رئيس “الفيدرالي الأمريكي” يكشف أسباب تثبيت الفائدة للمرة الثالثة على التوالي

رئيس مجلس الفيدرالي الأميركي جيروم باول

حدد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، في مؤتمر صحافي الأربعاء 13 ديسمبر  أبرز العوامل التي بنى عليها الفيدرالي قراره بتثبيت أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي والرابعة هذا العام، والمؤشرات الاقتصادية المستقبلية، مشدداً على أن التضخم تراجع، إلا أنه لا يزال مرتفعاً.

وأشار باول  إلى أن “جهود البنك المركزي لتهدئة التضخم بدأت تترسخ”، على الرغم من تأكيده أنه “لا يزال هناك المزيد الذي يتعين علينا قطعه”.

وتابع: “لقد تراجع التضخم عن أعلى مستوياته، وجاء هذا دون زيادة كبيرة في البطالة.. هذا جيد جدًا.. لكن الفيدرالي الأمريكي لا يزال مرتفعا للغاية.. إن التقدم المستمر لكبح جماح التضخم ليس أمراً مضموناً.. والطريق إلى الأمام غير مؤكدة بعد”.

وأشار رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، إلى أن النمو الاقتصادي “تباطأ بشكل كبير” في الربع الرابع، موضحاً في الوقت نفسه أن البنك المركزي يرى أن الاقتصاد الأمريكي يفقد قوته في الأشهر الأخيرة من العام.

وقال: “تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن نمو النشاط الاقتصادي قد تباطأ بشكل كبير عن الوتيرة الضخمة التي شهدناها في الربع الثالث.. ومع ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي في طريقه للتوسع بنحو 2.5% للعام بأكمله”.

رفع الفائدة مرة أخرى!

وأوضح باول أيضاً أن النشاط في قطاع الإسكان قد “استقر” بعد انتعاشه خلال الصيف. وقال إن البيانات تشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى تباطؤ الاستثمار التجاري.

وأوضح باول، خلال المؤتمر الصحافي عقب الإعلان عن قرار الفدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة، أن اللجنة “على استعداد لتشديد السياسة بشكل أكبر”.

وأفاد بأنه “على الرغم من أن سعر فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يكون عند ذروته أو بالقرب منها في دورة التشديد هذه، إلا أنه لا يستبعد رفع سعر الفائدة مرة أخرى”.

واستطرد: “نحن على استعداد لتشديد السياسة بشكل أكبر إذا كان ذلك مناسبًا”. وأضاف أن البنك المركزي ملتزم في الواقع بتحقيق موقف من السياسة النقدية “مقيد بما فيه الكفاية” لخفض التضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 2٪ بمرور الوقت.

وشدد على أنه “على الرغم من أن المشاركين لا يرون أنه من المحتمل أن يكون من المناسب رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، إلا أنهم لا يريدون حذف هذا الاحتمال من على الطاولة”.

الركود لا يزال ممكناً

كذلك حذر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي، من أن الاقتصاد الأميركي لا يزال بإمكانه العودة بشكل غير متوقع إلى الركود على الرغم من مرونته في العام 2023.

وقال في هذا السياق: “ليس هناك أساس يذكر للاعتقاد بأن الاقتصاد في حالة ركود الآن.. أعتقد بأن هناك دائمًا احتمال بحدوث ركود في العام المقبل.. إنه احتمال ذو معنى بغض النظر عما يفعله الاقتصاد.. لذا فإن هذا احتمال حقيقي دائمًا”.

وشدد على أن القدرة على خفض التضخم مرة أخرى إلى 2٪ دون التسبب في ارتفاع كبير في البطالة يمكن وصفها بأنها “هبوط ناعم”، لكن باول ليس مستعدًا لوصف العملية بأنها ناجحة، معبراً عن ذلك بقوله: “هذه النتيجة ليست مضمونة. وقال باول: “من السابق لأوانه إعلان النصر”.

احتمال على الطاولة

لكن باول قال إنه لا يتوقع أن يكون هناك حاجة إلى مزيد من التشديد، مردفاً: “أعتقد بأنه من غير المرجح أن نرفع أسعار الفائدة، على الرغم من أننا لا نستبعد هذا الاحتمال من على الطاولة”.

وأوضح أن “تخفيضات أسعار الفائدة ستكون موضوعًا للمناقشة في المستقبل”، مشيراً إلى أن “معركة التضخم بعد، لكن صناع السياسات في البنك المركزي سيبدأون في مناقشة تخفيف السياسة وسط علامات على التباطؤ في كل من التضخم وسوق العمل”.

