصف رئيس الجامعة دوان بنغ الزعيم الكازاخي بأنه “سفير بدرجة علامة تجارية لتعليم اللغة والثقافة الصينية في جامعة بكين للغة والثقافة”.
وفي أكتوبر الماضي، عندما زار توكاييف جامعته الصينية، أعرب مرة أخرى عن “حبه الصادق للشعب الصيني”، كما قال دوان، مضيفا أنه خلال تلك الزيارة، أيد توكاييف مقترحا بإنشاء فرع للجامعة في كازاخستان.
ووفقا لدوان، فإن فرع كازاخستان سيستقبل أول دفعة مكونة من 100 طالب في سبتمبر المقبل، ويخطط الفرع الجديد لاستيعاب 800 طالب على مدى السنوات الخمس المقبلة، لخدمة منطقة آسيا الوسطى ككل.
وكان الاهتمام بالفرع الجديد كبيرا حيث تدفقت العديد من الاستفسارات. وبالنسبة لهؤلاء الطلاب الجدد، الذين سيكونون “خريجين جدد” لتوكاييف، حمل دوان هذه الرسالة: “نتطلع إلى دراسة موفقة لكم هنا، وتكوين صداقات جيدة، وتعلم اللغة والثقافة الصينية جيدا، ونأمل أن تصبحوا جسورا للتبادل والتعلم المتبادل بين الحضارات”.
وبالنظر إلى الحدود المشتركة الواسعة والشراكة المعمقة بين الصين وكازاخستان، لا سيما في مجال النقل والخدمات اللوجستية، هناك طلب متزايد بسرعة في كازاخستان على المهنيين الذين يتقنون اللغة الصينية، وفقا لما ذكر إرساليف سيريك أزتايفيتش، رئيس جامعة أستانا الدولية، حيث يوجد فرع كازاخستان لجامعة بكين للغة والثقافة.
وقال إن الفرع الجديد سيركز على تدريب مترجمين فوريين رفيعي المستوى بين اللغتين الكازاخية والصينية، مع خطط لتوسيع نطاقه لتدريب مترجمين متعددي اللغات لمنطقة آسيا الوسطى بالكامل، مضيفا أن طلب كازاخستان على المهنيين من ذوي المهارات العالية الذين يجيدون اللغة الصينية ينمو بسرعة.
وفي معرض تأكيده على أن الشباب هم من يورثون الصداقة الصينية-الكازاخية من جيل إلى جيل، دعا الرئيس شي في اجتماعه مع توكاييف يوم الأربعاء البلدين إلى إفساح المجال كاملا لدور المراكز الثقافية والفرع الكازاخي لجامعة بكين للغة والثقافة.
وحث هذه المؤسسات على تعزيز التبادلات الثقافية وتوسيع التفاهم المتبادل بين الشعبين، وخاصة جيل الشباب، وتوطيد الدعم الشعبي للتعاون الشامل بين البلدين.
التزام الصين بالاتصال الإقليمي
وكان الرئيس شي قد وصل إلى كازاخستان يوم الثلاثاء للقيام بزيارة دولة وحضور الاجتماع الـ24 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون.
وقالت جولنار شايمرجينوفا، مدير مركز الدراسات الصينية في كازاخستان، إن “زيارة الرئيس شي إلى أستانا لحضور قمة منظمة شانغهاي للتعاون تحمل أهمية وتأثير كبيرين، لأنها تؤكد التزام الصين بالتعاون الإقليمي”.
وقالت إن “الزيارة تعزز العلاقات الدبلوماسية، وتوسع التعاون الاقتصادي، وتقوي من وحدة وفعالية منظمة شانغهاي للتعاون”.
وأكدت شايمرجينوفا أن “حضور الرئيس شي القمة يسلط الضوء على رؤية الصين لمنطقة أكثر ترابطا وازدهارا”.
ويمتد التزام الصين بتعزيز الاتصال إلى ما هو أبعد من علاقاتها الثنائية مع كازاخستان. وبموجب مبادرة الحزام والطريق، تقود الصين العديد من مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء آسيا الوسطى من أجل تحقيق التعاون المربح والرخاء المشترك لدول وشعوب المنطقة.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الاتفاق على بناء خط السكة الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، الذي تم التوصل إليه في أوائل يونيو. فبمجرد اكتماله، سيختصر هذا الخط بشكل كبير الوقت اللازم لنقل منتجات آسيا الوسطى إلى الأسواق العالمية الرئيسة. كما أنه سيسهل اندماج آسيا الوسطى في سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، وبالتالي تعزيز التنمية الإقليمية.