تترقب سوق الدواء المصرية تحقيق نموًا كبيرًا في المبيعات بنهاية العام الحالي، مدفوعًا بتحريك متوقع لأسعار بعض الأصناف الدوائية التي ارتفعت تكاليف إنتاجها بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الخامات المستوردة على خلفية ارتفاع الدولار.
وتوقعت مصادر بسوق الدواء أن تتراوح مبيعات القطاع بين 140 و150 مليار جنيه بنهاية العام الحالي، مقابل نحو 118 مليار جنيه في 2022.
وقالت المصادر إن مبيعات الدواء بالسوق المحلية تنمو بنسبة تتراوح بين 10 و15% سنويًا في المتوسط، لكن هذه النسبة قد تتضاعف العام الجاري.
وأرجعت المصادر النمو المتوقع في المبيعات إلى زيادة مرتقبة في أسعار بعض الأصناف الدوائية التي تحقق خسائر للشركات بعد ارتفاع أسعار الخامات الدوائية التي يتم استيرادها.
وذكرت المصادر أن بعض شركات الدواء أرسلت طلبات لهيئة الدواء المصرية لتحريك أسعار بعض الأصناف الدوائية التي ارتفعت تكلفة إنتاجها الفترة الماضية.
نائب رئيس هيئة الدواء: تحريك أسعار بعض الأدوية أصبح ضروريًا في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج
وقال الدكتور أيمن الخطيب، نائب رئيس هيئة الدواء لـ«كابيتال»، على هامش مشاركته في مؤتمر نظمته شركة إيفا فارما الأسبوع الماضي، إن تحريك أسعار بعض الأدوية أصبح ضروريًا في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ولم يفصح الخطيب عن أية تفاصيل إضافية تخص استعدادات هيئة الدواء لرفع الأسعار، مكتفيًا بالقول “لدينا طلبات عديدة من شركات الدواء لإعادة النظر في أسعار بعض منتجاتها”.
وكان على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، قال في تصريحات صحفية قبل أيام، إن أكثر من 80 شركة أدوية تقدمت بطلبات إلى هيئة الدواء المصرية لزيادة أسعار بعض مستحضراتها.
وتوقع عوف أن تتراوح معدلات الزيادة بين 15 و20% لأدوية الأمراض المزمنة.
وبحسب عوف، شهد الشهر الماضى تحريك أسعار نحو 60 صنفًا، وتوقع زيادة أسعار 40 صنفًا خلال الفترة المقبلة.
كيف كانت مبيعات الدواء الربع الأول؟
ارتفعت مبيعات الأدوية في السوق المصرية 9% خلال الربع الأول من العام الحالي، لتسجل 29.3 مليار جنيه، بحسب تقديرات إحدى المؤسسات العالمية المتخصصة في المعلومات الصيدلانية.
واستحوذت شركات نوفارتس السويسرية، وجلاكسو سميثكلاين البريطانية، وسانوفي الفرنسية، وآمون وفاركو المصريتين، على قرابة ربع مبيعات السوق خلال الفترة من يناير إلى نهاية مارس.
وتصدرت نوفارتس قائمة الشركات الأعلى مبيعًا بحجم مبيعات تجاوز 1.7 مليار جنيه، يعادل 5.8% من إجمالي مبيعات السوق.
وجاءت جلاكسو سميثكلاين في المركز الثاني بحجم مبيعات 1.3 مليار وحصة سوقية 4.5%، متفوقة بفارق طفيف على سانوفي صاحبة المركز الثالث بحجم مبيعات 1.29 مليار جنيه وحصة سوقية 4.5%.
وفي المركز الرابع حلت شركة آمون بحجم مبيعات 1.23 مليار جنيه وحصة سوقية 4.2%، متقدمة على فاركو صاحبة المركز الخامس بحجم مبيعات 1.20 مليار جنيه وحصة سوقية 4.1%.
تطور مبيعات الدواء في مصر آخر 10 سنوات
نَمَت مبيعات سوق الدواء المصرية، بنسبة تتجاوز 400% آخر 10 سنوات، لترتفع من 22 مليار جنيه في 2012، إلى 118 مليارًا في 2022، بحسب بيانات رصدتها مؤسسة IMS العالمية للمعلومات الصيدلانية.
وتضاعفت مبيعات الدواء في السوق المصرية خلال الفترة من 2015 إلى 2017، إذ كسرت حاجز الـ61.6 مليار جنيه، مقارنة بـ31.7 مليارًا في 2015.
وقبل 2015، كانت مبيعات قطاع الدواء تحت سقف الـ30 مليار جنيه، حيث بلغت في 2012 نحو 22 مليار جنيه، ارتفعت إلى 25 مليارا في 2013، ثم إلى 27.4 مليارا في 2014.
ورغم أن مبيعات الدواء خلال السنوات السابقة للعام 2015 كانت ترتفع بقيمة تتراوح بين ملياري و3 مليارات جنيه، لكن الوضع اختلف بعد هذا العام، إذ ارتفعت 10 مليارات جنيه دفعة واحدة في 2016، ثم 20 مليارا في 2017.
وفي 2018 ارتفعت مبيعات الدواء بـ5 مليارات جنيه مقارنة بالعام السابق لها، قبل أن تقفز قرابة الـ11 مليارا في 2019.
وتراجعت وتيرة مبيعات الدواء في 2020، متأثرة بتابعات جائحة كورونا لتزيد 3 مليارات جنيه فقط مقارنة بعام 2019، قبل أن تتضاعف تلك الزيادة في 2021 الذي شهد ارتفاع مبيعات القطاع بقيمة تلامس 6 مليارات جنيه.
ماذا حدث في سوق الدواء آخر 10 سنوات؟
مرت سوق الدواء المصرية بحزمة متغيرات خلال السنوات العشر الماضية ساهمت في ارتفاع مبيعاتها لمستويات قياسية، أبرزها قراري رفع أسعار الدواء في 2016 و2017 والذين أدى إلى زيادة المبيعات 20 مليار جنيه دفعة واحدة (من 41.6 في 2016 إلى 61.6 مليار جنيه في 2017).
ويعد الدواء أحد المنتجات المسعرة جبريًا من الحكومة، إذ تلزم وزارة الصحة الشركات بأسعار تحددها هيئة الدواء قبل موافقتها على طرح الدواء في الأسواق.
وفي منتصف 2016، وافق مجلس الوزراء على رفع أسعار جميع الأدوية المسعرة بأقل من 30 جنيها بنسبة 20%، ومع مطلع العام التالي له 2017 وافقت وزارة الصحة على رفع أسعار أكثر من 3 آلاف دواء بنسبة تتراوح بين (30 إلى 50% للأدوية المحلية) و (40 إلى 50% للأدوية الأجنبية) لمساعدة الشركات على تجاوز آثار قرار تعويم الجنيه، الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة مع اعتماد قطاع الدواء على استيراد أغلب خامات إنتاجه.
وبخلاف قرارات رفع الأسعار، عززت أيضًا المستحضرات الدوائية الجديدة مثل الأدوية المعالجة لفيروس التهاب الكبد الوبائي”سي” عوائد الشركات خاصة أنها طرحت في بداية الأمر (عامي 2015 و2016) بأسعار مرتفعة قبل أن تنخفض تدريجيًا.
كما ساهمت الزيادة السكانية الطبيعية في ارتفاع معدلات استهلاك الدواء آخر 10 سنوات، علما بأن عدد سكان مصر ارتفع من 81 مليون نسمة في 2012 إلى 102 مليون نسمة في 2022 بزيادة 21 مليونا.