وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى كازاخستان أمس (الثلاثاء) في زيارة دولة ولحضور الاجتماع الـ24 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون.
وهذه هي زيارة شي الخامسة إلى كازاخستان وأيضا الثانية في أقل من عامين، بعد زيارة الدولة التي أجراها في سبتمبر 2022. ومن المتوقع أن تعيد هذه الزيارة التركيز على الجوانب متعددة الأوجه للعلاقات الثنائية والتعاون.
وقال شي لدى وصوله إلى هنا إن الشراكة بين الصين وكازاخستان “فريدة”، وإن الصداقة الدائمة بين البلدين اكتسبت المزيد من القوة بمرور الوقت، وقدمت نموذجا للتضامن والمنفعة المتبادلة والنجاح المتبادل بين الدول المجاورة.
وفي سلسلة من اجتماعات مقررة مع الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، من المتوقع أن ينخرط شي في مناقشات مفصلة تهدف إلى زيادة تعزيز التعاون بين البلدين. ومن المتوقع أن تغطي النقاط المحورية في هذه المحادثات مجالات التجارة والاستثمار، وتطوير البنية التحتية، والتبادلات الثقافية والشعبية.
وقالت جولنار شيميرجينوفا، مديرة مركز الدراسات الصينية في كازاخستان، إن “زعيمي بلدينا أطلقا ’30 عاما ذهبية’ جديدة من التعاون بين كازاخستان والصين”، مشيرة إلى الإعلان المشترك لرئيسي الدولتين خلال زيارة شي في 2022.
وأضافت أنه مع نمو العلاقات بين كازاخستان والصين على مستوى عال، من المعتقد أن تفتح زيارة شي إلى كازاخستان آفاقا جديدة للتعاون الثنائي.
وخلال زيارة توكاييف إلى الصين في 2019، قرر البلدان الارتقاء بعلاقاتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة دائمة. وفي مؤتمر صحفي يومي في بكين يوم الاثنين، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إنه من المتوقع أن تؤدي زيارة شي هذه المرة إلى زيادة تعزيز العلاقات الثنائية.
وقد رافق تعميق الثقة المتبادلة والعلاقات السياسية بين الصين وكازاخستان نمو ملحوظ في التعاون التجاري والاقتصادي بينهما على مدى العقود الثلاثة الماضية.
كانت الصين أكبر شريكة تجارية لكازاخستان في 2023، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بنسبة 32 بالمئة على أساس سنوي ليصل إلى 41 مليار دولار أمريكي. وتشمل الصادرات الرئيسية من كازاخستان إلى الصين النفط الخام والمعادن والمنتجات الزراعية، وفي المقابل قامت الصين بتزويد كازاخستان بالآلات والإلكترونيات والسلع الاستهلاكية، وفقا لبيانات الحكومة الكازاخستانية.
كما أصبحت الدولة الواقعة في آسيا الوسطى شريكة مهمة في مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، والتي تهدف إلى تعزيز الارتباطية وتعزيز الرخاء العالمي من خلال تطوير البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار. وفي كازاخستان، 2013، اقترح شي لأول مرة مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.
وقال شي في مقال موقع في صحيفة ((كازاخستانسكايا برافدا)) ووكالة ((كازينفورم)) الدولية للأنباء اليوم “هذا يمثل فصلا رائعا في تعاون الحزام والطريق بين بلدينا. وقد دخلت تنمية العلاقات بين الصين وكازاخستان منذ ذلك الحين مرحلة جديدة”.
ومنذ ذلك الحين، قطعت الدولتان خطوات كبيرة في تعزيز الارتباطية والتكامل الاقتصادي من خلال مشروعات مبادرة الحزام والطريق المختلفة.
ومن بين المشروعات التي تم الانتهاء منها وتشغيلها حديثا مزرعة رياح جاناتاس ومحطة تورغوسون للطاقة الكهرومائية وتحديث مصفاة شيمكنت للنفط. وتعكس هذه التطورات التعاون القوي في مجال الطاقة الذي يغذي التنمية في البلدين. كما تعمل خطوط أنابيب النفط الخام والغاز الطبيعي بين الصين وكازاخستان باستقرار وسلامة على نحو رائع، ما يضمن إمدادات طاقة ثابتة وحيوية لكلا الاقتصادين.
وامتدت هذه الشراكة الديناميكية أيضا إلى البنية التحتية للنقل، حيث تعمل مراكز النقل والخدمات اللوجستية الرئيسية، مثل المحطة في شيآن والطريق السريع بين أوروبا الغربية وغرب الصين والسكك الحديد السريعة بين الصين وأوروبا، بسلاسة.
وقد أفاد دعم مبادرة الحزام والطريق للبنية التحتية للنقل عبر الحدود، الارتباطية الكازاخستانية، وفقا لتقرير للبنك الدولي بعنوان “جنوب القوقاز وآسيا الوسطى: دراسة حالة دولة كازاخستان في إطار مبادرة الحزام والطريق”.
لأكثر من عقد من الزمان، استثمرت كازاخستان بشكل كبير لتحسين شبكة النقل الخاصة بها، ولكن بسبب التحسينات المحدودة في تيسير التجارة ومحدودية الموارد في العديد من البلدان المجاورة، كان من الصعب سد هذه الفجوات.
إن تركيز مبادرة الحزام والطريق على توسيع البنية التحتية للنقل والتكامل الاقتصادي وجهود الصين لربط مناطقها الغربية والوسطى بشكل أكثر فعالية بأوروبا وغرب آسيا يوفران فرصة لمعالجة هذه الفجوات، وفقا لتقرير البنك الدولي.
وخلص التقرير إلى أنه “من المرجح أن تكون كازاخستان من بين أكبر المستفيدين من مبادرة الحزام والطريق”.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع التوصل إلى توافق حول تعميق التبادلات الثقافية والشعبية خلال زيارة شي. لقد أدركت الدولتان منذ فترة طويلة أهمية تعزيز المزيد من التفاهم والصداقة بين شعبيهما، حيث تنظران إلى التبادلات الثقافية باعتبارها ركيزة أساسية في علاقاتهما الثنائية.
وحتى الآن، تم التوقيع على اتفاقية بين الصين وكازاخستان بشأن الإنشاء المتبادل للمراكز الثقافية. وقد شارك صانعو الأفلام الصينيون والكازاخستانيون في إنتاج فيلم بعنوان “الملحن”، وهو أول إنتاج مشترك لهما. وتم تنفيذ برامج ثنائية للتعاون الثقافي، وتشمل حرما جامعيا صينيا في كازاخستان، وورشة لوبان، ومركزا للطب الصيني التقليدي.
وبفضل ترتيبات الإعفاء المتبادل من التأشيرة، تم تسجيل ما مجموعه 600 ألف رحلة عبر الحدود في عام 2023. وفي الربع الأول من هذا العام، بلغ عدد الزيارات في كلا الاتجاهين 200 ألف، ومن المتوقع أن يبلغ مستوى قياسيا جديدا، بحسب بيانات رسمية من كلا الجانبين.
وفي مقابلة مكتوبة حصرية مع وكالة أنباء ((شينخوا)) قبل وصول شي إلى هنا، أكد توكاييف أهمية الاتصالات الثقافية والشعبية بين البلدين، حيث أقيمت مراسم افتتاح “عام السياحة الكازاخستاني” في الصين في مارس في بكين.
وقال إن “التعاون الثقافي والشعبي يلعب دورا هاما في تعزيز العلاقات الثنائية وتدعيم الصداقة بين شعبي بلدينا”.