قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني اليوم الجمعة إن الصفقة التي وقعتها مصر مع الإمارات لتطوير مشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي من شأنها أن تخفف من ضغوط السيولة الخارجية لمصر وتسهل تعديل سعر صرف عملتها المحلية.
وذكرت الوكالة في تقرير أن ذلك سيساعد مصر على إحراز تقدم في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق “سيفتح الباب أمام تمويل أجنبي إضافي”.
غير أن فيتش أشارت إلى أن مصر “ستظل تواجه تحديات كبيرة على مستوى الاقتصاد الكلي والموازنة، والتي من شأنها أن تفرض ضغوطا على الوضع الائتماني للبلاد”، وفق ما نقلته وكالة أنباء العالم العربي.
ووقعت مصر يوم 23 فبراير الماضي عقدا لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي بشراكة استثمارية مع الإمارات، فيما وصفه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بأنها “أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد”.
وقال مدبولي إن الصفقة ستتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، حيث تبلغ الدفعة الأولى 15 مليار دولار منها خمسة مليارات ودائع تنازلت عنها الإمارات، بينما تبلغ الدفعة الثانية 20 مليارا منها ستة مليارات ودائع متنازل عنها، ليكون صافي المُدخل الدولاري الجديد 24 مليار دولار.
وأعلنت الحكومة أن مصر تسلمت أمس 5 مليارات دولار أخرى من الإمارات، لتكتمل بهذا الدفعة الأولى من صفقة مشروع رأس الحكمة الذي ستحصل مصر على 35% من أرباحه.
وقالت “فيتش” إن حجم هذا الاستثمار الأجنبي المباشر كبير بالمقارنة مع توقعاتها حين خفضت تصنيف مصر الائتماني إلى -B من B مع نظرة مستقبلية مستقرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، موضحة أنها افترضت في ذلك الوقت أن مصر ستتلقى نحو 12 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو/ حزيران 2024″.
وأضافت “هذه الزيادة ستحسن كثيرا من وضع التمويل الخارجي الإجمالي لمصر، حتى في ظل تزايد الضغوط على ميزان معاملاتها الجارية جراء الصراع الدائر في غزة وتسبب جماعة الحوثي اليمنية في اضطراب الملاحة بقناة السويس”.
حافز لصندوق النقد
وتتوقع وكالة التصنيف الائتماني أن يؤدي تعزيز سيولة النقد الأجنبي في مصر إلى تسهيل عملية تعديل سعر الصرف وأن يحد من نطاق تحريكه ويقلل من المخاطر المترتبة على تقلبات العملة المفرطة.
وأشار تقرير الوكالة إلى أن تعديل سعر الصرف “سيوفر حافزا لصندوق النقد الدولي للموافقة على برنامج دعم معزز لمصر، والذي سيسهل بدوره تدفق تمويل إضافي من المؤسسات الأخرى المتعددة الأطراف والشركاء الرسميين”.
وتعاني مصر نقصا حادا في العملات الأجنبية على الرغم من خفض قيمة الجنيه المصري بنحو 50% منذ مارس 2022 وتوقيع القاهرة على حزمة إنقاذ جديدة مع صندوق النقد بثلاثة مليارات دولار في ديسمبر كانون الأول من ذلك العام.
وتشير تقارير إلى توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد لرفع قيمة البرنامج الحالي من 3 مليارات إلى أكثر من 10 مليارات دولار، مع قرب انتهاء الصندوق من المراجعتين المتأخرتين للاقتصاد المصري.
وذكرت فيتش في تقريرها أن زيادة التدفقات الرأسمالية بما في ذلك صفقة الاستثمار الأجنبي المباشر “قد تحد من التأثير التضخمي الإضافي الناجم عن ضعف السعر الرسمي للعملة إذا أدت إلى تقليص نطاق تعديل سعر الصرف اللازم لمعالجة الاختلالات في الموازين الخارجية”.
غير أن الوكالة توقعت أن يظل وضع الاقتصاد الكلي في مصر صعبا خلال السنتين الماليتين الحالية والمقبلة “مع ارتفاع التضخم وضعف النمو نسبيا، وإن كنا نتوقع أن يتجه التضخم نحو الانخفاض على أساس سنوي في النصف الثاني من السنة المالية 2023-2024”.
واختتمت تقريرها بالقول “يوفر الاتفاق صفقة رأس الحكمة متنفسا تشتد إليه حاجة مصر على صعيد التمويل الخارجي وفرصة لاستعادة الثقة، لكن استمرارية التحسن ستتوقف على تنفيذ إصلاحات للحيلولة دون تجدد الاختلالات، مثل تبني نظام سعر صرف أكثر مرونة وسياسات لتطوير قطاع تصدير أكثر قدرة على المنافسة”.