وبحسب باول، فإن ” مسألة متى يصبح من المناسب البدء في تقليص حجم القيود السياسية المعمول بها والتي بدأت تظهر للعيان، ومن الواضح أنها موضوع نقاش في العالم وأيضًا موضوع نقاش لنا في اجتماعنا”.

وأضاف: “أود أن أقول إن هناك توقعًا عامًا بأن هذا سيكون موضوعًا بالنسبة لنا في المستقبل”.

وفي سياق متصل، أوضح أنه “بشكل عام، كان تطور سوق العمل إيجابيًا للغاية. لقد كان الوقت المناسب للعمال للعثور على وظائف والحصول على زيادات قوية في الأجور”.

نمو الوظائف

وقال باول: “نرى أن نمو الوظائف لا يزال قويا ولكنه يعود إلى مستويات أكثر استدامة نظرا للنمو السكاني والمشاركة في القوى العاملة”، مضيفا أن ”عصر هذا النقص المحموم في العمالة قد أصبح وراءنا”.

وأضاف أن الأجور لا تزال أعلى مما يمكن أن يتوافق مع معدل تضخم بنسبة 2% – وهو مستوى التضخم الذي يستهدفه بنك الاحتياطي الفيدرالي – على مدى فترة طويلة من الزمن، لكنها بدأت تهدأ تدريجياً.

وأكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج إلى الركود لخفض أسعار الفائدة، مشدداً على أن الفدرالي مستعد لخفض أسعار الفائدة حتى لو لم ينزلق الاقتصاد الأمريكي إلى الركود في عام 2024.

وأضاف: “قد يكون ذلك مجرد علامة على أن الاقتصاد يعود إلى طبيعته ولا يحتاج إلى سياسة متشددة”.

وقد تخفف هذه التعليقات المخاوف من أن تعكس التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة انقسامًا في الرأي حول الاقتصاد بين أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي.

تثبيت الفائدة

وتماشى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وأبقى معدلات الفائدة كما هي دون تغيير، بين 5.25% و5.50%، وهو أعلى مستوى في 22 عاماً.

وتعد هذه هي المرة الثالثة “على التوالي” التي يقوم فيها الفيدرالي الأمريكي بتثبيت أسعار الفائدة، وذلك بعد اجتماعي سبتمبر ونوفمبر  الماضيين، فيما كان آخر رفع للفائدة في اجتماع يوليو  الماضي.

وضمن مساعيه لكبح جماح التضخم، رفع الفدرالي أسعار الفائدة 11 مرّة منذ شهر مارس (آذار) من العام الماضي 2022، عندما رفعها بمقدار 25 نقطة أساس إلى بين مستوى 0.25% و0.50% في المرة الأولى.

وخلال العام الماضي 2022 رفع الفدرالي الفائدة في سبع مناسبات، بينما رفعها العام الجاري 2023 أربع مرّات فقط بوتيرة أبطأ، كما قام بتثبيتها أربع مرّات، من بينهم ثلاث مرّات على التوالي (آخرها في اجتماع اليوم)، في ضوء العلامات المتزايدة على نجاح السياسة النقدية في إبطاء معدلات التضخم والذهاب به قرب المستوى المستهدف عند 2%.

ورفع الفدرالي أسعار الفائدة في المرّة الأخيرة في اجتماع يوليو  بعد رفعها بوتيرة سريعة تاريخياً منذ مارس من العام الماضي لكبح جماح التضخم الذي كان يبلغ حينها 8%، قبل أن يبلغ ذروته بعد ذلك في شهر يونيو عند 9.1%، ليبدأ في التباطؤ بعد ذلك اعتباراً من نوفمبر  2022.

وتباطأ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة الأميركية إلى 3.1% خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدعم من تراجع أسعار الطاقة بنسبة 5.4%.

دورة رفع الفائدة

وتشير غالبية التوقعات إلى انتهاء دورة رفع الفائدة، والاتجاه نحو خفضها بوتيرة معتدلة خلال العام المقبل 2024.

وقال اقتصاديون في تصريحات متفرقة لـ CNBC عربية، قبل قرار الفيدرالي، إن  دورة رفع الفائدة انتهت، وعلى الأرجح سيتم البدء في خفض الفائدة بحلول الصيف المقبل، لكن اللجنة قد تضطر للرفع من جديد إذا لزم الأمر، محذرين من أن التطورات الاقتصادية غير المتوقعة يمكن أن تغير الأمور.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حالة “عدم اليقين” التي تلف المشهد الاقتصادي العالمي، لا سيما في ضوء التطورات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها العالم.

وتترقب الأسواق، اجتماعي البنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا الخميس 14 ديسمبر.

سي.إن.بي.سي